fbpx

إعادة بناء هيكلية “الحزب” (3)… القيادة بين أن تكون “جماعية” أو يمارس قاسم صلاحياته

زياد سامي عيتاني
تابعنا على الواتساب

“ضربتان على الرأس توجع”.. هذا المثل الشعبي خير تعبير عما تعرض له “حزب الله” في أقل أسبوع. بات من المؤكد أن العدو الاسرائيلي يشن حرب تفكيك عن طريق التدمير لكل منظومات الحزب القيادية والعسكرية واللوجيستية، بهدف شل قدراته، لفرض شروطه في أي إتفاق (ما زال بعيداً)، بشأن وقف اطلاق النار على الجبهة اللبنانية-الاسرائيلية.

ولا تترك إسرائيل مجالاً للحزب لإلتقاط أنفاسه، فبعد أيام معدودة من إغتيال أمينه العام، وفي الوقت الذي كانت كل التحليلات تجمع على أن الإتجاه داخل الحزب الى رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين أميناً عاماً للحزب خلفاً للشهيد حسن نصر الله، باغتت المقاتلات الاسرائيلية بقصف عنيف وبأطنان من المتفجرات الخارقة للتحصينات الضاحية الجنوبية، (وصفت هذه الغارات بأنها أضخم من تلك التي اغتيل فيها نصر الله في 27 أيلول الماضي)، ليتبين إستهدافها لصفي الدين، ما يؤكد أن القيادة الاسرائيلية اتخذت قراراً صارماً باستهداف جميع أركان “حزب الله” وقياداته.

وما توقف عنده المراقبون والمتابعون بإستغراب شديد، هو مواصلة قيادات “حزب الله” اجتماعاتها في الضاحية الجنوبية، قبل تمكنه من إكتشاف “الفجوات” الأمنية المميتة، التي أدت إلى كل هذا الانكشاف أمام إسرائيل، علماً أنه يفترض أن تكون هناك مراكز للقيادة البديلة توضع أثناء التخطيط للحرب، لأن الضاحية الجنوبية لبيروت مستهدفة ومكشوفة للاحتلال الاسرائيلي في باطنها أكثر من سطحها وسمائها، الأمر الذي يطرح سؤالاً بديهياً عن سبب عدم استخدام الحزب خيارات أخرى ومنها الخروج خارج لبنان؟

الاستراتيجية الاسرائيلية في هذه المرحلة تتركز على مسألتين:

– الأولى أن تمنع “حزب الله” قدر الإمكان من أن يقوم بترميم الأضرار الناجمة عن الضربات التي وجهت إليه، (لديها قراءة أن الحزب لا يمكنه أن ينتقل من المستوى الحالي في المواجهة مع إسرائيل إلى مستوى آخر إلّا من خلال ترميم الصفوف التنظيمية).

– الثانية من خلال الضربات المتواصلة ضد “حزب الله” وحديثها بداية عن عملية برية “محدودة ومحددة”، تهدف إلى تدمير المواقع العسكرية وبعض الأنفاق ومخازن الصواريخ التي بحوزة الحزب، ثم تنسحب وتعيد تكرار مثل هذه العمليات مراراً.

بعد هذه النكسات على أرفع وأعلى مستوى في الهرمية القيادية لـ “حزب الله”، السؤال المركزي الذي يفرض نفسه من سيقود الحزب في أعتى حرب يتعرض لها، خصوصاً بعد إغتيال أمينه العام وخليفته؟ هناك إجابتان مختلفتان في هذا الإطار، لكل واحدة مبرراتها وذرائعها المنطقة:

١)على الحزب في هذه المرحلة الاستثنائية أن يبقي منصب الأمين العام حالياً شاغراً، والتحول نحو “القيادة الجماعية”، التي تتمثل حالياً في “مجلس الشورى”، الذي تتفرع منه المجالس الخمسة: التنفيذي، القضائي، البرلماني، السياسي والجهادي، وذلك تجنباً لعملية إغتيال “محتملة” لأي شخصية قيادية يتم تعيينها في منصب الأمين العام، خصوصاً وأن “مجلس الشورى” يتمتع بصلاحيات واسعة، أبرزها: “تولي القيادة ووضع الخطط واختيار المسؤولين الأساسيين في المناطق والوحدات واتخاذ كل القرارات الأساسية”.

٢)تولي الشيخ نعيم قاسم صلاحيات الأمين العام، بصفته نائباً له، من دون حاجة إلى أي إجراء تنظيمي، إذ ان هذا الخيار الأكثر واقعية ومرونة في هذه المرحلة، لأن إعتماد “القيادة الجماعية”، من شأنه أن يجعل إحتمال فقدان القدرة على الاجتماع، وبالتالي الاتصال بين قيادات الحزب مرجحاً، خصوصاً بعد الإنكشاف الأمني الكبير للحزب.

الحزب على المستوى القيادي يمر بفترة بالغة الصعوبة، فكلا الخيارين محفوفان بالمصاعب والمخاطر، ما يجعله يدخل في دوامة التخبط على مستوى قمة الهرم، في وقت أن خططه التي تعتمد على “اللامركزية العسكرية”، تبقي قدراته العسكرية والقتالية فاعلة لجهة التصدي للتوغل البري، فضلاً عن مهاجمة الداخل الإسرائيلي بما في ذلك المنشآت العسكرية والحيوية من خلال منظومته الصاروخية، على الرغم مما لحق بها من خسائر، لكن اذا ما طالت الحرب (وهذا ما هو متوقع)، فإن القيادة المركزية تصبح أكثر من ضرورية لتظهير المعطى السياسي وترجمته عسكرياً، كي لا تفلت الأمور عن السيطرة التنظيمية.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال