هجرة الأطباء مستمرة… والرعاية الصحية تتراجع

تالا الحريري

منذ بداية الأزمة في لبنان أي منذ ثورة تشرين وتداعياتها على أوضاع البلد، بدأنا نشهد هجرة الأطباء والممرضين. وتوالت الأزمات في لبنان الى أن إنهار القطاع الصحي وضعُف بسبب غياب الأدوية والمستلزمات الطبية وانتشار فيروس كورونا، مما أنهك الأطباء والممرضين ودفع قسماً كبيراً منهم الى الهجرة. وأُقفلت بعض الأقسام الأساسية في الكثير من المستشفيات، ولم تعد الرعاية الصحية تلبي المريض الذي صار يتفادى اللجوء الى المستشفيات بسبب الاسعار المرتفعة للعناية الطبية إن لم تكن بالفريش دولار.

أبو شرف: الدولة مفلسة والناس مفلسون

يفيد نقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف “لبنان الكبير” بأنّه “لا يوجد عددا كافيا من الأطباء وهناك قسم لا يُستهان به من الممرضات قد هاجروا، وهناك عدّة مستشفيات أقفلت أقسامها. لذلك نحن نطلب من الجميع التقيّد بالتدابير الوقائية والتلقّح، لأنّه لا يوجد امكانية للمستشفيات لاستيعاب الأعداد كالسابق في حال حصل أي ضغط”.

ويضيف: “هناك مشكلة كبيرة لذلك وجهت انذاراً لعدم الاستهتار بهذه الأمور والّا منفوت بالحيط. ففي أوروبا يقومون بإقفال البلد والأقسام في المستشفيات على الرغم من الامكانات الهائلة التي لديهم، فكيف بحالتنا الحالية؟”.

وعن عدد الأطباء المهاجرين يوضح: “ما زلنا نشهد هجرة كثيفة وهناك لا يقل عن 2500 طبيب هاجروا والحبل على الجرار ويوجد ممرضات أيضاً على هذه الطريق. وليس هناك سبباً واحداً، فكل الأمور الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية دفعتهم للهجرة. بالاضافة الى عدم قدرتهم على التصرف بأموالهم المودعة في البنوك، فالذي لديه واجبات ومصاريف في الخارج يضطر الى الرحيل، هذا عدا عن التعرفات الهزيلة. فأسعار الجهات الضامنة الرسمية رمزية والجهات الضامنة الخاصة تسير على الخطى عينها. نحن نحاول قدر المستطاع تحسين وضع التعرفات لكن يبقى هناك مشكلة، فالدولة مفلسة والناس مفلسون فكيف للطبيب أن ينطلق في عمله؟”. ويتابع أبو شرف: “ليس سهلا أن ينطلق الطبيب في عمله، لذلك يجب أن نتعاون ونتعاضد قدر الامكان حتى نتخطى هذه المرحلة التي لن تدوم ولكن أتمنى أن لا تستمر طويلاً”.

وعن هجرة الأطباء من المستشفيات الحكومية والخاصة، يقول: “الأطباء يهاجرون من المستشفيات الخاصة أكثر من الحكومية، فالتعويل في الأساس كان على القطاع الخاص، و80% من المستشفيات الخاصة أعطت لبنان صورة مستشفى الشرق. المستشفيات الحكومية كانت بالويل على الرغم من كل الأموال التي استثمرت فيها لتحسين وضعها ولم تعط النتيجة المرجوة. بإستثناء مستشفى رفيق الحريري الحكومي في وقت كورونا، لأن وزير الصحة الحالي كان مديرا للمستشفى واستطاع أن يضبطها بمساعدات من منظمة الصحة العالمية ومبادرات خاصة”.

أمّا الأخبار التي يتم تداولها عن الاستعانة بممرضين من غير الجنسية اللبنانية لتغطية غياب الأطباء والممرضين الذين هاجروا، يؤكد أبو شرف: “أولاً نحن ضد ذلك وبدلاً من أن يستعينوا بممرضين من الخارج يجب أن يساعدوا الموجودين ويشجعوهم. ثانياً، قانونياً الأشخاص من جنسية أخرى لا يحق لهم العمل في لبنان، ووزير العمل مصطفى بيرم طرح ذلك لكن ليس لديه الحق، وهو مجبر أن يأخذ الموافقة من نقابة الأطباء. وفي حال أراد أن يسيّر الأمور انسانياً يجب أن يُقدم مشروعا في مجلس النواب ويأخذ الموافقة عليه، فيكفي مخالفة للقوانين”.

وبالنسبة للحوافز التي تقدّم للأطباء والممرضين، يقول: “الحوافز قليلة جداً مع الأسف ونحن كنقابة نحاول أن نساعدهم عبر عدة أمور. فقد تم إصدار قانون حصانة الطبيب ضد العنف بسبب التعدي على الأطباء لفظياً وجسدياً، وكل من يتعدى على طاقم صحي او استشفائي أثناء ممارسته للعمل يُسجن ويدفع غرامة مالية. وعندما يموت مريض في العناية بسبب فيروس كورونا على الرغم من كل العلاجات المقدمة، فجأة يتم تهديد الطبيب وضربه، هذا لم يحصل في أي بلد وهذه من الأسباب التي تدفع الأطباء للهجرة أيضاً. لذلك من الضروري الاضاءة على هذا الموضوع في المجتمع للتوعية من جهة ولضمان معاقبة المعتدين من جهة أخرى”.

شارك المقال