كهرباء ٢٤/٢٤ والفائض للدولة!

راما الجراح

قرية هادئة في البقاع الغربي، لا يُسمع في أرجائها سوى أصوات العصافير صباحاً، وهدير بعض السيارات ليلاً. قريةٌ صديقةٌ للبيئة، شوارعها نظيفة، وهواؤها نقيٌ خالٍ من ثاني أوكسيد الكربون الذي ينبعث من دخان مولدات الكهرباء، ومن كثافة السكان وكثرة السيارات. يتساءل البعض هل يُعقل أن مثل هذه الصفات موجودة في قرية لبنانية؟ البلد المعروف بأزماته وفي مقدمتها الكهرباء، بلد الشوارع المليئة بالنفايات، بلد الفساد والبطالة والسوق السوداء.

إنها كفرمشكي في البقاع الغربي، قضاء راشيا، الصديقة للبيئة إلى أبعد الحدود، ولقرية الوحيدة في لبنان التي تعتمد بشكل كُلي على الطاقة الشمسية، وهو مشروع عمل عليه الرئيس السابق لبلدية كفرمشكي إيلي صعب وأطلقه عام ٢٠١٧ ضمن يوم بيئي نُظّمَ بالتعاون مع شركة “Symphony” والجمعية التعاونية للمزارعين في كفرمشكي، وقد تم الإعلان عن مشروع توليد الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية في إطار برنامج بلدي لبناء التحالفات للتقدم و التنمية والاستثمار المحلي الممول من “الوكالة الأميريكية للتنمية الدولية” (USAID) والمُنفذ من “رابطة كاريتاس لبنان” بالشراكة مع “جمعية الأرض – لبنان”.

“نحن نبيع الدولة كهرباء في النهار عندما لا نكون بحاجة إليها، أي نبيع الفائض للدولة، والأخيرة لا تدفع لنا، بل هناك عدّاد ذكي يقوم بإدخال الطاقة التي ستتم توليها إلى الشركة، ونحن نقوم بتغذية أعمدة الإنارة ليلاً وبالتالي الدولة تقوم بخصم الكلفة ولا ندفع شيئاً مقابل الطاقة التي نقوم بإعطائها إياها” بحسب الرئيس السابق للبلدية إيلي صعب.

ويضيف: “عندما قمنا بهذا المشروع كانت الكهرباء تنقطع ثلاث ساعات في اليوم، وكانت أولوياتنا الحفاظ على البيئة ولم نكن نحسب لأي أزمة يمكن أن تواجهنا في المدى القريب، وكان أحد المواطنين في القرية يُدعى رجا العبدالله أول الساعين لهذا المشروع مع جمعية كاريتاس لبنان، وبتنا اليوم القرية الوحيدة التي تتمتع ب كهرباء ٢٤/٢٤ مقابل دفع ٣٠ ألف ليرة عن كل بيت، في ظل معاناة كل شعب لبنان من تقنين الكهرباء القاسي والفواتير الشهرية الكبيرة”.

كفرمشكي التي يرتبط اسمها بحادثة غرق سفينة “التايتنك”، خسرت ستة عشر شخصاً من أبنائها في الحادثة، القرية التي يبلغ عدد سكانها القاطنين فيها حوالي ٧٠٠ نسمة ، والمغتربين يصل عددهم إلى 10آلاف نسمة يتوزعون بين كندا والبرازيل.

ويعتبرها صعب بلدة زراعية بإمتياز، وتتميز باحتوائها على نحو ٢٥٠٠ دونم من الكرمة باب أول، و يتم تصدير القسم الأكبر من عنبها الى دول الخليج، وبعضه إلى السوق المحلية.

ويختم قائلاً: “من الضروري تعميم هذا المشروع على جميع المناطق اللبنانية، لما فيه من وفرة على جيب المواطن والدولة”.

فهل سنرى نموذج كفرمشكي مطبقا علي نطاق لبنان ويتحقق الحلم !المستحيل؟ لا أزمة ولا عتمة وإكتفاء ذاتي.

شارك المقال