مستشار الفراغ لـ”السيد الرئيس”

الدوري
الدوري

البيان الأخير لمكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، أول من أمس، استخدم مراراً تعبير “السيد الرئيس” بشكل لافت. ولم يبَن أن استخدام هذا التعبير عفوي، أحدثه “كاتب” جديد في هذا المكتب، بل بدا بوضوح انه رسالة لمن يهمهم الأمر، ولمن يمكن أن يدرج “السيد الرئيس” في سياق نظام حكم “شقيق” خَبِرَ اللبنانيون طعمه المر الدموي عقودا طويلة، ومن “مزاياه” القاتلة الحكم طوال الحياة ثم التوريث.

“السيد الرئيس” ليس مصطلحاً مألوفاً في يومياتنا السياسية، على الرغم من انشغالنا بالألقاب، وجوباً أو الغاءً، ورميه الآن في التداول لا يمكن أن يكون بريئا أبدا.

البيان الأخير لمكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية كان للرد على متهمي “السيد الرئيس” بالتعطيل، خصوصاً في ما يتعلق بالتأليف الحكومي بعد التجربتين الفاشلتين للسفير مصطفى أديب ثم الرئيس سعد الحريري والآن الرئيس نجيب ميقاتي.

يطالب مكتب الاعلام لـ”السيد الرئيس” بالتوقّف عن اعتماد “لعبة التذاكي السياسي والخبث الموازي للدهاء من خلال التغطية على مشاكل داخلية لدى هذا الفريق او ذاك”.

بمراجعة سريعة لبيانات مكتب الاعلام في الرئاسة في الآونة الأخيرة، نجد بياناً سابقاً أكثر أيضاً من استخدام “السيد الرئيس”. كان ذلك في 27 آب الماضي بهدف الرد على بيان لـ”رؤساء الحكومة السابقين”.

البيانان عن “السيد الرئيس” يحملان الصفات النصّية عينها والمنطق عينه. فالجمل الإنشائية الفئوية، التي تجعل “رئاسة الجمهورية” طرفاً في تراشق سياسي وتقصف عشوائيا وبعنف “الأعداء” الشركاء في الوطن، من دون الحفاظ على هيبة “الحَكَم” وانما بهدف تحقيق مكاسب صغيرة في زمن الأزمات الكبرى.

في ثنايا هذين البيانين، اللذين يستهدفان تحديداً موقع الرئاسة الثالثة، ثمة رائحة مميزة لمستشار مميز في بعبدا. والتمايز هنا ليس بمعنى الايجاب.

في اللغة، المستشار هو اسم المفعول من استشار. وهو “العليم الذي يؤْخذ رأْيه في أمر هامٍّ علميّ أو فنيّ أو سياسيّ أَو قضائيّ أو نحوه”.

وفي قصر الرئاسة “أمور هامة كثيرة” هذه الأيام حيث الانشغال ليس بسياسة أمور الشعب وتخفيف مراراتهم، بل بسياسة “إدارة الفراغ” لتنقضي الولاية على العهد بوجود “السيد الرئيس” وحيداً في الشرعية فيطيب له التمديد والتمديد.

ومستشار السيد الرئيس “عليم” جداً بأمر الفراغ وفتاوى الخراب.

شارك المقال