هل تبقى الطاقة رهينة جبران باسيل والمستشارين؟

فدى مكداشي
فدى مكداشي

انتظر اللبنانيون تشكيل حكومة جديدة وعينهم على وزارة الطّاقة والوزير العتيد. لقد كانت هذه الوزارة طوال 12 عاماً مصدر معاناة اللبنانيين ومزاريب الإهدار الذي فاق كل التوقّعات، فتحت عنوان “لبنان بلد نفطي” خسر لبنان 50 مليار دولار إضافة الى كل مصادر الطاقة والنفط.

أصبحت الكهرباء بمثابة هديّة للبنانيين ساعة كل 24 ساعة، ومعها أصبحت صفيحة البنزين كالعملة النّادرة يفوز بها اللبناني بعد سلسلة من المعاناة تبدأ منتصف الليل وتنتهي منتصف النهار التّالي، علماً أن وزارة الطّاقة كانت كرّرت وعودها طوال الـ12 عاماً بنعيم الكهرباء وتوفّر الطّاقة بما فيها مصادر الطّاقة البديلة المستدامة.

إنّ مجرّد تسمية وزير على رأس هذه الوزارة لن يكون بمثابة الحل السّحري لأزمات اللبنانيين فالمطلوب تغيير في النهج والأداء والسياسات المتّبعة طوال الفترة السّابقة إذا لم نقل تغيير الجهة الرّاعية لهذه الوزارة. لقد أثبتت وقائع السنوات الماضية أن الجهة التي هيمنت على وزارة الطّاقة وسياسات الصفقات والسمسرة التي اتبعتها أدت الى ما نحن عليه اليوم إذ تحوّلت وزارة الطّاقة بلا طاقة وبلا حياة.

اليوم ومع تعيين وزير جديد يجب أن يترافق ذلك مع تغيير كامل للسياسات المتّبعة وإزاحة الفشل المتراكم عن كاهل هذه الوزارة وإلا سيخسر اللبنانيون ساعة الكهرباء وصفيحة البنزين المتبقّيتين لهم.

تحديات وتوقّعات

في هذا السّياق، كان النائب في كتلة التنمية والتحرير محمد الخواجة أطلق صرخة لمساءلة وزير الطاقة السابق ريمون غجر بدءاً من اتفاقية الفيول مع العراق والغاز مع مصر. وفي حديث خاص لموقع “لبنان الكبير”، أشار النائب خواجة الى أنه “في شأن الاتفاقية مع العراق، تمت مساءلة الوزير عن الشركة الإماراتية التي فازت بالمناقصة وعما إذا كانت التغذية الكهربائية ستتحسن مع دخول النفط العراقي والى أي مدى ستستمر. أما بالنسبة إلى زيارة الوزير إلى سوريا والأردن تحت عنوان استجرار الكهرباء والغاز المصري، فقد طرحنا عليه أسئلة عديدة حول كيفية الاستفادة من هذه المصادر خصوصا بعدما أعلن الأردن أنه سيبيع لبنان حوالى 250 ميغاواطا ستمر عبر سوريا، مؤكداً أهمية ان نعرف الفترة المطلوبة من أجل التصليح وما هي الكلفة وكيفية تأمينها خصوصاً أنه كثر الكلام في الفترة الأخيرة عن أن خطوط النقل معطلة في سوريا جراء المعارك التي خاضتها”.

وعن توقّعاته بشأن الوزير الجديد وإذا كان مختلفاً عن توجهات زملائه الوزراء السابقين في “التيار الوطني الحر”، اعتبر الخواجة أن “الأمل ضئيل”، متمنياً أن “تتغيّر السّياسات المتبعة منذ ١٢ سنة وأن يتعلموا الدرس الذي يدفع ثمنه حالياً اللبنانيون وهو الكهرباء والتي استنزفت جزءاً كبيراً من أموالنا وحملتنا جزءاً كبيراً من مديونيتنا”.

ورأى أن “أداء وزارة الطاقة والوزير الجديد يجب أن يكون مبنياً على خطة مدروسة واضحة تقوم على إنشاء معامل لإنتاج الطاقة الكهربائية وتطويرها وتراعي المعايير الحديثة وتقدم أفضل جودة بأسعار أقل، مؤكداً ضرورة إيجاد حلول جذرية وأولها تغيير سياسة إنتاج الكهرباء من البواخر التي تعطينا ساعة أو ساعتين فقط خلال النهار وتغيير سياسة الفيول أويل، إذ إن كل كيلوواط يكلّفنا أكثر من 20 سنتاً، لافتا إلى أن شركة “سيمنز” الألمانية كانت قدمت مشروعاً في الجنوب والشمال يزوّدنا بـ1100 ميغاواط، معتبراً إياه نقلة نوعية بالتغذية الكهربائية تسمح لنا ببناء معامل على الغاز والتي لا يتعدى الكيلوواط الـ7.1 سنتات أي نصرف حوالى الثلث بدلاً من أن تكلفنا الكهرباء ملياري دولار سنوياً، وتالياً يمكننا أن نعمل بـ700 أو مليار دولار على مدار السنة. وهكذا، نحل أزمة المواطن الذي يتصارع يومياً مع أصحاب المولدات الذين زادوا التعرفة بشكل جنوني، إذ بات تشغيل خمسة أمبير من الكهرباء يعادل مليوني ليرة لبنانية”.

الخطوات المطلوبة

وعن الخطوات التي يجب أن تعتمدها الوزارة لإعادة إحياء القطاع بعدما شُلّت كل القطاعات الإنتاجية، رأت المستشارة القانونية في شؤون الطاقة كريستينا أبي حيدر في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير” أن “موضوع الكهرباء هو بمثابة تحدٍ للحكومة الجديدة وباب للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، إذ إن أحد الشروط الأساسية هي تطبيق الإصلاحات، خصوصاً أن الكهرباء استنزفت مليارات الدولارات من الخزينة وهي أحد الأسباب الأساسية للعجز”.

وأوضحت: “تطبيق الإصلاحات يتطلب البدء بتطبيق القانون الذي يعود لعام 2002 ويحمل رقم 462، ومن ثم تنفيذ القانون عبر تعيين هيئة ناظمة للكهرباء شرط أن لا تكون التعيينات كما حدث في الحكومة السابقة وفق المحاصصات السياسية بل أن تكون مستقلة من دون إجراء أي تعديل للقانون وهذا أول شرط وفقاً لمعايير الشفافية والكفاءة وهو أول امتحان أمام وزير الطاقة الجديد. كما أنه علينا أن نفصل كل أنشطة الكهرباء عن بعضها البعض بطريقة شفافة ونعمل على تمتين هذه المؤسسة والعودة دومًا إلى دائرة المناقصات. وعلينا البدء بتطبيق قانون الشراء العام الذي طعنت به الجهة السياسية عينها وهو قانون مهم لناحية البدء بمسار الإصلاحات”.

أما في شأن موضوع استجرار الغاز المصري، فشددت أبي حيدر على “ضرورة الاستمرار بالتفاوض مع البنك الدولي لكي نرى آلية التمويل من أجل إعادة تأهيل الأنابيب ودفع ثمن الغاز”. وعن النفط العراقي، قالت: “للأسف لا تزال الاتفاقية غامضة، إذ لا نعرف الكميات المتوافرة على مدّة سنة، بدأنا بأول صفقة رسيت على شركة إماراتية تريد أن تُفعّل أوّل تبادل قبل وصول النفط العراقي إلى لبنان ومن ثم يتم تزويده بالنفط الخام والأسود ومن بعدها تقوم هذه الشركة باستبداله بالنفط الصالح لتشغيل كهرباء لبنان”.

وأكدت “على ضرورة أن نتأكد من الكميات، بخاصة أنه مع آخر هذا الشهر تنتهي سلفة المليون دولار أميركي التي أمّنها مصرف لبنان لمؤسسة كهرباء لبنان والبواخر ستخرج من لبنان، وبالتالي الأسبوع المقبل سيكون حافلاً بالتّحديات أمام الحكومة الجديدة ووزير الطاقة تحديداً، خصوصاً أن هناك تحضيرات لرفع الدعم عن المحروقات النفطية أي أننا سنقع أمام كارثة مع المولدات الخاصة وغيرها من العقبات التي تتعلق بالشّح في التمويل، مما انعكس سلباً على مؤسسة كهرباء لبنان التي باتت تفتقر لكل أعمال الصيانة والتشغيل للمعامل”.

شارك المقال