1.8 مليار ليرة ضمان سوق المرج… والمُتعهد يُطمئِن! 

راما الجراح

إنها السوق الأشهر في منطقة البقاع ولبنان بشكل عام، ومقصد التُجّار والمواطنين من الشمال والجنوب والجبل، وتعتبر السوق الخاصة في المرج لذوي الدخل المحدود وبالأخص اليوم في زمن الغلاء وعدم القدرة على التسوق من “المولات” الكبيرة. على مساحة 50 ألف متر مربع، تنتشر “بسطات” متعددة الأحجام ومتنوعة المضمون، لكل واحدة منها بدل اشتراك يتقاضاه منها المسؤولون عن ضمان السوق كل إثنين على مدار السنة، ويختلف المبلغ من سنة إلى أخرى حسب المبلغ الذي ضُمن به السوق، وطبعاً يُعتبر من الروافد المالية للبلدية.

وفي هذه الفترة من كل عام، تخضع السوق لمزاد علني يُقام في قاعة البلدية لتحديد من هم الأشخاص الذين سيضمنونه، وجرى مزاد عام 2022 بين عدة مجموعات تضم أفرادا تمثل أغلب عائلات البلدة تقريباً، والمفاجأة أن الرقم الذي وصل إليه المزاد وضُمن به السوق خيالي مقارنة بالأعوام الماضية، فبعدما كان ضمانه لعام 2021 يبلغ 240 مليون ليرة، ارتفع بشكل كبير ليصل إلى مليار و800 مليون ليرة، أي حوالي 8 أضعاف. منطقياً، يُعد هذا المبلغ كارثيا وخطيرا على المواطنين ذوي الدخل المحدود من جهة، وعلى السوق عينها من أن تدخل مرحلة المجهول وتخسرها المنطقة بشكل عام وهي التي تعتبر تراثا تتغنى به بلدة المرج والبقاع ككل من جهة ثانية.

تضاربت المعلومات حول الأرقام التي يمكن أن تُزاد على البسطات الموجودة في السوق والتي يقصدها أصحابها من مختلف المناطق اللبنانية لكسب الرزق فيها، وشنّ عدد كبير من الأهالي هجوما على المتعهدين الذين ربحوا المزاد لأنهم سيتسببون بإفقار الناس أكثر، وهم من سيتحملون مسؤولية ما قد يحصل.

لمعرفة تفاصيل أكثر عن الأسباب التي أوصلت ضمان السوق إلى هذا المبلغ، تواصل “لبنان الكبير” مع المتعهد الحالي للسوق والذي فاز وشركاؤه أيضاً بضمان عام 2022 بشار السيد الذي قال أن “هذا المزاد لا يشبه المزادات السابقة، فللمرة الأولى يكون هناك حوالي 5 مجموعات تتنافس فيما بينها على الضمان، وتضم عدة فئات، وكان التنافس في البداية ودّيا، اذ افتتح رئيس البلدية المزاد بمبلغ 400 مليون ليرة، وانسحب العديد من المجموعات عندما وصل الرقم إلى حوالي 900 مليون، ونحن كمتعهدين منذ حوالي 4 سنوات ندرك أكثر من غيرنا انتاجية السوق وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها البلاد ليس اليوم فحسب، بل منذ عدة سنوات، والجميع يعلم التأثير السلبي لكورونا وفترة إقفال البلد في جميع المجالات من ضمنها الأسواق الشعبية، لذلك لم نكن نزايد في البداية على المبلغ لانه ليس من مصلحة أحد أن يصل المبلغ إلى ما وصل إليه”.

وأضاف: “بعد ذلك تسببت “الحزازيات” العائلية نوعا ما في ارتفاع قيمة ضمان السوق إلى مليار و800 مليون ليرة لبنانية لأول مرة في تاريخه، وهذا الرقم يؤثر بشكل سلبي في انتاجية السوق وبالأخص عند رفع تعرفة أو اشتراك البسطات، وبالتالي سبّب الرقم خوفا في صفوف أهل المرج والتجار في لبنان الذين اعتادوا النزول إلى المنطقة كل إثنين للاسترزاق”.

وأوضح السيد أنه “لا داعٍ للخوف أبداً، لأننا لن نظلم أحداً، والجميع يعرفنا ويشهد لنا بنزاهتنا في التعاطي بموضوع سوق المرج منذ سنوات عدة، وأُطمئن الجميع أن لا زيادات مرهقة على البسطات أو رأس الغنم أو البقر خوفاً من هجرتها، لكن لا بُد من الزيادة لكوننا حتى نهاية هذا العام ما زلنا نتقاضى اشتراكات من البسطات على تعرفة الـ 1500 ليرة، وبالتالي الزيادة أصبحت مشروعة وستوازن بين عدم الخسارة في الضمان وعدم تهجير البسطات”.

إذاً، من الطبيعي أن يصل سوق المرج الشعبية إلى مرحلة “الزودة” على البسطات في ظل كل التخبطات الاقتصادية والمادية التي تطال المتعهدين من جهة وحتى أصحاب البسطات من جهة ثانية، يكفي أن يكونوا رحماء في الزيادة كما أكد المتعهد، لتبقى السوق منارة البقاع والمتنفس الوحيد لأهله.

شارك المقال