البطاقة الصحية… مريضة في الأدراج

تالا الحريري

عام 2008، طرح وزير الصحة السابق محمد جواد خليفة البطاقة الصحية لتخفيف كلفة الطبابة عن الناس أولاً، وللحفاظ على صحتهم وتنظيم القطاع الاستشفائي ثانياً. لكن الوعود في لبنان تذهب دائماً إلى دار النسيان وما من تمويل لهذا المشروع. وما زال اللبنانيون يترقبون بأمل إقرار البطاقة الصحية، خصوصاً في الأوضاع المزرية التي يمر فيها البلد والقطاع الصحي بخاصّة. فلا هم قادرون على تحمّل التكاليف الاستشفائية العالية، ولا المستشفيات تملك المستلزمات الطبية اللازمة أو الكهرباء والمازوت لإدارة عملها بالشكل المطلوب ولا وجود للأدوية. فإذا أقرّت البطاقة، انفرج جزء من هموم المواطن اللبناني.

خليفة: البعض ليس لديه مصالح

في هذا الخصوص، قال الوزير محمد جواد خليفة لـ”لبنان الكبير”: “قدمت البطاقة الصحية في ثلاث جلسات لمجلس الوزراء في حكومة وحدة وطنية (حكومة فؤاد السنيورة). في حين استمرت بعض الجلسات نحو 7 ساعات للبند الواحد، وأقرّت بالإجماع من كل الوزراء المشاركين من جميع الأحزاب والقوى السياسية. وفي موازنة الـ2010، صدر في الملحق الاداري انه يحق ويجوز لوزارة الصحة إصدار البطاقة الصحية، وكنا نقوم بتأسيس مستشفيات حكومية ونعمل على تطويرها، وكنا سنبدأ التطبيق بعدها بـ6 أشهر، لكن بعد ذلك استقالت الحكومة ولم أعد وزيراً للصحة. والوزراء من بعدي قالوا إنّهم يقومون يعدلون البطاقة ويدرسونها”.

وأوضح أهمية البطاقة الصحية ووظيفتها: “في ذلك الوقت كانت البطاقة تُسمّى بالتأمين الصحي الالزامي وكانت تقوم على التغطية الشاملة لكل مواطن لبناني أو مقيم في لبنان. وكان الهدف تأسيس نظام صحي شبيه بـ”National Health System” في بريطانيا او كندا، ويتناسب مع الحجم الاقتصادي للبلد أيضاً. وطبعاً هناك ميزات علمية غير الميزات المادية، يعني تأمين طبابة محترمة وبشكل عادل والكشف المبكر عن الأمراض”. ويضيف: “عملياً هي إنشاء حساب صحي لكل مواطن، وهذا الحساب على أساس تغطية الدولة واستهلاك المواطن للأدوية، مما يعني وجود ملف الكتروني للمريض في كل المستشفيات حتى تكون فحوصه وادويته محصورة وحتى لا يكون هناك غش ونكون على علم بكلفة الإنفاق على كل مواطن، يعني عملية مضبوطة وشفافة”.

وأشار الى أنّ “الموضوع تمت دراسته بشكل كبير وقمنا بدراسات بشكل موسع على اساس ان تقوم الدولة بتغطية القسم الاكبر، والمواطن يساهم بشكل محدود، وبالنسبة للفقراء، يمكن للدولة أن تغطي عنهم 100%. وكل مواطن يحملها يحق له بفحص سنوي للكشف عن أمراض السكري والضغط والسرطان للمرأة والرجل، وتشمل الأدوية الاساسية أيضاً كالضغط والسكري وغيرهما”.

وعن إلغاء البطاقة لوظيفة الضمان الاجتماعي، كرّر خليفة ما قاله في السابق أثناء توليه وزارة الصحة: “البطاقة لا تلغي دور الضمان الاجتماعي، انا في ذلك الوقت قلت للضمان أن يأخذوا أموال وزارة الصحة ويضمنوا جميع المواطنين. أساساً الهدف من الضمان معالجة كل المواطنين اللبنانيين، لكن ضمن الذين لديهم رب عمل توقف ولم يتوسع. لكن يعيقنا بعض المنظرين، ويتداولون القول إنّ الوزارة تريد أن تلغي الضمان، هذا كلام فارغ، لأنّ المستفيدين بطريقة او بأخرى ينشرون شائعات كهذه حتى يتلاعبوا بالرأي العام”.

ويختم: “كنا نحاول أن نكون دولة لكن ثمة ناس لديهم مصالح؛ هناك الذي يريد أن يسرق والذي يريد أن يقدم فاتورة طبية ثلاث مرات. ففي لبنان كلّهم بسعر بعضهم، اذا كان شخص يملك شهادات عليا ودكتوراه و200 مؤلف في الطب، يأتي شخص آخر يملك شهادة مزورة ويحل مكانه”.

عراجي: البطاقة الصحية “نائمة”

وبما أنّ الدكتور عاصم عراجي هو رئيس لجنة الصحة النيابية وأحد المعنيين بالبطاقة الصحية، ولمعرفة مصيرها منذ مناقشتها عام 2008 حتى الآن، أوضح: “البطاقة الصحية نوقشت في لجنة الصحة منذ نحو 6 سنوات وأكثر، وعندما تنتهي لجنة الصحة منها، تتحول البطاقة الى لجنة الادارة والعدل. وقد تابعتها بعد تحولها الى الادارة والعدل، واقترحنا أن يساهم كل مواطن بمبلغ بسيط حتى لا تنكسر. وقتذاك، كان غسان حصباني وزيراً للصحة واقترح أن تموّل البطاقة من خلال الهاتف الخليوي حتى لا يدفع المواطن”.

وأضاف: “وعلى هذا الأساس، انتهت من لجنة الادارة والعدل وتحولت الى لجنة المال والموازنة من حوالى سنتين، وكان من المفترض أن تتحول الى الهيئة العامة او اللجان المشتركة ولغاية الآن ما زالت “نائمة” في الأدراج . المشكلة في من يريد ادارة البطاقة الصحية ويمولها. جزء من النواب كانوا يريدون أن يديرها الضمان، والجزء الآخر لم يرد الضمان بسبب عدم وجود مجلس ادارة”.

وختم: “البطاقة كانت ستخفف كثيراً عن المواطنين، فإذا انتقل المريض من مستشفى الى آخر كل بضعة أيام فسيشكل عبئاً كبيراً لكن بوجود البطاقة، الملف الطبي سيكون موجودا في كل المستشفيات، والفوضى ستخف في القطاع الطبي والاستشفائي بشكل كبير. انا ما زلت أتابعها وأعيد الحديث فيها في مجلس النواب. ضغطت كثيراً وسأحاول العمل عليها مع الوزارة الجديدة”.

شارك المقال