اعتداء على محامية في مبنى المحكمة الجعفرية… بو حمدان: لن أتراجع عن حقي

فاطمة البسام

مشهد يفترض أنه انقرض مع العصور الوسطى، رجل يسحل امرأة في وضح النهار أمام مرأى من الناس وعلى وقع كلمة رددها أحد المتفرجين، “مرتو، مرتو”، وكأنها  الشيفرة السحرية لإبعاد من كان لديه نيّة بالتدخل لافلات المحامية سوزي بو حمدان من أيدي المعتدي، زوج وكيلتها علي الموسوي ووالده مهدي الموسوي.

أمّا مكان حصول الاعتداء، فبدأ من مدخل مبنى المحكمة الجعفرية – الشياح، وانتهى عند الشارع العام، وبو حمدان بثوب المحاماة الأسود تمسك بملفها الأزرق على الأرض محاولة الفكاك من أيدي المعتديين، قبل أن يتدخل شرطي البلدية بعد فوات الأوان.

السؤال: إذا كان للموسوي الجرأة على القيام بما قام به مع محامية تتمتع بالحصانة، فماذا كان سيفعل لو كانت مجرد إمرأة عادية؟

ماذا لو لم يوثق الإعتداء؟ هل كانت لتصبح قصتها في الدرج مثل مئات السيدات اللواتي تعرضن للعنف؟

الحدث السوريالي في الموضوع، أنه بعد إنتشار فيديو الإعتداء على منصات التواصل الاجتماعي، سارع والد المعتدي إلى نشر مقطع مصوّر له وهو يتقدّم بالاعتذار من المحامية ومن نقابة المحامين، متذرعاً بالضغوط النفسية التي يعاني منها والتي نتج عنها “إنفعال غير سوي”.

وعلى الفور، دانت نقابة المحامين في بيروت في بيان “الاعتداء السافر بالضرب على الزميلة سوزي بو حمدان من شخصين باتا معروفين من الجميع، وذلك خلال ممارسة الزميلة لرسالتها السامية وهي مرتدية ثوب المحاماة”.

وأوضحت النقابة أن نقيب المحامين في بيروت فادي مصري تحرك فوراً، وكلف مفوضة قصر العدل مايا الزغريني بمتابعة الحادث مع السلطات القضائية والأمنية المختصة.

وفي هذا السياق، أعلنت النقابة أنها ستتخذ إجراءات قانونية تتمثل في ملاحقة الجناة بالتعاون مع المحامية بو حمدان. وقد أصدر المحامي العام الاستئنافي القاضي رامي عبدالله إشارة إحضار بحق المعتديين. واستنكرت النقابة هذا “التطاول المشين الذي يمس كرامة المهنة وسمعتها”، محذرة من أي “مساس بالقيم والمقدسات”. وطالبت القضاء المختص باتخاذ أقصى العقوبات بحق المعتدين.

وفي حديث مع مفوضة قصر العدل مايا الزغريني، قالت لموقع “لبنان الكبير”: “ان الحادثة غير مقبولة، والنقابة أخذت صفة الإدعاء الشخصي على المعتديين، ولن تتنازل عن حق بو حمدان التي كانت تقوم بعملها”.

وأشارت الزغريني، الى أن مشاجرة بدأت في قاعة المحكمة، قبل أن ينقض الزوج ووالده على بو حمدان في مدخل المبنى، لافتة إلى أن بو حمدان عادت وأخبرت الموجودين في المحكمة بما حصل، إلاّ أنهم لم يقوموا بواجبهم، مع العلم أنه في صرح كهذا يجب أن يكون هناك حرس.

أمّا العقوبة التي ستطبق على الجانيين، فهي نفسها التي تطبّق في حال حصول إعتداء على قاضٍ، كون بو حمدان تعرضت للضرب وهي تؤدي عملها.

وفي اتصال مع رئيس المحكمة الجعفرية القاضي موسى سموري، أشار إلى أن الإعتداء حصل خارج صرح المحكمة، على الشارع العام، وأن بو حمدان بعد مغادرتها المحكمة بنصف ساعة، عادت لتقول انها تعرضت لإعتداء، فنصحها زملاؤها المحامون بالتواصل مع النقابة والذهاب إلى مخفر الغبيري من أجل التقدّم بشكوى “عشان ما يروح حقها”.

ولدى سؤالنا عن حرس المحكمة، أجاب سموري منفعلاً: “أنا مش ضابطة عدلية”.

وحول الشائعات التي طالت أداء المحكمة منذ حصول الاشكال، أنكر سموري الأمر، مؤكداً أن أحداً لم يتطرّق الى سمعة المحكمة.

المحامية سوزي بو حمدان والتي بدا من صوتها أنها لا تزال تحت وقع الصدمة، أكّدت أنها تعرّضت للتهديد اللفظي في صرح المحكمة، إلاّ أن العنصر الأمني قال لها أن تمضي في طريقها لأنه من غير الممكن أن يعتدى عليها كونها محامية.

وأوضحت بو حمدان، أن المعتديين كانا بإنتظارها في مدخل المحكمة، وكالا لها الشتائم، ثم هجما عليها من أجل الاستيلاء على ملف القضية.

ولفتت الى أن الحرس الموجود عند مدخل المبنى لم يتدخل لمساعدتها، وعندما سألت عنصر الأمن الموجود في المحكمة لماذا لم يساعدها ردّ قائلاً: “شو بترك المحكمة وبنزل لعندك”.

بو حمدان التي أصيبت بكدمات ورضوض في منطقة الظهر والرأس، شددت على أنها لن تتراجع عن حقها، وأن اعتذار الوالد (مهدي الموسوي) غير مقبول.

ورداً على من كان يردد “مرتو، مرتو”، كي يمنع المارة من التدخّل، قالت: “الامتناع عن المساعدة جريمة مين ما كان وشو ما كان”.

شارك المقال