بدأت الضائقة الاقتصادية والمعيشية تهدّد صحة المواطنين وسلامتهم، فبعد قرار رفع الدعم عن الأدوية وحليب الأطفال، أطلّت على أهل البقاع تحديداً موجة انفلونزا قاسية بأشكالٍ مختلفة، بالتزامن مع ارتفاع عدّاد وباء كورونا وتقلّبات الطقس. قلق وخوف كبير يشعر به الأهالي نتيجة اجتياح الانفلونزا لأغلب القرى البقاعيّة بشكل مرعب وذلك مع انطلاقة العام الدراسي الجديد. حالة هلع وتساؤلات كثيرة تُطرح بعد غياب الانفلونزا عن مسامع الجميع منذ انتشار وباء كورونا أي منذ سنتين وظهورها المفاجئ اليوم بوتيرة عالية ومخاطر كبيرة.
ليس سهلاً أن يجتمع فيروسين في بقعة جغرافية واحدة وتستطيع القرى البقاعية مواجهته، وهذا ما أرعب الأطباء في المنطقة الذين يحاولون جهدهم السيطرة على جميع الحالات والتخفيف من عوارضها. وتحركت مصلحة الصحة في المنطقة لمتابعة الموضوع بشكل مستعجل، وأشارت مصادر طبية لـ”لبنان الكبير” أن “الانفلونزا انتشرت بشكل سريع بين العائلات، وأن المستشفيات تعج بالمصابين، وأغلب الحالات لم تُسجل كورونا، واللافت أن عوارض الانفلونزا تأتي في أغلب الحالات أخطر من عوارض كورونا أو مشابهة لها بشكل كبير”. ويُرجح المصدر أن “تفاقم انتشار هذا الفيروس بهذا الشكل وفي منطقة البقاع يعود إلى عدم وجود تدفئة في المدارس، مما أدى إلى انتشار العدوى بين الطلاب، الذين بدورهم نقلوها لأهاليهم، وهكذا أصبح الانتشار كثيفاً وخطيرا”.
وأكدت مصادر تربوية أن “هناك إهمالاً كبيراً من الدولة لناحية تزويد المدارس بالمازوت لتأمين التدفئة للطلاب، وقد عمدت العديد من المدارس في المنطقة إلى إقفال أبوابها هذه الفترة واعتماد التعليم عن بُعد حتى تخفّ وتيرة هذه الموجة، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن تتخذ وزارة التربية قراراً يقضي بإقفال المدارس واجراء فحوص طبية للطلاب”.
كما أكدت مصادر أخرى أن “هناك نسبة كبيرة من المواطنين في البقاع لم يُشعلوا “الصوبيا” في منازلهم بعد بسبب غلاء سعر المازوت والحطب في آنٍ واحد، وقد لجأ أغلبهم إلى استعمال “الحرامات” لردع البرد القارس الذي بدأ يصيب قرى البقاع ولا سيّما ليلاً، وهذا ما قد يضاعف خطر الإصابة بالانفلونزا وانتشارها بهذا الشكل”.
ورأت إحدى الممرضات في مستشفى البقاع في تعنايل أن “نسبة مرضى الانفلونزا الذين أسعفوا في المستشفى في الأسبوعين الاخيرين تحديداً لم يسبق لنا أن شهدناها إلا في بداية انتشار وباء كورونا، الأعداد تخطت المعدلات الطبيعية، وفي اليوم الواحد وصلت الإصابات إلى أكثر من 50 حالة، وأنصح الجميع عند الشعور بأي عوارض الذهاب مباشرة إلى المستشفى لإجراء الفحوص، لأن علاج الانفلونزا يختلف عن علاج كورونا، ويختلف عن علاج نزلات البرد الموسمية أيضاً، وعليهم مباشرة التوجه إلى طبيب جرثومي الذي سينصحهم أكثر بطرق العلاج الفعالة والمناسبة لحالتهم”.
واعتبرت أن “استقبال المستشفى بشكل يومي لعشرة طلاب في الحد الأدنى يعني أن المدارس تعتبر مصدراً أساسياً في انتشار العدوى، فحالات الانفلونزا تخطت حالات كورونا في المنطقة وبالأخص الانفلونزا A الناتجة من الاختلاط والعدوى بين المدارس والمنازل وغياب التدفئة فيها، بالإضافة إلى الإهمال في الوقاية”.
من ناحيته، أشار الصيدلي ريان غطمي إلى أن “نسب الانفلونزا وكورونا نحو ازدياد كبير وللأسف الناس غير ملتزمة بالوقاية للتخفيف من نسبة العدوى، حتى أننا لم نعد نلحظ أي إلتزام بوضع الكمامات، وعندما بدأنا وصف كورتيزون وأدوية حساسية للأطفال من دون نتيجة واضحة تأكدنا مدى خطورة الانفلونزا التي تشمل عوارضها الحرارة المرتفعة، الألم في الحلق، السعال الحاد، سيلان في الانف ، انحطاط الجسم، وضيق في التنفس”.
كارثة صحية وسيناريو مخيف في بلد يرزح تحت ضائقة مادية واقتصادية حادة… الأزمات تتوالى والآتي أعظم!