السنّة محور الحلّ

محمد نمر
محمد نمر

لماذا دعم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟ هل الحكومة ملغّمة عونياً بثلث معطّل؟ هل لـ”حزب الله” الأكثرية؟ ما الذي أعطى الضوء الأخضر للتشكيل؟ هل تستطيع حكومة ميقاتي أن تقلب المشهد في لبنان وتخرجه عن سكة “جهنم” التي وضعه عليها رئيس الجمهورية ميشال عون و”حزب الله”؟ هل هي الحكومة التي يحتاجها البلد؟

هي أسئلة محقة وطبيعية، خصوصاً من السياديين في البلد. لكن السؤال الذي غاب عنه الجميع: هل يريد اللبنانيون حكومة أم لا؟ وتضاف أيضاً اسئلة ترتبط بدور الرئيس سعد الحريري في التشكيل، وكيف تعاطى السنّة ممثلين بـ”المستقبل” ورؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى؟

أسئلة كثيرة، وهناك من تسرّع في الاجابة عنها، من أصحاب أجندة باتت معروفة: “سقوط الهيكل”، أي رجم كل شيء وبأي شيء. منطق الرجم العشوائي انتهجته أيضاً مجموعات ثورية ولم تصل إلى أي نتيجة. بل ثمّة مسؤوليات يجب أن يتحملها “الفوضويون” إلى جانب العهد وحلفائه في ايصال البلاد إلى هذا الحال. في كل الأحوال هذا نقاش يحتمل الكثير من القراءات.

بالعودة إلى السؤال الأساس، الذي التفّ حوله الجميع أمس: هل أعطى ميقاتي الثلث المعطّل لعون؟ الجواب كان كافياً من ميقاتي نفسه: “أنا معي الثلثين… ولا ثلث معطلا في الحكومة”. وفي الشكل إن “الوطني الحر” وليس “ميشال عون” (لا حصة لرئيس الجمهورية) حصل على 8 وزراء من ضمنهم وزير درزي يتبع لإرسلان وآخر مسيحي للطاشناق فقط، أما الاسمان المسيحيان: جورج كلاس ونجلا رياشي فإن ميقاتي من طرحهما، ومن ينقّب قليلاً عن الاثنين يكتشف ابتعادهما عن كل مرض عوني.

هذا في الشكل أما في المضمون فتبقى “الأثلاث المعطلة” مرهونة بنوايا الوزراء والأحزاب المتحالفة.

أما عن حجم “حزب الله” وحلفائه، فمن الطبيعي أن تكون الأكثرية داعمة لسلاح “الحزب”، وأي حكومة لتحظى بثقة مجلس فيه أغلبية للحزب ستكون الأكثرية فيه على هذا المنوال، إلى متى؟ إلى حين اجراء انتخابات نيابية من شانها أن تغيّر الأكثرية في المجلس وتنعكس حكماً على شكل الحكومة، وهذا ليس سهلاً ما لم يعاد ضخ الدعم السياسي للقوى السيادية في البلاد، مقابل الدعم المتواصل لـ”حزب الله”.

بعيداً من هذه المقاربة، هناك ما يجب تسجيله:

أولاً: نجح الرئيس ميقاتي في “تدوير الزوايا” وتشكيل حكومة بعد 13 شهراً من التعطيل الممنهج من رئيس الجمهورية و”حزب الله”.

ثانياً: تشكيل الحكومة أنهى الفراغ في سدة الرئاسة الثالثة، وأعاد لها الحياة بعدما عبث فيها الطرفان (عون و”حزب الله”) في حكومة حسان دياب.

ثالثاً: تشكيل الحكومة بدعم من رؤساء الحكومات السابقين قطع الطريق على السيناريو العوني بفرض الفراغ على المواقع الدستورية ليبقى عون لمدة سنة “الحاكم بأمر حزب الله”.

رابعاً: عدم تشكيل الحكومة كان سيقضي على استحقاق الانتخابات النيابية في موعدها، وتشكيلها قطع الطريق على الممددين.

خامساً: سحب ورقة عون غير الدستورية الممثلة بإدارة البلد بـ”المجلس الأعلى للدفاع” وتبخّر مشروعه القاضي بأن يحكم البلد وزمرته عبر “مجلس عسكري”، وبالتالي إن تشكيل حكومة ميقاتي يعني عدم تسليم البلد إلى عون وصهره.

13 شهراً وكان عون يسرح ويمرح وحده وبدعم “حزب الله” في الحكم. طرفان غير مرحب فيهما دولياً أو اقليمياً، فلا باسيل قادر على أن يجول في العالم بحثاً عن مساعدات ودعم للبنان وحدوده القصوى هي دمشق، ولا “حزب الله” الثابت على لوائح العقوبات والارهاب قادر على الخروج من وإلى دول غير دول محوره المحاصرة، يبقى ميقاتي المدعوم من الحريري قادراً على هذ المهمة.

في الخلاصة، الطرف السياسي السني هو القادر على ركوب الطائرة وتأمين الدعم للحكومة، وهو الوحيد الذي دفع البلاد إلى تشكيل الحكومة. فلولا اعتذار الحريري وتسميته ميقاتي لما تشكلت حكومة، ولولا غطاء رؤساء الحكومات السابقين لما حظي ميقاتي بهذا الدفع… فالمعادلة واحدة: السنّة يتقدمون الصفوف الأولى للحلّ في لبنان، إلى جانب أفرقاء من بقية الطوائف أدركوا أن أجندة عون الوحيدة هي الفراغ والخراب.

شارك المقال