عصابات توهم بتأمين فرص في الخارج… والضحايا بالعشرات!

راما الجراح

تفرض الظروف الاقتصادية على الشباب اللبناني اللجوء إلى خيار السفر كخطوة أساسية للنجاة. فبعدما كانت أحلامهم محصورة ضمن نطاق بلدهم وكانوا يسعون لتحقيقها بشتى الطرق، أصبح طموحهم الأول هو السفر إلى الخارج مع أي فرصة عمل تتسنى لهم هرباً من الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يعاني منه لبنان، مقابل توافر مجالات كثيرة لهم في الخارج. من هنا ازدهر سوق العصابات الذين يمتهنون الفرصة لتزوير تأشيرات باستخدام التكنولوجيا في جرائمهم للقيام بعمليات نصب على الشباب.

هذه العصابات أجبرت الشباب الذين يبحثون عن خيط رفيع من الأمل أن يبيعوا كل ما يمكن بيعه، والقيام بأعمال شاقة من أجل تأمين المبلغ المطلوب للسفر إلى دول الخليج بشكل خاص. هؤلاء الشباب نفسهم لكل واحد منهم قصة مختلفة عن الآخر تحرك العقول. للبحث عن حلول للمشاكل التي تواجه شباباً في مقتبل العمر تفاءلوا بطريقة معينة لتأمين مستقبلهم المادي بالعمل في فرص أفضل خارج بلدهم المأزوم.

وقد طوّرت هذه العصابات طرق احتيالها والإيقاع بالضحايا من خلال إعلانات يقومون بالتسويق لها تتخلل عروضات من تأمين جوازات سفر، وخداع الناس بتأمين فرص عمل لهم وبخاصة في السعودية والإمارات، وذلك مقابل دفع مبالغ مالية غير قابلة للاسترداد يتم تحويلها عبر الـOMT، أو شراء عقارات، وكل ذلك بتفاوت بحسب الدولة التي يطلب منهم الهجرة إليها أو تأمين فرصة عمل فيها.

وأكدت مصادر أمنية لـ”لبنان الكبير” أنه “تم ضبط عدة عمليات احتيال من هذا النوع، وفي التفاصيل التي توصلنا إليها بعد التحقيق مع عدد من هؤلاء النصّابين تبين أن هذه العمليات تحصل من طريق إعلان على منصات التواصل وبخاصة فيسبوك من نصابين ومنتحلي صفة “مخلص معاملات” أو “خبير دولي” للحصول على فيزا إلى إحدى الدول الأوروبية، وعند التواصل مع صاحب الإعلان يطلب الحصول على جواز السفر لطالب الفيزا، ومبلغاً مالياً غالباً يكون بالفريش دولار”.

وأضافت المصادر أن “مَن يقومون بهذا العمل يشرحون للشباب أن طريقة الإستحصال على الفيزا الأوروبية تأتي من خلال ثلاث طرق، أولاً عبر منظمة الأمم المتحدة وإذا لم تكن النتيجة إيجابية يستخدمون الطريقة الثانية عبر المنظمات الانسانية الدولية، وفي حال فشلوا في هذه الطريقة أيضاً يستخدمون الطريقة الثالثة وهي عبر الممرات الإنسانية، وبعد سحب مبالغ مالية كبيرة من طالب السفر وعدم القدرة على استحصال الفيزا له وعندما ييأس الأخير من الانتظار، يطلب استرجاع جواز سفره وهنا يطالب “النصّاب” بمبلغ مادي جديد بالفريش دولار بدل أتعابه للاستحصال المزعوم على الفيزا الأوروبية!”.

وأشارت المصادر الأمنية إلى أنه “إضافة إلى كل ما ذكرناه، اكتشفنا أن هناك عددا كبيرا من الإعلانات يروّج لها من عصابات وذلك للمساعدة في الحصول على معاملات وأوراق شخصية ثبوتية من سوريا لقاء مبلغ مالي يراوح ما بين ٢٥٠ ألف ليرة و٥٠٠ ألف ليرة لبنانية”.

وتروي إحدى الأمهات الناجيات من عملية احتيال قصتها: “ولداي توأمان في العشرين، شاءت الظروف أن لا يستكملا دراستهما، وانخرطا في سوق العمل باكراً، لكن الأوضاع المعيشية فرضت عليهما أن يبذلا جهدهما لإيجاد طريقة للسفر إلى الخارج علّهم يجدون فرصة عمل جيدة، وبعد عدة محاولات تواصل معنا أحد أعضاء شركة تُدعى “Quick line” وأكدوا لنا أنهم سيؤمنون فرصة عمل لولدي وطلبوا مبلغ مليوني ليرة في البداية، لكننا رفضنا إرسال أي مبلغ قبل التأكد من فرصة عمل معينة في الخارج، وبعد انتهاء المحادثة حظروا رقمنا عن تطبيق واتساب وعن المكالمات، عندها تأكدنا انها عصابة أرادت استغلالنا وأرجو من الجميع الانتباه جيداً لألاعيب كهذه”.

أما ياسر فلم ينجُ من عملية الإحتيال، واستطاعت إحدى السيدات منتحلة صفة “محامية” أن تخدعه بأنها ستؤمن له جواز سفر سريعاً وبالتالي عملا في إحدى الدول الأوروبية، وقد أرسل لها 500 دولار كأول دفعة، وبعد أن قامت بتأمين جواز سفر حقيقي دفع لها مبلغ 200 دولار إضافية على أساس أنه بعد عدة أيام سيتأمن العمل في الخارج وسيحجز فوراً للسفر، ولكن لسوء حظه، اختفت المحامية وتبين أن جواز السفر مزوّر!

شارك المقال