الحرباء

علي نون
علي نون

يغيب عن السمع والنظر فترة ثم يعود إلى ممارسة مهنته الأحب على قلبه كمحام للشيطان ليس إلا.

كريم بقرادوني منظّر سياسي من نوع خاص… يقول ما لا يؤمن به، ويستطرد في تحليل وشرح ما لا يعتقده في دواخله وحقيقته المضمرة كأنه لا يشبع من تقديم أوراق براءته من تهمة أو احتمال تهمة مسلطة عليه من الذين يدافع عنهم بحرارة المنافق الحصيف!

يدعو الى التنسيق مع بشار الاسد ولا يرضى بمجرد الانفتاح المعمول به راهناً تحت وطأة الحسابات الكهربائية! وهو الذي يعرف جيداً أن القرار الاميركي الذي سمح بإتمام زيارة الوفد الرسمي الى دمشق، لا يتصل بالاسد بقدر اتصاله بلبنان، ولا يسمح بالاستطراد على الطريقة الأسدية المألوفة ولا على الطريقة التي يسعى الى تسويقها أتباع نظام دمشق في نواحينا، ولا علاقة له بالتأكيد بحفلة التشبيح الاعلامية الممانعة الفالتة على مداها بهدف الإيحاء بأن الزمن الاول لم يتحول، وان الاسد لا يزال يملك ما يمكّنه من العودة الى شيء من النفوذ الموؤود في لبنان، وهو الذي فقد جلّ نفوذه في سوريا عينها!

يعرف المحامي بقرادوني انه يحاجج وينافح في قضية خاسرة سلفاً وحكماً، لكنه لا يرتدع ولا يحترم الناس واوجاعهم ومصاعبهم وهمومهم، ولا يهتم في واقع الحال سوى بتقديم المزيد من الولاء البراني على حساب الحقيقة والضمير وموجبات الوطنية حتى في أدنى مراتبها. وهو في ذلك يثبت غرامه بالألوان والتلوين: يدهن شخصيته باللون المناسب للمرحلة وظروفها وشروط السلامة فيها، ولا يتردد في تفخيم طروحاته للتغطية على وضاعة مضمونها وعلى تهافت منطقها وعلى غربتها الأكيدة عن الحس العام… ولا يخجل من حقيقة ان الجمهور الأصلي، الممانع، وصل الى خلاصات متقدمة عن خلاصاته، ولا تسر الخاطر. وكفر أو يكاد، بالأثمان التي تحمله إياها منظومة “الانتصارات” نتيجة حروبها ومعاركها المفتوحة في كل اتجاه ومن بينها الدفاع عن نظام بشار الاسد فيما الانكسار يطال كل أسباب العيش ومتطلباته وبديهياته، والمهانة ضاربة اطنابها، والذلّ في ابهى تجلياته، والعوز في ذروة سريانه، والقهر طاغ ومستبد!

كأنه يعيش في كوكب آخر مسيو بقرادوني… ولا يرى ولا يسمع ماذا جرى في سوريا ومع اهلها، وفي لبنان ومع اهله، بل وفي كل دولة حطّ فيها محور الأمجاد والبطولات والعز والكرامات الموفورة! ثم كأنه قصير النظر سياسيًا ويستمتع بالغدر بعقله اولاً وبعقول الناس ثانياً: يعرف ويحرف، يتذاكى ويتباكى، ويزايد بانتهازية لا تليق بأحد!

قارىء سياسي أحول مسيو بقرادوني: ينظر ولا يرى، يسمع ولا يتعظ، ويحاول تسويق المستحيل باعتباره ممكناً وواقعياً، وهو في ذلك يشبه الذي يكذب ثم يصدق حاله او بالاحرى يحاول الايحاء بأن عقله يصدّق لسانه فيما هما في واديين لا جسور بينهما.

لو يحترم نفسه وتاريخه ووطنه ورفاقه الأوائل لكان آثر أن يبقى منزوياً ويخرس… وليته يفعل!

شارك المقال