توقّف العالم 7 ساعات!

راما الجراح

ماذا سيحدث لو توقف الواتساب ليوم واحد؟ في ظل اعتمادنا الدائم عليه في أغلب جوانب حياتنا، أصبح هذا السؤال أكثر إلحاحاً، فبعد 7 ساعات من الانقطاع الكُلي لتطبيقات فيسبوك، انستغرام، وواتساب بسبب عُطل تقني مفاجئ في الشركة ليلة أمس، وبعد انقطاع العالم عن عالمه، وزحف أكثر من ملياري مستخدم إلى منصات وتطبيقات للتواصل بديلة عن الواتساب بشكل أساسي كالتيليغرام، سيغنل، تويتر، وغيرها، اعتذرت شركة فيسبوك من جميع المستخدمين عبر حسابها الرسمي على “تويتر”، عن هذا العطل الفني الذي أصاب المنصة الأكثر شهرة في العالم.

وقد تعرضت أسهم كبرى شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة لخسائر فادحة إذ انخفضت القيمة السوقية لهذه الشركات بمليارات الدولارات بعد العطل المفاجئ، ووفقاً لتقرير وكالة “بلومبرغ” فقد كانت شركة “فيسبوك” أكبر الخاسرين، وشهدت انخفاضا قدر بأكثر من 40 مليار دولار من قيمتها السوقية، وكلف ذلك المؤسس مارك زوكربيرغ خسائر شخصية بنحو 6 مليارات دولار، بعد تعرض عملاق الشبكات الاجتماعية لانقطاع غير مسبوق استمر قرابة 6 ساعات، وهبطت أسهم “فيسبوك” بنسبة 4.89% الاثنين.

ما هو غير واضح حتى الساعة هو سبب التوقّف، وقد رجّح خبراء أن خطأ تقنياً هو سبب تعطل خدمة التطبيقات. وقال اثنان من أعضاء فريق الأمان في فيسبوك تحدثت إليهما “نيويورك تايمز” شرط عدم كشف هويتهما لأنهما غير مصرح لهما بالتحدث علنًا، انه من غير المرجح أن يكون الهجوم الإلكتروني هو سبب المشكلة، وذلك لأن التكنولوجيا التي تقف وراء التطبيقات كانت ولا تزال مختلفة بما يكفي لدرجة أنه من غير المحتمل أن يؤثر اختراق واحد فيها جميعًا في وقت واحد. وقال خبراء تقنيون ان عطل فيسبوك جاء بعد اتهامات فرانسيس هوغن المسؤولة السابقة في الشركة أنه اختار الربح على السلامة، وذلك بعد انتشار تقارير أفادت بأنها كانت على علم بالآثار السلبية لبعض منتجاتها بما تضمن تضخيم الكراهية وانتشار المعلومات المضللة وزيادة الاستقطاب. كما انتشر أن تطبيق انستغرام، على وجه التحديد، يمكن أن يضر بالصحة النفسية للفتيات المراهقات.

المشكلة تقنية وليست حرباً سيبرانية!

يوضح الصحافي المتخصص في التأكد من صحة المعلومات محمود غزيل أن “المشكلة ليست قرصنة صينية ولا هجوماً إلكترونياً من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على فيسبوك كما أُشيع ليسترجع حساباته، ولا كل كلام البيت الأبيض عن تعرض التطبيقات لتهديد أمني وغيره، جميع هذه التحليلات تبين أنها غير صحيحة لأن شركة فيسبوك نفسها أوضحت موقفها وقالت إن السبب كان عطلاً من داخل الموقع وبالتحديد في قواعد البيانات، وهذه المشاكل التقنية حصلت جرّاء التحديثات ضمن عملها فقط، إضافة إلى أن الشركة نفت تعرضها لأي هجوم إلكتروني على خوادمها”.

ويشير إلى أنه “لا شك في أن المصطادين في الماء العكر كُثر، الذين يعملون لمواجهة فيسبوك، أو الشركات المنافسة لها، لكن الذي غذّى الموضوع هو المسار القضائي الذي يتحرك في أميركا ضد سياسة فيسبوك ومخططات الشركة وتطبيقاتها المستقبلية، وتضاربت المعلومات حول مستندات سيتم كشفها خلال أسبوعين إلى شهر من داخل فيسبوك وطريقة عملها والهيمنة على المشاعر السلبية للعالم ومحاولة استغلالها لمكاسب مالية”.

ويؤكد غزيل أن “خطورة ما حصل هو ارتباط عدة تطبيقات بشركة واحدة، بحيث أن فيسبوك، واتساب، وانستغرام، مرتبطة بشركة واحدة، والخاسر الأكبر كان واتساب لأنه في العديد من دول العالم يعتبر الوسيلة الأولى للتواصل مجاناً، حتى أنهم تخلوا إلى درجة كبيرة عن الـsms، مما يُرتب مسؤوليات على حكومات الدول الكبيرة بالانتباه لأي مشكلة يمكن أن تطرأ ومحاولة تفاديها قدر المستطاع، فلا يعقل أنه في عام 2021 يسجل العالم أطول مدة لانقطاع الخدمة والتي سجلت نحو ٧ ساعات”.

وينصح الجميع “بالاعتماد دائماً على تطبيقات بديلة عن الواتساب، والانتباه من أي منصة قبل استخدامها في حالات كهذه، واستخدام تطبيق السيغنل الذي يعتبر أكثر أماناً وحماية للخصوصية بشكل أساسي، فهذا الانقطاع لن يكون الأخير”.

تعطلها يعني تعطل العالم!

لجهة أهمية هذه التطبيقات ومدى اعتماد العالم عليها، يرى الصحافي وعضو نقابة المحررين في لبنان الدكتور أيمن المصري أن “أدوات التواصل باتت ضرورة حياتيّة لنا شرط التوازن، فعلى الرغم من أنه بات الكثير منا ملتصقاً بشكل تلقائيّ بهذه المنصّات ومعتاداً على قضاء جزء أو الكثير من وقته في متابعتها، فتشغله عن أسرته وبعض أعماله، لكن الإنصاف يحتم علينا أن نعترف بأنّ وسائل التواصل هذه لها فوائد كبيرة في حياتنا اليوميّة، وهي ليست للترفيه وقتل الوقت فقط، فالكثير من الأعمال التجارية باتت تدار من خلال هذه المنصّات، وأيضاً الكثير من المؤسسات والجمعيات تستخدم الواتساب على سبيل المثال في التواصل بين الأقسام والدوائر أو بين المؤسسة والجمهور، أو تستخدم بقية المنصّات للإعلان عن خدماتها والترويج لبرامجها، ولا ننسى التعليم عن بُعد الذي يحتاج الى منصّة الواتساب لتواصل الأستاذ مع طلابه في المدارس والجامعات”.

ويضيف أن “مجموعات الواتساب قد ساهمت في لمّ شمل الأسرة التي تباعد أفرادها، فبات لكل أسرة Group يتواصلون عبره مع بعضهم، وتستأنس الأم بأولادها أو أحفادها عبره، فضلاً عن أهمية هذه الوسائل لأبنائنا المغتربين للتواصل الدائم مع أهاليهم، ومتابعة أخبارهم، كما أننا بدأنا شيئاً فشيئاً نعتاد خدمة التسوّق الإلكتروني، بعد أن ألجأتنا إليها قسراً جائحة كورونا وإغلاق الأسواق، إلى أنها مساحة للتعبير عن الأفكار والآراء ونقل التجارب”.

ويختم المصري: “هذه التطبيقات مفيدة جداً إذا أحسنّا توظيفها في أعمالنا وحياتنا اليوميّة، ويمكن أن تكون مضيعة للوقت أو مساحة للترفيه السلبي، ويبقى أن نراعي التوازن في استخدام هذه الوسائل والمنصّات، فنستفيد منها ونستمتع من خلالها ببعض الترفيه، من دون أن تفصلنا عن الواقع فتأخذنا من حياتنا الحقيقية”.

شارك المقال