يدخل ملف الأستاذ المتحرّش سامر مولوي في “ثانوية المربّي جورج صراف” في أبي سمراء إلى مرحلة “البازار” القضائي والإعلامي، وفي نطاق من المزايدات التي تكاد تكون غير منطقية، مثله مثل أيّ ملف آخر في لبنان يُكرّس غالبًا للدخول في حفلة من “البازارات” المختلفة، سعيًا أو رغبة من البعض في تطيير الحقيقة التي يسعى الكثير من أهالي الطالبات إلى الوصول إليها بعد معاناة فتياتهنّ من تحرّش هذا الأستاذ بهنّ باستمرار منذ أعوام.
يحظى مولوي اليوم بشهرة لم يكن يحلم بها طوال عمره، وقد حاول مرارًا من خلال تأسيس مجموعات إخبارية “واتسابية” تحت اسم “سامريات” (مع المشاركة في فعاليات ثقافية متنوّعة)، الانخراط في العمل الإعلامي الطرابلسي، لكنّه لم يرتقِ إلى مستوى يدفعه ليكون صاحب شهرة وأعمال يُحسد عليها وينظر “الطامعون” لها بأنّها “إنجازات”، وبالتالي تستغرب أوساط طرابلسية في حديث مع “لبنان الكبير” سماح هذا الأستاذ لنفسه في أوّل تصريح إعلاميّ له بتربئة نفسه من كلّ التهم التي وجهت إليه، معتبرًا أنّه يتعرّض لحملة تستهدف النيل من نجاحه، كما تستغرب أيضًا سكوت بعض الأهالي عن هذه القضية وعدم توجّههم مباشرة إلى تعيين محامٍ للادّعاء عليه دفاعًا عن حقّ بناتهنّ.
القضية في “الضياع”
حسب مرجع قانوني، فإنّ الملف بات في عهدة القضاء، إذ تمّ تكليف مندوبة الأحداث متابعته وفق القانون. ويقول لـ”لبنان الكبير”: “يُمكن تعيين محامٍ لهذه القضية، لكن الأهالي لم يقم أيّ منهم حتّى اللحظة بهذه الخطوة رسميًا، ويُمكن الانطلاق من إفادة واحدة تُدلي بها الضحية”.
أمّا عن السبب الذي يدفع الأهالي إلى السكوت عن المطالبة بحقهم، فيُشير مقرّب منهم لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ خوف بعضهم من “الفضيحة” وخوف آخرين من عدم إنصاف القضاء اللبناني، يُؤثّر في سير هذه القضية، ويقول: “ناطور في الثانوية تعرّضت بناته للتحرّش لكنّه لم يدافع عنهنّ، بل كان ينقل الأحاديث والتطوّرات إلى مدير المدرسة، وعارض بناته كما يُعارض أيضًا بعض الأهالي”، مضيفًا أنّ “الطاسة ضاعت في هذه القضية بسبب الرغبة في تقسيم الأهالي لتبرئة المتّهم المدان”.
“ضاعت الطاسة”
في الواقع، ومنذ اللحظة التي انتشرت فيها هذه الفضيحة، أعلن عدد من المحامين شمالًا مناصرتهم لهذه القضية وتقديمهم الدّعم الكامل للأهالي والتلميذات، لكن ووفق عدد من المحامين فإنّ هذه القضية تتعرّض لتدخلات عدّة تستهدف “تمييع” الملف.
ويقول أحد المحامين لـ”لبنان الكبير”: “طلب منّي بعض الأهالي دعمهم في هذه القضية، لكن لم يتمّ أبدًا هذا الموضوع بسبب تدخلات من كلّ الجهات سمحت بمرور أكثر من يومين من دون رفع الدعوى القضائية، مع فرض بعض الجهات الإعلامية تدخل محامٍ يضع شروطًا معيّنة على الأهالي، أو قيام محامين آخرين بالتدخل وفي ملفاتهم الكثير من التهم المرتبطة بالتحرّش، فهل يُعقل دفاعهم عن هذه القضية؟”، مؤكّدًا “ممارسة وزارة التربية ضغوطاً مستمرّة على الأهالي لمنعهم من التقدّم بشكوى شخصية، وذلك على اعتبار أنّ وزير التربية عباس الحلبي يتابع هذه القضية بنفسه مع وعود متنوّعة أطلقت ليُطمئن الأهالي”.
وبعد اختفاء مولوي وظهوره “صوتيًا” عبر الإعلام، يُشدّد مصدر لـ”لبنان الكبير” على أنّ هذا الظهور كان محاولة لإخراجه بريئًا من هذه التهم بعد إعطائه الضوء الأخضر. “فهذا الضوء الأخضر هو الذي سمح بظهوره إعلاميًا بعد تواريه عن الأنظار ليوميْن هربًا من الفضيحة والمساءلة القانونية”، مع البدء بمواجهات وحملات تطال فئات مناصرة لهذه القضية منها أحد المحامين الذي انسحب مباشرة بعد سماعه شائعات شخصية باتت تطاله.
وفي الوقت الذي تتمّ فيه دعوة بعض المحاميات للمشاركة في دعم هذه القضية، يُؤكّد المصدر أنّ معظم المحاميات اللواتي تمّ التواصل معهنّ رفضن الانخراط فيها، بسبب “الخوف من الملفات الملفقة، لا سيما في ما يتعلّق بمسائل الشرف والتي من السهل إطلاقها بين النّاس لتكون كفيلة بإغلاق أيّ ملف مهما بلغت أهمّيته…”.
قرار تربوي “تخفيفي”
بعد اعتصام احتجاجي جديد نفذه التلاميذ أمام الثانوية، أعلمتهم وزارة التربية بأنّها اتخذت قرارًا بتعيين مدير موقت جديد وهو أحمد حرّوق بدلًا من المدير السابق محيي الدّين حدّاد الذي اتهمه التلاميذ بتواطئه مع مولوي عبر السكوت عمّا كان يقوم به أو عدم الاستماع إلى الشكاوى المقدّمة ضدّه.
كما ستتخذ وزارة التربية “قرارات إدارية صارمة بحقّ مولوي وبحقّ كلّ من منع وصول التقارير التي كتبت ضدّه إلى المعنيين بهذا الملف”، وذلك وفق مرجع تربويّ، لافتًا إلى أنّ قرار تعيين مدير جديد لم يكن إلّا رغبة في التخفيف من حدّة الأزمة، ولا سيما بعد معارضة التلاميذ بقاء المدير في منصبه، مع رفضهم العودة إلى مقاعد الدراسة في حال بقاء مولوي في الثانوية”.