استئجار المنازل… دونها الـ”فريش” دولار!

آية المصري
آية المصري

لم يعد باستطاعة الموظف أو الطالب الحصول على مكان يأويه، ولم تعد مهمة سهلة إيجاد غرفة أو منزل بسيط، وتالياً أصبح الطلب على المنازل والغرف أكثر من العرض، فباتت إيجارات البيوت تُحتسب بـ”الفريش دولار”، بعدما كانت بالليرة اللبنانية. أصحاب المنازل غير مكترثين، ولأنه من الصعب عودة الأسعار كما كانت في السابق نتيجة أزمتي الكهرباء والمحروقات، أصبحوا يسعّرون الشقق أو الغرف بشكل منفصل عن المولدات والاشتراكات الأخرى. أجل، لا نتحدث عن بلد أوروبي إنما عن لبنان، حيث راتب الموظف بالليرة اللبنانية وليس بالدولار. فما الصعوبات التي يواجهها المواطن اليوم في ظل هذا الواقع المهيمن؟ ولماذا لم تنخفض بعد الإيجارات، علماً أن الدولار يدور في فلك الـ15 ألف ليرة؟

غرفة صغيرة، داخل مجمع في منطقة رأس النبع لا تتجاوز مساحتها العشرة أمتار، لا يوجد في داخلها نافذة، إيجارها 3.200.000 ليرة. شقة صغيرة مؤلفة من غرفتين في منطقة سليم سلام إيجارها 600 دولار زائد 600 ألف ليرة اشتراك مياه، واشتراك الكهرباء على المستأجر، وكل شهر الأسعار تتغير. غرفة صغيرة في منطقة الأشرفية لا تتعدى مساحتها الـ15 متراً بـ3 ملايين ليرة إضافة الى اشتراك الكهرباء والإنترنت. غرفة في منطقة الحمراء لا تتعدى 20 متراً بـ700 دولار. هذه عينة صغيرة من الإيجارات. يومياً نشهد صرخات متوالية على الطرقات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لطلاب وموظفين وعمال لم يعد في إمكانهم تحمل عبء الإيجارات، وفي الوقت عينه عاجزون عن ترك العمل، ورواتبهم لا تؤمن لهم سوى الوصول إلى العمل.

الموظفون: الراتب باللبناني، لماذا يطلبون الدولار؟

وتقول عبير الموظفة والطالبة الجامعية: “أبحث عن منزل بدلاً من الذهاب يومياً إلى منزل عائلتي الواقع في فاريا. لكن الوضع مأسوي، فكل إيجارات البيوت أصبحت بالدولار الأميركي. وجدت منزلاً في منطقة الزلقا، يبعد عن مكان عملي مئات الأمتار، لكن صاحب المنزل يريد ايجاراً 300 دولار والمنزل خالٍ، ولا يوجد اشتراك للكهرباء أو الانترنت، فكم يبلغ راتبي الشهري كي أستأجر هذا البيت بهذا السعر؟ ناهيك بأن أزمة النقل العام باتت غير مقبولة، فكل يوم أتكلف ما يقارب المئة ألف ليرة فقط للوصول الى العمل، لماذا يسيطر الطمع والجشع على التجار”؟

وبالنسبة إلى ميرا الموظفة في شركة للإتصالات، “لا حل في ظل هذه الأزمات، والوضع لم يعد مقتصراً على الأزمات الإقتصادية، بل تخطى هذا الجزء وأصبحت الأزمة مرتبطة بقلة الأخلاق والوجدان لدى أصحاب المنازل. منذ ثلاثة أشهر وأنا أبحث عن غرفة أو بيت صغير لاستئجاره، لكن الأسعار سرعان ما تتغير، وإذا تم إيجاد البيت المناسب، يكون ايجاره خيالياً، فإيجار البيت غير المفروش أكثر من البيت المفروش، وأصحاب المنازل لا تعنيهم اشتراكات الكهرباء والمياه ويخلون مسؤوليتهم منها، الوضع في البلد من سيئ الى أسوأ”.

وبالنسبة إلى أحمد، سمسار عقاري في منطقة الحمراء، “في اليوم الواحد، يأتي العديد من الطلبات لشقق صغيرة الحجم أو لغرف منها مفروشة وغير مفروشة، لكن الزبائن لم تتأقلم مع الأوضاع وترفض الدفع بالفريش دولار، فقدرتهم المالية لا تخولهم ذلك. الإيجارات دخلت السوق السوداء، وأصحاب المنازل أصبحوا يستغلون الفرص ويريدون تحصيل الكثير من الأموال، إذ تجاوز طمعهم أصحاب محطات الوقود. السوق أصبح مرتهناً لهم ولمطالبهم التعجيزية، فالموظف لا يحصل على راتبه بالدولار، كي يدفع بالدولار. يكفي طمعا”.

أصحاب المنازل: من حقنا الحصول على دولار

أما نهى، صاحبة منازل للإيجار فتقول: “من الطبيعي رفع الأسعار ومن الأفضل جعل التسعيرة فقط بالفريش دولار، لضمان حقوقنا فعند حدوث أي عطل في المنزل الكلفة بالدولار لإصلاحه، ولهذا السبب من الضروري فصل إيجار المنزل عن الاشتراكات والخدمات الأخرى. وفي نهاية الأمر العاجز عن الاستئجار فليتركه للشخص المناسب”.

ويعتبر فيليب مالك أحد المنازل أن “الأوضاع أجبرته على رفع الأسعار وجعلها بالدولار، فلا أحد يعوض عليه، من واجب اللبناني أن يشعر بغيره ويكفي أنانية، من الصعب إبقاء التسعيرة على الليرة اللبنانية وكل شيء يُباع بالدولار، هذه الأوضاع وهذه الأسعار”.

اذاً يبدو أن هذه الصرخات ستبقى، ويبدو أن هذا القطاع سينهار أكثر فأكثر، ولن يشعر بذلك أصحاب هذه المصالح إلا بعد فوات الأوان، فلا قدرة للمواطن على استئجار هذه البيوت ولا قدرة على تأمين “فريش دولار”!

شارك المقال