“فيسبوك” في خطر… والكونغرس يُهدّد!

راما الجراح

توالت المصائب على مارك زوكيربيرغ، المؤسّس والمدير التنفيذي لموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وواحد من أصحاب رؤوس الأموال الأصغر سناً في العالم، فلم يصحُ بعد من مصيبة العطل التقني الذي حلّ بتطبيقه وتوابعه من “إنستغرام” و”واتساب”، حتى دخل في نفق اتهامات خطيرة وجّهتها له مسؤولة المحتوى السابقة في الشركة، فرانسيس هوغن، متهمةً إياه بتفضيل الربح المادي على سلامة المستخدمين.

اتهامات هوغن

وكانت هوغن وجّهت اتهاماتها في مقابلة بثتها محطة “سي بي إس”، الأحد الماضي، وفي منتصف أيلول سمح تسريب وثائق داخلية، عبر هوغن لصحيفة “وول ستريت جورنال” بنشر سلسلة من المقالات حول التأثير المضرّ لـ”فيسبوك” و”إنستغرام” في المجتمع. ومن أبرز هذه الوثائق، واحدة تفصل المشاكل النفسية للكثير من المراهقات. وأظهرت البحوث خصوصاً، أنّ 32% من الفتيات المراهقات شعرن بأنّ استخدام “إنستغرام” منحهن صورة أكثر سلبية عن جسدهن، فيما لم يكنّ راضيات أصلاً عنه. وأكدت المهندسة العاملة سابقاً في “فيسبوك” أنّ شبكة التواصل الاجتماعي هذه مدركة جيداً لهذا الانحراف.

وأدلت هوغن بشهادتها الثلاثاء، أمام لجنة فرعية في مجلس الشيوخ الأميركي، في جلسة استماع بعنوان “حماية الأطفال على الانترنت”، حول أبحاث الشركة عن تأثير “إنستغرام” في الصحة العقلية للمستخدمين الشباب. واعتبرت أنه ثمة تأثير مدمّر لعملاق التكنولوجيا، مشيرة إلى وجود فرصة سانحة الآن للتحرّك بمواجهته.

وقالت “إنّ (فيسبوك) كان يعلم بخطر آلية عمله على الأطفال، وهناك 600 ألف حساب لأطفال على المنصة الشهيرة يجب ألا تكون موجودة”. وطالبت الحكومة الأميركية باتخاذ إجراءات ضد الشركة من أجل إجبارها على التراجع عن سلوكها.

مارك يردّ بالنفي!

من جهته، نفى المدير التنفيذي لـ”فيسبوك” إعطاء الأولوية للربح على حساب سلامة المستخدمين ورفاهيتهم. ودلّ على ذلك بالتعديل الذي أُدخل على طريقة عرض الموضوعات للمستخدمين في”فيسبوك”، على الرغم من أنه قد يؤدي إلى قضاء المستخدمين وقتاً أقل على الموقع، وفقاً لتعبيره. وأكد أنّ الشركة تجني الأرباح من الإعلانات والمعلنين، الذين يرفضون عرض إعلاناتهم في هذا النوع من المحتوى.

وأشار إلى أنه يركز على الأسئلة المثارة حول الأطفال، و”من المهم جداً بالنسبة لي أن يكون كل ما نبنيه آمناً وجيداً للأطفال، ويجب على شركات التكنولوجيا بناء تجارب تلبّي حاجاتهم مع الحفاظ على سلامتهم، ونحن ملتزمون بذلك”.

واستبعد مؤسّس “فيسبوك” المزاعم بشأن التأثير السلبي لـ”إنستغرام” في الصحة العقلية للشباب، مستشهداً ببيان سابق للشركة، أشار إلى بحث خلص إلى أنّ تطبيق الصور الشهير ساعد العديد من المراهقين الذين يواجهون مشاكل نفسية، مثل الوحدة والقلق والحزن واضطرابات الطعام.

إجراءات الكونغرس!

وكان للكونغرس رأي مهم في خضم كل هذه الاتهامات، إذ وجّه السيناتور إد ماركي رسالة إلى مارك زوكيربيرغ قائلاً: “لقد انتهى وقت غزو خصوصيتنا والترويج للمحتوى السام وافتراس الأطفال والمراهقين”. وأكد أنّ الكونغرس سيتّخذ إجراءات، ولن يسمح لشركته بإيذاء الأطفال والعائلات والديموقراطية بعد الآن.

من جهتها، رأت السيناتور إيمي كلوبوشار أن خطوة هوغن هي الدافع الذي طال انتظاره لجعل الكونغرس يتحرّك، وتوجّهت إليها بالقول: “أعتقد أنّ الوقت حان للعمل، وأعتقد أنك المحفّز لهذا العمل”.

ويهدّد النواب الأميركيون منذ أعوام بوضع أطر تنظيمية لـ”فيسبوك” والشبكات الاجتماعية الأخرى لمواجهة الانتقادات التي تطال شركات التكنولوجيا العملاقة في ما يتعلق بتجاهلها مسائل الخصوصية، وبأنها توفر منصات مثالية لنشر معلومات مضلّلة والإضرار برفاه الشباب.

يبدو أنّ وضع شركة “فيسبوك” أصبح صعباً، على الرغم من نفي مؤسِسها كل الاتهامات. فجلسة الاستماع لهوغن وموقف الكونغرس لم يصبّا في مصلحة الشركة أبداً. ويمكن أن نشهد في الأيام المقبلة حملات ضدّها قد تعرّض الموظفين إلى خوض صراع كانوا بغنى عنه، فقط لأنهم يعملون في شركة اتُهمت ببث سموم للأطفال والمراهقين.

شارك المقال