مطالعات دستورية “برتقالية” مخالفة للدستور

محمد شمس الدين

ينشر فريق رئيس الجمهورية ميشال عون وجيش مستشاريه ووسائل إعلامه منذ مدة حكايا تتعلق بانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وما بعدها، وهي تنص على رفض تسليم عون السلطة وبقائه في قصر بعبدا، إن لم يكن هناك رئيس منتخب دستوريا عند انتهاء ولايته.

آخر فصول هذه الحكايا كانت من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية السابق القاضي بيتر جرمانوس، الذي أعلن أنه كان ساهم بإنتاج دراسة قانونية في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، تقول إنَّ حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولايته، وبناء على ذلك لا بد من أن يبقى الرئيس في منصبه إلى حين انتخاب البديل، مشيراً الى أنَّ هذا ما يجري التحضير له الآن.

هذا الإعلان أكدّه الرئيس سليمان، بتغريدة عبر حسابه على “تويتر”، ورد على هذا الخبر بالتالي: “عام 2013 جاء من ينصحني بتعقيد عملية تشكيل الحكومة كي أستمر في الرئاسة في ظل وجود حكومة مستقيلة. فشكرتهم للفت نظري وبما أنني لا أرغب بالبقاء عملت على تسهيل التشكيل وفي كل الأحوال هذه الفتوى لم أقتنع بها”.

استشارة غبّ الطلب

رداً على هذا الإعلان، قال مرجع دستوري كبير لموقع “لبنان الكبير”: “هذه استشارة غبّ الطلب، وإذا أقدم رئيس الجمهورية على هذه الخطوة، فهي مخالفة دستورية بكل الموازين، ويجب على الجهات المعنية محاسبته وطرده من قصر الشعب، لكن يجب أن نتذكر أننا في لبنان بلد العجائب، لذلك قد يتم الدوس على الدساتير والقوانين ولن يتحرك أحد”.

لا يمكن أن يبقى

من جهته، أكدَّ مدير “مركز ليبرتي للدراسات القانونية والاستراتيجية” الدكتور محمد ذكور، أنَّ “رئيس الجمهورية لا يمكن أن يبقى يوما واحدا في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته، مضيفا أن كل الكلام الذي يتم تداوله عن بقائه، وأنَّ أحدا لا يستطيع إخراجه هو هرطقة”.

وأضاف: “هذا الكلام ليس بجديد في لبنان، فالكلام عينه تم تداوله أيام الرئيس اميل لحود، وعلى الرغم من الدعم الذي كان يحظى به من قوى محلية واقليمية، إلا أنه عند انتهاء ولايته غادر القصر من دون أي بدع”.

ويشير زكور إلى أنَّ “رئيس الجمهورية كان لديه سلطة تنفيذية يسلّمها قبل دستور الطائف، وذلك بحسب المادة 17، أما بعد الطائف فالسلطتان منفصلتان، والرئيس سلطته معنوية فقط، والحكم هو فعلياً لمجلس الوزراء، وحتى لو كانت حكومة تصريف أعمال، فهي صاحبة السلطة التنفيذية في البلد”.

مجلس النواب معني بالتحرك

وفي حال أصرَّ الرئيس على هذا الخيار، اعتبر زكور أنَّ “هذه خسارة بالسياسة وبالشخصي، وعندها يجب على مجلس النواب التحرك واتهام الرئيس بمخالفة الدستور، ثم يحوله الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كما تنص المادة 80 من الدستور. إلا في حال كان هناك توجه للقيام بالبدعة القديمة عينها التي استخدمت أيام الرئيسين اميل لحود والياس الهراوي، حين اجتمع مجلس النواب وعدّل الدستور لمرة واحدة، ومدّد للرئيسين ولايتهما، وهي على الرغم من أنها بدعة إلا أنها سارت عبر الأطر الدستورية”.

ويشير زكور إلى “واقعة حصلت عند قرب انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل، حين اجتمعت القيادات المسيحية في بكركي، واختارت 4 أسماء ليكون الرئيس من بينها، لكن عندما ذهب أمين الجميل إلى سوريا حاملاً ورقة البطريركية، طرح نفسه كحل، عبر تعديل الدستور والتمديد له، لكن سوريا كان لها أهواء أخرى، إذ كانت متمسكة أيامها بمخايل الضاهر”.

“حزب الله” سيمنع المساس بحليفه

وأشارت مصادر مطلعة إلى أنَّ “فكرة اجتماع مجلس النواب لاتهام رئيس الجمهورية بخرق الدستور في لبنان هي محض وهم، وتحديدا الرئيس عون المدعوم من “حزب الله”، الذي سيستعمل نفوذه الداخلي والإقليمي لمنع المساس بحليفه، حتى لو خالف الدستور واحتل قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته”.

وتلفت المصادر إلى “أننا في زمن شريعة الغاب، لا قوانين ولا دستور يُحترم، بل تنتشر ثقافة الدراسات غبّ الطلب، عبر شعراء البلاط، الذين يضطلعون اليوم بدور الدستوريين والقانونيين”.

الدستور والقانون في لبنان أصبحا وجهة نظر، وتحديدا في هذا العهد المدمر الذي وفى بوعد وحيد من كل وعوده، وهو إيصال لبنان إلى جهنم. ويبقى على التاريخ الحكم على جيوش شعراء البلاط من دستوريين وقانونيين، الذين ينشرون الهرطقات الدستورية من أجل مصالح أربابهم السياسية.

شارك المقال