أمن طرابلس على كفّ السارقين

إسراء ديب
إسراء ديب

تشهد العديد من المناطق الطرابلسية منذ أشهر حوادث سرقة تؤرق المواطنين، حتى باتت عادة تحصل حتّى في وضح النهار، في ظلّ انفلات أمنيّ خطير يضع المواطنين على كفّ عفريت.

وتضج وسائل التواصل الاجتماعي بصور أو مقاطع مصوّرة تُظهر هذه السرقات، التي تحصل دون أيّ حسيب أو رقيب، والتي باتت شبه يومية وتحصل في كلّ الأحياء. وغالباً ما يستغل السارقون انقطاع التيّار الكهربائي، كيّ يحكموا قبضتهم على بعض الشوارع التي أصبحت تُشكّل “صيدًا ثمينًا” لهم ومصدرًا لأرزاقهم التي تُسلب من أرزاق الآخرين.

إبتكار أساليب جديدة

من سرقة محرّكات المياه والدراجات النارية، الى سرقة بعض محتويات السيارات الأساسية (كالبطاريات مثلًا…) أو سرقة السيارة نفسها، والحديد، والمجوهرات، والأموال، والأجهزة الخلوية، وسرقة “الريغارات” (أيّ أغطية الصرف الصحي في الشوارع)… وصولًا إلى سرقة الناس “علنًا” من خلال اتباع طريقة “قطع الطرق” وهي طريقة احتيالية يقوم بها البعض من خلال منع مرور بعض الأشخاص بسياراتهم في منطقة ما وسرقة كلّ ما بحوزتهم (لا سيما المناطق الصناعية أو غير المأهولة بالسكان، كالمهجر الصحي، منطقة السقي خلف شارع المئتين وغيرها من الأحياء التي باتت تُشكّل” خطًا أحمر أو منطقة مرعبة، بخاصّة مع أوّل ساعات المساء…). وفي الواقع، دائمًا ما يبتكر السارقون طرقًا جديدة وغير مسبوقة لسرقة الناس والاحتيال عليهم، فبطرقهم الجديدة لن يتمكّن أيّ شخص من كشف هويتهم أو أهدافهم سريعًا.

ضحايا سرقات مشبوهة

لم يكن يتوقع أحمد وهو عائد إلى منزله في الميناء، أن يُحاول بعض الشبان اعتراض طريقه وهم يحملون العصي والسكاكين، ما دفعه إلى التوجه مسرعًا أكثر كي يتجاوزهم. ويقول: “لقد كان الأمر مخيفًا جدًا، فأنا لا أحمل سلاحًا كي أدافع عن نفسي، كما أنّهم كانوا 3 شبان، ووحدي لن أتمكّن من مواجهتهم، وغالبًا ما يتمّ (التشليح) على طريق المهجر الصحي ولكنّني لم أكن أصدق إلّا بعد هذه الحادثة التي كادت أن تودي بحياتي”.

الأمر نفسه، حصل مع سليم الذي كان متوجهًا إلى الفوار- زغرتا مرورًا بمنطقة القبة الطرابلسية، فقد تمكّن بعض الشبان الذين ظهروا بشكلٍ مفاجئ من إيقافه، وهدّدوه من خلال الإمساك برقبته، ويقول: “جرحت رقبتي ولكن من خوفي تمكّنت من الفرار مسرعًا لتجاوز هذه المنطقة، مع العلم أنّهم لم يكونوا على مسافة بعيدة عن حاجز الجيش”، معتبراً أنّ “ما يحصل غير اعتياديّ، وأنّه سيُؤدّي إلى نتائج كارثية لو لم يتمّ الحدّ منه بشكلٍ قاطع”.

أمّا ما حدث مع جمال فكان مخيفًا، ففي طريق عودته إلى منزله في التبانة، رمي على زجاج سيارته الأمامي بعض الحجارة، ويقول: “شعرت أنّها طريقة احتيالية كيّ أتوقف عن قيادة السيارة، ولمحت شبانًا يقفون على مسافة قريبة، ما دفعني إلى تجاوزهم، مع العلم أنّ الزجاج تكسّر ولكن لم أكترث بسبب خوفي ممّا قد يحدث”.

وفي ظلّ وضع اقتصاديّ خانق، ومع أولى أيّام رمضان، سرق من حقيبة ميرفت (50 عامًا) حوالي 100 ألف ليرة مع أوراقها الثبوتة في وضح النهار، دون أن تشعر بذلك في سوق القمح… وتأسف على الوضع الأمني الذي وصلت البلاد إليه.

أما منطقة أبي سمراء، فتشهد سرقة محرّكات ومضخات المياه من الأبنية السكنية، كما سرقت بوابة مقبرة حديد من التبانة، فضلًا عن سرقة ريغارات في منطقة البداوي، وكلّه من أجل الاستفادة من الحديد وبيعه. ويُشكّل تواطؤ بعض السارقين مع تجار الحديد والمعادن عاملًا أساسيًا في وجود وزيادة هذه الظاهرة… كما شهدت كلّ من بلدتيّ الزاهرية والقلمون ظاهرة سرقة السيارات، ولكن سرعان ما تمكّنت القلمون من السيطرة على هذه الحوادث التي كانت تتكرّر كلّ ليلة منذ أشهر، من خلال وضع فاصل حديدي على  كلّ مداخل البلدية، مع مراقبة شرطة البلدية لكلّ مداخل ومخارج البلدة، ما أدّى إلى تراجعها بشكلٍ واضح مؤخرًا.

في السياق، يكشف مصدر أمني لـ”لبنان الكبير” أنّ أكثر أنواع السرقات انتشارًا في المدينة هي سرقة السيارات لا سيما سيارات “الكيا” وهي تُسرق بأقلّ من دقيقتين، لافتًا إلى تقديم الناس شكاوى بهدف إيجاد سياراتهم. ويقول: “في هذا الأسبوع سرقت حوالي 5 سيّارات، ولكن يُقال إنّ هناك محاولة تهريب للسيارات إلى سوريا ولكن فعليًا لم يتمّ ضبطها من قبلنا حتّى اللحظة”.

ويُضيف:” بدءًا من أوّل الشهر الجاري (أيّ نيسان) حتّى تاريخه بلغ عدد السيارات المسروقة ضمن طرابلس 12 سيّارة”.

هذه عيّنات بسيطة من مجموعة حوادث يتعرّض لها المواطنون يوميًا في طرابلس، وهي لا تُبشر بالخير على الإطلاق.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً