رأس السنة… مفوَلة!

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

في زمنٍ يعيش فيه اللبنانيون أسوأ أيام حياتهم، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، ونقص في المستلزمات الطبية، وانعدام أدنى مقومات الحياة، نجد بطريقة غريبة شريحة كبيرة من اللبنانيين يعيشون وكأنهم ليسوا في لبنان.

من المعروف أن احتفالات رأس السّنة في لبنان “عامرة”. سهرات للصباح، حفلات للمطربين وشاليهات للجماعات. وكان من المتوقع أن تكون حفلات وداع هذه السنة البائسة قليلة، وأن تكون الشاليهات شبه فارغة بفعل الأزمة الاقتصادية، ولكن الوضع هو معاكس تماماً.

الحفلات كثيفة، والحجوزات كبيرة، والشاليهات “مفوّلة” قبل بشهر والدفع… “فريش” بالدولار.

من المعروف أن اللبناني بطبعه شخصٌ يحبّ الحياة، ويحب هذا الجو من الاحتفالات الّتي لطالما اشتهر لبنان فيها. بالطبع نحن الآن نتكلّم على شريحة كبيرة من اللبّنانيين الّذين يتقاضون رواتبهم بالدولار الأميركي، لكن العديد من اللبنانيّين الّذين يتقاضون رواتبهم باللّليرة اللّبنانية أيضاً هم من المساهمين في تفويلة رأس السنة.

يقول جاد خوري إنّه على الرغم من أن راتبه الّذي لا يتعدى الـ ٢٠٠ دولار، إلّا أنّه استأجر مع أصحابه شاليه ليقضوا ليلة رأس السّنة وأنّ هذه اللّيلة ستكلّفه بحدود الـ١٥٠دولاراً أي تقريباً ثلاثة أرباع معاشه. ويقول إن عليه مستحقّات أخرى أهم من ليلة رأس السَنة لكنه فضّل صرف المال على شيء يجلب له السّعادة في ظل هذه الأوضاع التعيسة. ويقول إن حاله مثل حال شباب كثيرين ادّخروا المال لينفقوه على أمرٍ يسعدهم ويبعدهم ولو لليلةٍ واحدة عن أجواء البلد.

ويقول صاحب أحد الشاليهات في منطقة فاريا الّتي تشهد كل سنة مظاهر احتفالية صاخبة إن الاقبال هذه السنة على الحجوزات أكثر من قبل لأن الأشخاص الذين يتقاضون رواتبهم بالدّولار أصبحوا يعتبرون أن الليلة أرخص من قبل. ويقول إنه بالطّبع ليس حزينا من الوضع بل ‘عالقليلة هيدي الليلة’.

عن أصحاب النوادي الّليليّة والمطاعم يقول جوزف.ع. مدير أحد الملاهي اللّيلية في البترون أن الحجوزات لرأس السّنة ليست خجولة أبداً هذه السّنة عكس ما توقّعناه مع أنّنا لم نقرر بعد برنامج السّهرة ولا الكلفة لكنّ أشخاصاً كثيرين يتّصلون لسؤالنا عن الليلة ويريدون الحجز مسبقاً. ويضيف: “لبنان بحاجة الى نفَس. فليتركوا لنا النفَس”.

وبالطّبع قسم من المغتربين اللبنانيين سيعودون هذا الشهر الى لبنان ليقضوا الأعياد فيه، وهم متحمّسون لدرجةٍ أنّهم يريدون الحجز مسبقاً لقضاء هذه الليلة.

إذاً، اللبنانيون اليوم منقسمون بين شريحةٍ لا تجد رغيف خبزٍ وشريحة ستصرف في هذه الليلة مبلغاً يساوي معاش موظّف لشهرين او ثلاثة او أكثر… بين هذه الشريحة وتلك… عهدٌ… قسّمنا.

شارك المقال