هل يحق للمحقق العدلي استدعاء رئيس حكومة؟

محمد شمس الدين

أصدر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، للتحقيق معه بقضية الانفجار، وذلك في 20 أيلول المقبل، الأمر الذي اعتبره رؤساء الحكومات السابقون إهانة علنية لموقع الرئاسة الثالثة، وإعلاناً مفضوحاً عن إدارة الملف من أروقة بعبدا.

كما راسل مجلس النواب النيابة العامة التمييزية وأكدَّ أنَّ هذا الإجراء لا يعود اختصاصه إلى القضاء العدلي وفقاً للمواد 70 – 71 – 80 من الدستور ووفقاً للقانون 90/13، وهذا الأمر موضوع ملاحقة أمام المجلس النيابي تمهيداً للسير بالإجراءات اللازمة.

من جهتهم، نواب اللقاء التشاوري أصدروا أيضاً بياناً ندّدوا فيه باستدعاء رئيس الحكومة، واعتبروا أنَّ البيطار لم يكن ليجرؤ على هكذا سابقة خطيرة لو كان دياب أميراً من أمراء الطوائف، مؤكدين أنَّ اتهام رئيس مجلس الوزراء بارتكاب الخيانة العظمى أو الإخلال بالواجبات المترتبة عليه خلال ممارسته عمله، لا يمكن أن يصدر إلا عن مجلس النواب. واستغرب اللقاء التشاوري كيف أن القاضي البيطار ترك من جلب الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وخزّنه في العنبر الرقم 12، ومن غطى وشارك على مدى سنوات في هذا الإهمال الذي تحول إلى جريمة بحق الوطن، مشدّدين على رفض التعرض لكرامة موقع رئاسة الحكومة واعتبارها مكسر عصا.

ماضي: دياب ليس لديه حصانة

أكدَّ مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي، في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أنَّ “المحقق العدلي يمكنه إصدار مذكرة إحضار بحق كل من تمكّنه صلاحياته من التحقيق معه، وبالتالي هو قانوناً يستطيع التحقيق مع رئيس الحكومة، الذي ليس لديه حصانة، وتحديداً الرئيس الحالي الذي لا يملك أي حصانة من مؤسسة أخرى (نائب، محامٍ)”. وأضاف: “أما من ليس لديه صلاحية في استجوابهم فلا يمكنه إصدار مذكرة بحقهم، مثلاً رئيس الجمهورية يستجوبه مجلس النواب، بينما النواب لا يمكن استجوابهم قبل رفع الحصانة عنهم”.

وعن تنفيذ مذكرة الإحضار، يشير ماضي إلى أنّه فور إرسال المذكرة إلى مخفر معين، تقوم القوى الأمنية بإحضار المطلوب قبل 24 ساعة من الجلسة وتستبقيه في المخفر إلى حين موعد الجلسة وتحضره أمام المحقق العدلي.

حبيش: الصلاحيات موضع إشكالية

من جهته، رأى عضو كتلة “المستقبل” النائب هادي حبيش أنَّ استدعاء رئيس الحكومة حسان دياب هو موضع إشكالية، وهناك وجهتا نظر في الموضوع؛ الأولى تعتبر أنّه يحق للمحقق العدلي طارق البيطار أن يستدعيه، أما الثانية فترى أنّه ليس لديه الصلاحية، والكتلة من هذا الرأي أيضاً، لكن للخروج من هذه الإشكالية يجب إقرار الاقتراح الذي قدمته الكتلة، الذي يُلزم الجميع من رأس الهرم إلى آخر مواطن بالمثول أمام المحقق العدلي، وهذا الاقتراح أُخذ من روحية الثورة “كلن يعني كلن”.

برأي حبيش، “تعدّد المحاكم والحصانات والأذونات يعرقل التحقيق الشفاف، فلا يجوز لقضية مثل انفجار المرفأ أن تنظر بها ثلاث محاكم مختلفة، المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، المحكمة الخاصة بالقضاة، والمجلس العدلي، لأنه ستصدر ثلاثة أحكام مختلفة في قضية واحدة وهذا غير منطقي، وهناك مسألة الحصانات والأذونات، فالنواب يتمتعون بحصانة نيابية، والقادة الأمنيون والمدراء العامون لا يمكن ملاحقتهم من دون الحصول على الأذونات المطلوبة، لذلك اقتراح كتلة المستقبل هو الأنسب، لأنه يلغي كل الحصانات والأذونات ضمنا، ويلغي أيضاً المحاكم الاستثنائية، ويوحّد المحكمة الناظرة بالقضية”.

صوان هو من طلب العريضة الاتهامية

“القاضي فادي صوان هو من راسل مجلس النواب وطلب منه عريضة اتهامية، يؤكد حبيش، وذلك بناء على أنَّ الجرم في القضية هو الإهمال، ولم يتصرف المجلس من تلقاء نفسه، وعندما قام بما طُلب منه، شُنّت عليه حملة “عريضة العار”، ثم أتى البيطار وطالب بمحاكمة رئيس الحكومة والوزراء السابقين بنفسه في تفسير مختلف للدستور، لذلك لا يُلام النواب والناس إذا القضاة مختلفون في ما بينهم”.

ويستغرب حبيش “الاعتراضات على اقتراح كتلة المستقبل بحجة أنه تعديل دستوري وسيحتاج وقتاً، فالاقتراح سيأخذ مجرى التعديل الدستوري لكنه ليس تعديلاً فعلياً، هو فقط تعليق للحصانات من أجل قضية انفجار المرفأ، مشيراً إلى أنَّ طلب القوات والتيار الوطني الحر رفع الحصانات عن النواب بجلسة عامة لن يرفعها فعلياً، فالنائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر هما محاميان، وبالتالي بعد رفع الحصانة النيابية عنهما تبقى حصانة المحامي، وعلى الرغم من إعطاء النقابة الإذن بملاحقتهما، إلا أنهما يستطيعان الاستئناف، وهذا بأحسن الأحوال سيأخذ سنتين من الوقت وقد لا يُبتّ”.

ويتابع: “يبقى نهاد المشنوق، الذي لا يمتلك غير الحصانة النيابية، ولا أدري إن كان هو الهدف من هذا الطرح. بينما طرح حزب الله هو إلغاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وبالتالي هدفه هو ضرب رئاسة الحكومة. هذه كلها حلول جزئية، وهي محاولات لضرب الخصوم وحماية المحظيين، لذلك في 15 تشرين المقبل، في الجلسة النيابية، سيتم التصويت على اقتراح كتلة المستقبل، وعندها سيظهر للرأي العام من الصادق بتحقيق العدالة لشهداء المرفأ، ومن يتاجر بدمائهم لغايات سياسية”.

شارك المقال