مكتومو القيد.. رهائن القوانين الملغومة والمسؤولية المعدومة

جنى غلاييني

ولدوا في لبنان وحرموا من هويّتهم، والأسباب متعددة. فلا حقوق لهم ولا تسهيلات وكأنّهم أرقام عابرة، وبياناتهم بقيت طي الكتمان. “مكتوم القيد” مصطلح شهير في المجتمع اللبناني، هم فاقدو هويات الأحوال المدنية، دولتهم لم تعترف بهم أو لم تبذل جهدا لإعطائهم أوراقهم الثبوتية كاملة. وها نحن الآن أمام جدل جديد يبرز الى واجهة ملف مكتومي القيد، ألا وهو التجنيس المقنّع للسوريين بأختامٍ رسميّة قام بها بعض مخاتير الضيع للتجارة وتحقيق أرباح غير مشروعة.

وفي هذا الإطار، تقدم النائب جورج عطالله في شهر تشرين الأول الماضي باقتراح مشروع قانون يرمي إلى عدم منح الجنسية اللبنانية لمكتومي القيد من مواليد 2011 وما فوق، ويوضح لـ”لبنان الكبير” أنّ “هذا القانون مرتبط بالنزوح السوري الذي اشتدّ عام 2011، إذ تبيّن للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين أنّ نحو 76% من ولادات النازحين ليست لديها وثائق قانونية وبالتالي يلجأون الى بعض مخاتير الضيع الذين يخالفون القانون عبر بيع وثائق مكتومي قيد للنازحين والتي من الممكن من خلالها أن يقدّموا طلب حصولهم على الجنسية اللبنانية، مع العلم أنّ هذه الوثيقة لا تعطى إلاّ لشخص أصوله لبنانية”.

وعن تحذير سابق للمحلل السياسي والمحامي جوزف أبو فاضل لرؤساء اللجان والكتل النيابية المسيحية من مسؤولية إقرار مشروع هذا القانون، إذ يرى أنّ هذا القانون يهدف الى إحداث تغيير ديموغرافي في البلد، يلفت عطالله: “أنا طرحت هذا القانون على المجلس النيابي لكونه يقوم على مبدأ معين وهو عدم السماح بالتجنيس المقنّع عن طريق التحايل على القانون اللبناني، وليس على مبدأ إحداث خلل أو تغيير ديموغرافي”. ويتابع: “لكن لاحقاً إذا قمنا بحسابات ودراسات فمن المحتمل أن يحدث تغييراً، لكن الهدف المرجو من هذا القانون هو أنّ الجنسية اللبنانية لا تعطى كيفما كان أو على أساس “هات إيدك والحقني”، ومن طريق بيع وثائق مزورة للنازحين السوريين ليتمكنوا من أخذ الجنسية”.

وإذا نظرنا الى هذا القانون الذي يقف عند مواليد 2011 المقترن بالنزوح، نرى أنّه من جهة أخرى يحرم مكتومي قيد من أصول لبنانية ومن هذه المواليد فما بعد، ويوضح عطالله في هذا الموضوع: “طرحت هذا القانون مستنداً الى تقارير أنجزتها وزارة الداخلية والتي تشير الى أنّ الأعداد المسجلة لمكتومي القيد من أصل لبناني نحو 98.7% منهم قد استحصلوا على الجنسية اللبنانية بمرسوم التجنيس سنة 1994، وبالتالي عملياً لم يعد هناك أعداد كبيرة من مكتومي القيد، لكن بالطبع حالياً لا يزال هناك بعض الحالات التي قدّمت أوراقها قبل سنة 2011 للقضاء اللبناني والذي بدوره يثبت ما إذا كان مكتوم القيد من أصول لبنانية أم لا”.

ويختم: “لا للتجنيس المقنّع، ويجب أن نقارب هذا الموضوع على مستوى وطني وليس على مستوى فئوي أو سياسي”.

من ناحية أخرى، يرى رئيس جمعية “مصير” مصطفى الشعار أنّ “هذا القانون الذي يرمي الى عدم إعطاء الجنسية لمكتومي القيد من مواليد 2011 فما فوق، لا علاقة له بالأزمة السورية، وأنّ طريقة طرحه ملغومة”. ويوضح: “مكتوم القيد السوري يختلف عن مكتوم القيد اللبناني، والدولة اللبنانية لا تمنح الجنسية بناءً على ورقة مختار بل هناك ضوابط لمنحها، وهناك تحقيقات أمن عام ودرك وغيرها للكشف عن أصول مكتوم القيد، لذا يستحيل الحصول على الجنسية من ورقة مزورة”. ويلفت أنه “يجب التفرقة بين مكتوم القيد وعديم الجنسية، فمكتوم القيد هو الشخص المولود في لبنان وعدد من من عائلته يحملون الجنسية اللبنانية، أما عديم الجنسية فهو الشخص الذي يعود أصله وأصل أجداده الى لبنان لكن لا وجود لأوراق ثبوتية لديهم”.

ويشير الى أنه “يمكن التأكد من الشخص الذي يحمل وثيقة مكتوم القيد التي تتجدّد سنوياً، إذا كان لبنانياً أم لا من طريق معرفة أصل أهله وما قبلهم وهذا ما تفعله جمعية مصير، حيث لا تمر علينا هذه الأمور فكيف ستمر على الدولة”.

وعن المخاتير الذين يبيعون وئاثق مكتومي قيد لسوريين، يقول: “كان هناك مختار واحد فقط يقوم بهذا الأمر وتم إيقافه، أمّا مكتومو القيد السوريون فيمكن أن يعودوا الى بلدهم وأن يستحصلوا على جنسيتهم السورية، كما يمكن للأمن العام بقرار واحد أن يجبرهم على التسجيل لحصولهم على جنسيتهم”.

ختاماً، وعن القرار الذي أصدره وزير العمل مصطفى بيرم والذي يسمح للاجئين الفلسطينيين ولأولاد الأم اللبنانية ومكتومي القيد وقيد الدرس بالعمل قي قطاعات كانت حصراً للبناني، يشكر الشعار الوزير بيرم، ويعتبر “أنّ هذا القرار العادل سوف يساهم في نهوض لبنان اقتصادياً وفيه حل لمشاكل الأسر الاقتصادية والتخفيف عن كاهل الدولة لناحية تقديم المساعدات، وأدعو باقي الوزراء الى القيام بما هو ضروري من قرارات تنصف الفئات المهمشة وأصحاب الحقوق”.

شارك المقال