وزير “الحفاضات”… يحتاج مصحّة سياسية!

نور فياض
نور فياض

تميّز عهد الرئيس ميشال عون بالغرائب. مرحلة عونية نتوقّع فيها تصريحات لا يمكن استيعابها، فلطالما اتّخذ العونيون أغرب المواقف التي تتضمّن آراء وعبارات تصدم الرأي العام، لا تخلو من الطائفية، وموقّعة من رأس الهرم العوني الى أسفله. فمن ينسى الوزير السابق غسان عطاالله وإعلانه أنّ المسيحيين لا ينامون في الجبل خوفاً من الدروز؟ ومن ينسى تصريحات ماريو عون المتعلّقة بالحرائق عند المسلمين والمسيحيين؟ أما رأس التكتل جبران باسيل فحدّث ولا حرج، من حديث عن استعادة عظام، إلى تعابير طالت رموزاً سياسية.

أخيراً، استُعيدت عبر مواقع التواصل فيديوهات لوزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار المسمّى من رئيس الجمهورية والمحسوب على “التيار الوطني الحر” في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أثارت موجة سخرية كبيرة لدى اللبنانيين، خصوصاً تلك المتعلّقة بكيفية تحدّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إذ شجّع حجار اللبنانيين على الاقتداء بالصين وعدم استعمال الحفاضات، بل استبدالها بـ”الفوط”.

فقد تداول ناشطون على مواقع التواصل تصريحاً إذاعياً للوزير حجار “اللي ما اله بالقصر من مبارح العصر”، يقول فيه: “حتى اليوم الشعب الصيني لا يستعمل الحفاضات، الامبراطورية الصينية الاقتصادية. البديل هو ما كنا نستعمله في الماضي: فوط يمكن غسلها. كذلك يمكن الاستعاضة عن المحارم الورقية بفوط يمكن غسلها وكيّها وإعادة استخدامها. نحن أمام حرب اقتصادية. الليرة يجب أن تكون مخصّصة للحاجة القصوى. الحفاضات والمحارم الورقية ليست الحاجة القصوى”. أهكذا يبشروننا بافتتاح العصر الحجري الذي سيعيدنا إليه عون وصهره وكل من يحيط بهما… وإذا لم يعجبنا، فلا حل لدينا سوى أن “نهاجر”، وفق مقولة عون.

“غريب أمر هذا التيار العوني، الذي يسير عكس التيار، إذ عادةً ما تقدّم الأحزاب خيرة من تملك من كفاءات للتوزير، إلا هم. ولعل آخر النماذج المنفّرة، هذا الوزير الذي بات “مسخرة” الشعب اللبناني، و”مفخرة” التيار الوطني الحر الذي أتى به وزيراً”، بهذه السخرية وصف منسّق الإعلام في “تيار المستقبل” عبد السلام موسى لـ”لبنان الكبير” حالة حجار. وأضاف: “من سوء حظ اللبنانيين، أنّ هذا الوزير وأمثاله يُمثلون مدرسة جبران باسيل الطارئة، وإذا كان رب البيت بالطبل ضارباً… فشيمة أهل البيت كلهم الرقص. وبالتالي ليس غريباً أن يكون تلامذة جبران على شاكلته، وعلى هذا القدر من الذكاء الخارق في التفتيش عن حلول كاذبة، تُعقّد أزمات اللبنانيين، وشبيهة بحلول جبران طوال الـ 13 سنة الماضية التي أمّنت الكهرباء 24 ساعة! وفاضت على اللبنانيين بمياه السدود! وأقامت أفضل العلاقات مع الدول العربية والغربية”.

وتابع موسى: “لعل مكان هيكتور وأمثاله ليس على طاولة مجلس الوزراء، إنما في مصحّة سياسية خارج العصفورية الباسيلية، حيث يمكنه أن يكون هو وأمثاله، حقل تجارب لما يبدعونهم، قبل إفلاتهم في الحياة السياسية العامة”.

وختم: “لو عذّب هذا الوزير الجهبوذ نفسه، وغَوْغَل قبل أن ينسب معلومات غير واقعية وصحيحة عن دول العالم، ليقتدي بها اللبنانيون، وفي مقدّمها الصين، لوفّر على نفسه وعلى تياره التحوّل أضحوكة، ولكان عُلِم بالتأكيد أنه بضاعة تايوانية مقلّدة لا ترتقي إلى مستوى الصينية حتى!”.

أما وزير الشؤون الاجتماعية السابق وائل أبو فاعور، فاكتفى بكلمة: “لا تعليق”.

وعلى الرغم من عدم تعليق العديد من النواب تجنباً لبعض الإشكالات، لكن لا بد من الإشارة إلى أنّ من شيم العهد تصريحات جهابذته التي تعكس السذاجة في طرح حلول أقل ما يقال عنها أنها غير واقعية.

ولكنّ الوزير لم ينتبه إلى كيفية غسل هذه القماشات في ظل غياب الكهرباء والغلاء الفاحش، فلا غسالة تدور ولا مسحوق غسيل يُشترى. يرجح أنّ حجار يتمتع برؤية مستقبلية، أو أنه كان على علم بالذي سنصل إليه، بخاصة أنه ابن العهد مفتعل المصائب ومبتكر الحلول الغريبة. فقبله صعقنا باسيل الذي أراد تعليم العالم كيف يُدار بلد بلا موازنة، وصولاً إلى أورورا فغالي التي وجدت الحل لأزمة البنزين عبر حثّنا على “تخفيف المشاوير”… وماذا نقول عن راوول نعمة ورندلى جبور؟

ماذا نقول عن هذا العقل العوني؟ ومن أين يأتي بحلوله الخرافية؟ تبقى هذه التساؤلات متداولة على ألسنة المواطنين الذين إن وجدوا شيئاً غريباً يصفونه بـ”العوني”، عسى أن يكون الخلاص قريباً من هذا الوباء.

شارك المقال