“قيصر” بين “السيدين الرئيسين”

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

كثرت الصور اللافتة في الأيام القليلة الماضية. صور ذات دلالات لا تبشر بالخير أبداً، ما دام النظر إليها ليس من منظار الممانعة، ولا من باب الرغبة الزائدة في هذه الأيام بالتوجه شرقاً، ولا من منطق التهليل لـ”العصر الأفغاني” الجديد الذي أطلقه الرئيس الأميركي جون بايدن بالخروج الملغوم من أفغانستان، وكان تفسيره تراخي قبضة “الشيطان الأكبر” العسكرية على المسرح الدولي لمصلحة الخصوم.

صورة: الوفد الوزاري اللبناني في دمشق محاطاً بعلمين سوريين. زلة بروتوكولية؟ بالتأكيد لا. لا يخطئ العقل السوري ببساطة في الموضوع اللبناني. ما زال هذا العقل محكوماً بذاكرة “لبنان محافظة سورية”. ومن الطبيعي الا يستنكر “العقل اللبناني” الحاكم هذا الخطأ إذ هو مسكون بذاكرة “لبنان تحت الوصاية السورية”، فلا يعود للعلم تلك الحساسية الوطنية.

وبذا تتحول الصورة من دون العلم اللبناني من واقعة معلنة عن التوجه لاستجرار الطاقة عبر سوريا، الى حقيقة مضمرة لكن صريحة بالتوجه لاستجرار الوصاية السورية.

صورة: المير طلال أرسلان مع وفد من رجال الدين الدروز عند “السيد الرئيس” بشار الأسد.

صورة: “السيد الرئيس” السوري يتوسط أرسلان ووهاب مع عدد من اتباعهما في دمشق.

الصورتان الدرزيتان، على وقع قهقهة وهاب، هدفتا الى إظهار بدء موسم حج “ورثة” الوصاية الى المقر الرئيسي مجدداً بأمل تفعيل التأثير السوري بالوقائع اللبنانية المغلقة حاليا عند أبواب حكومة “ممنوعة من الصرف” و”حكومة ممنوعة من التشكيل” بسبب رغبة “بي الكل” في حساباته من أجل “صهر العهد الأسود”.

صورة: “السيد الرئيس” مستقبلاً وفداً من الشباب في بعبدا، متحدثاً عن المسؤوليات في ما وصل اليه اللبنانيون في عهده وعن وجوب المحاسبة.

أهمية صورة “السيد الرئيس” اللبناني مع الشباب ليس في ما قيل خلال اللقاء، بل في توقيته وكأن حدثاً كبيراً مرتبطاً به استدعى أن يعمل “جد الكل” حتى يوم الأحد، فيما يجب أن يرتاح.

فـ”السيد الرئيس” الذي لا يفوت جهدا لعرقلة الحكومة يتصرف وكأنه “وزير كل الوزارات” يتكلم ويوجه في كل الأمور: سياسة، اقتصاد، مال، تعليم، أسواق، طاقة، تاريخ، وجغرافيا… الخ.

والأكثر أنه يريد أن يظهر أنه ولو صار “جد الكل” ما زال شعلة نشاط يعمل على مدار الأسبوع، ليلا ونهارا، وحتى أيام الأحد.

“جد الكل” يريد إفهامنا انه هو “الدولة… كل الدولة” فما حاجتنا الى حكومة وبرلمان ومؤسسات. هو الكل بالكل.

“السيد الرئيس” اللبناني، الذي يتباهى أتباعه بأنه انتقم أخيراً من الطائف/الدستور، له في “السيد الرئيس” السوري أسوة كافية، خصوصاً في هذه الفترة حيث يعتبر كثيرون أن “القيصر الأميركي” خفّف شروطه على نظام الأسد متيحاً له استجرار التطبيع، وموفراً له طاقة جديدة.

صور الزيارات اللبنانية الثلاث إلى دمشق، في زمن ارتخاء “قيصر” واستقواء “رئيسي”، يمكن أن تؤسس لافتراض إمكان زيارة عونية الى “قصر الشعب” لاعلان النصر البرتقالي على الدستور والانتقام البعثي من حقبة ما بعد 14 آذار اللبنانية.

ثم إن الرئيسين اللبناني والسوري محكومان بسقف الـ”رئيسي” الإيراني.

شارك المقال