مسلسل رفع الدعم يتواصل… ووزير الصحة خارج التغطية!

راما الجراح

مسلسل رفع الدعم لم ينتهِ فصولاً بعد… فقد رُفع الدعم جزئياً بنسبة 50% عن الدواء باستثناء أدوية الأعصاب والسرطان، وشمل ذلك حليب الأطفال بأنواعه كلها ولكافة الأعمار. جدول جديد أدرجته وزارة الصحة في موقعها ضمن خانة لائحة أسعار جديدة للأدوية، يكشف للجميع اسم الدواء وسعره الجديد. وبهذا، تستحق الدولة اللبنانية أن تدخل كتاب “غينيس” كأول دولة في العالم تتفنّن في مفاجأة مواطنيها. فالخبر الأخير عن رفع الدعم عن الادوية نزل كالصاعقة على الشعب اللبناني الذي يُكافح طوال أيام الأسبوع لتأمين أساسيات العيش، فكيف له أن يتحمل عبء ارتفاع أسعار الأدوية أضعاف ما كانت عليه إلى جانب الغلاء الفاحش الذي يضرب مختلف القطاعات. وكيف للأهالي أن يستوعبوا أن حليب أولادهم أصبح يساوي نصف راتبهم!

الوضع مأساوي جداً، وكأنه الضربة القاضية! عملياً يعني أنه مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والمالية، عدد كبير من الأطفال من عمر سنة إلى ثلاث سنوات سيُحرمون من الحليب بسبب عدم قدرة أهاليهم المادية على شرائه. وعملياً أيضاً سيستغني العديد من المرضى عن علاجهم أو سيضطرون إلى عدم الالتزام باخذ الدواء في وقته بشكل يومي لتوفير المال مقابل تدهور صحتهم.

طار سعر الحليب، فما كان بـ200 ألف ليرة وكانت نسبة كبيرة من الاهالي عاجزة عن شرائه تخطى اليوم الـ350 ألف ليرة و”الحبل عالجرّار”! مؤسف جداً استسهال حرمان الأطفال من قوتهم لصالح الأفراد والاحتكار والشركات الخاصة، ومخزٍ جداً استسهال رفع الدعم عن أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكري وغيرهما وكأنهم يحكمون على المرضى بالإعدام! فكيف سيدفع المواطن اللبناني كلفة دوائه وحليب طفله بعدما بيّنت الإحصاءات الحديثة منذ أيام أن أكثر من 74% من اللبنانيين باتوا تحت خط الفقر؟!

رفع الدعم 100% قريباً

للاستفسار أكثر عن الموضوع، وعمّا إذا كانت هناك آليات مرفقة بقرار رفع الدعم الجزئي عن الدواء والحليب لتخفيف الأعباء عن المواطنين، ومن يتحمل مسؤولية المرضى والأطفال، حاولنا التواصل مع وزير الصحة فراس الأبيض أكثر من مرّه، لكن لم يُجب على جميع اتصالاتنا!

وفي هذا السياق، مصادر خاصة في وزارة الصحة أكدت لـ”لبنان الكبير”: “لا علاقة للوزير بهذا القرار، فرفع الدعم حصل بسبب امتناع شركات الأدوية عن تسليم الدواء لعدم اتخاذ قرار رفع الدعم، لذلك رفع الدعم الجزئي كي يتوافر الدواء في الصيدليات وللتخفيف من أزمة الدواء المقطوع”.

وأشارت المصادر إلى أنه لم يكن أمامهم سوى هذا القرار وأن رفع الدعم لم ينتهِ بعد ومن الممكن أن يتم رفع الدعم بنسبة 80 إلى 100% عن الأدوية في حال عدم تجاوب الشركات وتسليمها الدواء. كما أكدت المصادر أن هناك أنواعاً من أدوية الأمراض المستعصية مقطوعة وغير متوافرة حتى في وزارة الصحة، ومن الممكن مع بداية الأسبوع القادم أن تتوافر في الوزارة والصيدليات.

وزير الصحة لا يتحمل المسؤولية!

من جهته، يشير الصيدلي ريان غطمي إلى أن “قرار رفع الدعم جاء متأخراً جداً، وأنه كان يجب أن يرفع الدعم بشكل كلي عن جميع الأدوية وذلك بهدف توافر الدواء في الصيدليات، فجميعهم يتلاعبون بنا وبالمواطنين، ويجب عدم لوم وزير الصحة في هذا القرار لأنه غير مسؤول عن ذلك، إنما شركات الأدوية لم تعد قادرة على دفع الـ20% الفارق بين سعر صرف الدولار الحالي وسعر الدواء في الصيدليات الثابت اليوم على سعر صرف 18 ألف ليرة”.

وتابع: “رفع الدعم بنسبة 50% عن الحليب والدواء، وعلى الرغم من ذلك لا اتوقع ان تتوافر كميات منها كما يجب لان الشركات لا تزال تدفع الـ50% المتبقية فريش دولار يعني انه لن يتوافر الا برفع الدعم الكُلي، ولا شك أنه في النسبة لجميع الصيدليات قرار رفع الدعم أفضل بكثير من قبل لأنهم يبيعون الدواء على سعر صرف 18 ألفاً ودولار اليوم تخطى الـ 23 ألفاً”.

ويؤكد غطمي أن الأدوية تنقسم ثلاثة أقسام، الأولى التي لم يكن يتخطى سعرها 12 ألفا بقي مدعوماً بنسبة 25%، والقسم الثاني الذي لم يتخطَّ الـ 25 ألفاً بقي مدعوماً بما نسبته 45%، أما فئة 25 ألفاً فما فوق فبقي مدعوماً بنسبة 65%، وهذا الأمر إيجابي من جهة لأن الدواء يمكن أن يتوافر بطريقة افضل من قبل، ومن ناحية أخرى أصبحت فاتورة الدواء باهظة ولن يتحملها أغلب المواطنين مثل دواء الـ “Plavix” على سبيل المثال وهو من أكثر الأدوية طلباً وبالأخص إلى كبار السن الذين يعانون من أمراض في القلب والشرايين، كان سعره 36 الفاً البارحة، واليوم أصبح سعره 171 ألفاً”.

وقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بمعاناة المواطنين وشكواهم على الوضع الصعب وارتفاع الأسعار وبالأخص الذين يعانون من أمراض السكري والضغط، وتحدّث أحدهم وهو مريض ضغط لـ”لبنان الكبير” أنه “حتى البارحة كنت أستطيع أن أشتري أدويتي الأربعة بكلفة لا تصل إلى 400 ألف، أما اليوم فأصبحت العلبة الواحدة تساوي 400 ألف فما فوق، فكيف يمكنني أن اشتري علاجي بعد اليوم”. وأضاف: “في الأيام السابقة جربت أن آخذ الدواء مرة في اليوم كل 48 ساعة وليس كما يجب كل 24 ساعة وذلك لتوفيره وتوفير المال نوعاً ما لكن للأسف ازدادت حالي سوءاً وأصبحت اليوم بحاجة إلى حبتين في اليوم أي علبتين من كل دواء في الشهر وراتبي بات يساوي سعر علبتين من دواء الضغط”!.

شارك المقال