نجيب ميقاتي يؤكّد “غيرته على الوطن”

حسان الرفاعي

في السياسة:

  • تقضي الأعراف أن يكون رئيس الحكومة من الطائفة السنيّة على أن تسمّيه الأكثريّة النّيابيّة على اختلاف مكوناتها.

  • والأكثريّة النّيابيّة منذ سنة 2018 هي أكثريّة قاسم سليماني، وهي معقودة الولاء لحِلف الممانعة، وتتألّف من نواب من كلّ الطوائف: سنّي – شيعي – ماروني – أرثودكسي – كاثوليكي – درزي – علوي – أرمني.

  • هذه الأكثريّة النّيابيّة تختار عادةً رئيسَ حكومةٍ من صفوفها، وهذا أمرٌ طبيعيّ ودستوريّ.

  • اختير حسّان دياب رئيسًا للحكومة من الأكثريّة النّيابيّة الممانعة بعد استقالة سعد الحريري إثرَ اندلاع ثورة 17 تشرين الأوّل 2019.

  • استقبل مفتي الجمهوريّة الرّئيس دياب رغم أنّ أكثريّة الطائفة السنيّة ورجالاتها ليسوا إيرانيّي الهوى بل كانوا وما زالوا سياديّين بامتياز. كما أنّ سماحته لم يَقُلْ لدياب أنّه “غير ميثاقي” كما تفعل بقيّة الطوائف غير الراضية عن أيّ اسم من أبنائها لم تختره هي أو ممثلوها من النّواب.

  • بعد استقالة دياب قامت أكثريّة سليماني، لاعتبارات تخدم مصالحها، بالمشاركة في اختيار مصطفى أديب ثمّ سعد الحريري وصولًا إلى نجيب ميقاتي.

  • هدفت هذه الأكثريّة عبر اختيارها رئيس حكومة من خارجها إلى استئجار “طربوش سني” من الطائفة السياديّة الهوى يخدم مصالحها.

  • رفض أديب، كما رفض سعد الحريري أن يلعب هذا الدور وتعلّق الأخير، ولو بالحدّ الأدنى المقبول، بأصول التأليف والصلاحيّات رافضًا أن يكون مطيّةً لحِلف الممانعة. أمّا ميقاتي فكرّر فعلته لسنة 2011 و”أجّر” سنيّته لإيران كما سبقه على هذه الطريق الرّئيس عون الذي انتقل من “رأس حربة سيادية” إلى مسهل لتمدّد الممانعة في كلّ الجسد اللّبناني ومدافعٍ أوّل عنها.

  • هكذا خالف ميقاتي توجه رؤساء الحكومات السابقين وخان شروط تفويضهم له وتنازل أمام أعين الجميع عن صلاحياته لسواه، كما خان آمال وتطلّعات قاعدته الطرابلسيّة الّتي ما زالت تقف يوميًّا في وجه تغلغل سرايا المقاومة عبر المال والسلاح.

  • وعليه تكون محاسبة ميقاتي واجبة على كلّ واحد من النّاخبين السياديّين في الانتخابات القادمة بالوقوف حاجزًا شعبيًّا أمام إعادة انتخابه. إنّه الردّ الديمقراطي الّذي ندعو إليه.

  • على رؤساء الحكومات السابقين أيضًا، وعلى سعد الحريري بخاصة، أن يصارحوا اللّبنانيّين حول المبادئ الّتي سمّوا على أساسها ميقاتي.

  • هل زكّوا ميقاتي بهدف أن يصمد بوجه هجمة عون على الأساسيّات الدّستوريّة أو كي يقبل ما لا يرتضيه أيّ رئيس حكومة آخر من هوانٍ ومشاركة العهد له وكلّ المستشارين والموظفين والوسطاء والأصهرة في التأليف…؟

  • هل يدرك رؤساء الحكومات السابقون أنّ التساهل مع ميقاتي اليوم، وتحديدًا في موضوع إعطاء الثقة لحكومته، سيقود حتمًا إلى دفع الكثير من السياديّين ومن أهل السنة نحو التطرّف الّذي يخدم مشاريع “حزب الله” وسياسات باسيل العنصريّة كما سيفتح الطريق نحو اختلالاتٍ إضافيّة في الممارسة الدّستوريّة؟!

  • ننتظر أجوبةً واضحةً لا لبس فيها من رؤساء الحكومات، فهم أيضًا مسؤولون وشركاء إن لم يشكلوا، وسعد الحريري أوّلهم، معارضةً صلبةً وجدّيةً لميقاتي وسياساته. نطالب سعد الحريري بموقف كالّذي اتخذه سنة 2011 حينما أشاح بوجهه عن زائره في بيت الوسط نجيب ميقاتي الّذي أتت به “القمصان السود”.

  • كم كنّا نفضّل أن نترك الأكثريّة النّيابيّة، أكثريّة قاسم سليماني، تحكم عبر رئيس حكومةٍ من صفوفها مهما كان اسمه.

في الدّستور:

  • في نظامنا البرلماني يتولّى رئيس الجمهوريّة دور الحَكَم الحكيم السّاهر على الدّستور وأحكامه، لا سياسة خاصة له، هو رئيس كلّ اللّبنانيّين ويعاملهم بالتساوي.

  • إنّ انحياز رئيس الجمهوريّة، أيّ رئيسٍ للجمهوريّة، لصالح فئة من اللّبنانيّين وفريق سياسيّ معيّن هو خروج على الدّستور.

  • ليس للرئيس الحَكَم حصّة وزاريّة بل له أن يتدخل في الأسماء من باب النُصُح وترجيح الكفاءة وليس ترجيح كفّة “حزب الله” أو أيّ فئةٍ أخرى. فالأحزاب والطوائف ممثّلة في المجلس النّيابي وهي الّتي تمنح الثقة أو تحجبها.

  • الرّئيس عون أقسم على دستور لم يقبله يومًا ولا يؤمن به وكان بوسعه بعدما وصل إلى الرّئاسة الأولى أن يطلب تعديلًا دستوريًّا ولكنه فضّل الانقلاب عليه بالممارسة.

  • كُتِبَ الكثير في خروج الرّئيس عون على الدّستور وفي محاكمته وفق المادّة 60 عبر دراسة وقّعتها وجوه بارزة في علم الدّستور والقانون والسياسة والعمل الوطني من الطائفة المارونيّة بعيدًا من أيّ اعتبار فئويّ أو مذهبي، لذلك استحقتْ كلّ التقدير على مواقفها الوطنيّة!

إقرأ أيضاً: توافق ليلي بين عون وميقاتي؟

واعتبارًا من اليوم، من الضروريّ أن يضاف أنّ الرّئيس ميقاتي أصبح شريكًا للرّئيس عون في الخروج على الدّستور وعلى مبادئ النّظام البرلماني الّذي نصت عنه الفقرة -ج- من مقدّمة الدّستور.

  • في هذه الأثناء يتوغّل السرطان الإيراني في الجسد اللّبناني برضى ومشاركة فئةٍ من مواطنيه وقادته الممانعين، وبموافقة الطبيب الفرنسي الّذي خان قَسَمَ أبقراط وتراجع كليًّا عن مبادرته مبدّيًا مصالحه على مصلحة المريض.

شارك المقال