تطبيقات البيع… في خدمة “الفقراء”

جنى غلاييني

مع اشتداد الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية في لبنان، وصلت نسبة كبيرة من المواطنين اللبنانيين الى مرحلة العجز بعد تراجع القدرة المالية وندرة وجودها في حوزتهم، وباتوا يبيعون ملابسهم أو أثاث منزلهم أو أي شيء يملكونه ليتمكنوا من الاستمرار وذلك عبر عرضه على تطبيقات لبيع أي شيء مستعمل لتصبح الحل الأنسب لمساعدة الناس على تأمين لقمة عيشهم التي باتت تعتبر إنجازاً لهم.

“المعتّر لو سِعِد بيموت”… هذه هي حال اللبناني الذي أصبح يعيش كل يوم بيومه في حياة يخلوها الرفاه، فاقداً الأمل بحكامه وبوطنٍ لم يقدّم له إلّا الهم والتعتير، فالى جانب بيعه لأغراضه للحصول على بعض المال، أصبح يلجأ الى المقايضة أيضا حيث يعرض على منصة “OLX” مثلاً، ما يريد التخلّص منه أو ما هو أساسي في حياته مقابل حصوله على الشيء الذي هو بأمسّ الحاجة إليه.

والكل يكافح على طريقته الخاصة للاستمرار في مواجهة الأزمات المعيشية الخانقة، حتى وصل الأمر في البعض لبيع أحد أعضائه للعيش.

“بعد في كليتي ما بعتها”، وهذا تحديداً ما عبّر عنه أبو محمود (50 سنة) لـ”لبنان الكبير”، وهو أب لخمسة أولاد تراوح أعمارهم ما بين 8 سنوات والـ19 سنة، ويعمل في بيع اليانصيب في شوارع بيروت، حيث يصف حالته وفي قلبه غصّة: “لقد بعت كل ما أملك، لم يبقَ لي ولأولادي إلّا منزل بالإيجار يضمّنا وهو فارغ من أثاثه، إذ قمت ببيع معظم أغراضه عبر الاونلاين من تلفاز الى سخّان الطعام الى سجّاد الى ألعاب الأولاد، وعرضتها على تطبيق لبيع الأغراض المستعملة أو على صفحات البيع على الفيسبوك، وقريباً سأبيع الغسّالة لتسديد إيجار المنزل وإلّا سنعيش في الشارع، لكنّني أسعى جاهداً أنا وأبنائي الكبار للبحث عن عمل لنا بمصروف يومي يكفينا لتأمين الطعام ومستلزمات البيت، أمّا إذا استمر الوضع على هذه الحال فسأضطّر فعلاً الى بيع كليتي”.

“أعيش كل يوم بيومه”، بادرت لينا (35 سنة)، أم لثلاثة أولاد، بكلّ أسف لتضيف: “زوجي بلا عمل، وأنا أعمل مصفّفة شعر في المنازل بعد أن أقفلت محلي بسبب زيادة الايجار، مما دفعني الى استخدام OLX لعرض أغراض المحل من مفروشات الى عدّة العمل الى المنتجات، وأنا أواصل بيعها بأسعار زهيدة”. وتابعت: “لولا هذا الحل كنّا أنا وأولادي بلا أكل وشرب، مع العلم أنّ زوجي يحاول إيجاد أنسب وظيفة تلائم شهادته، لكنني أعيش كل يوم لأفكّر كيف سأؤمّن مصروف اليوم التالي، لذا اضطّررت الى بيع بعض الأغراض التي قلّلت من استخدامها لعلّها تأتيني بمبلغ من المال أستطيع فيه تأمين حاجاتنا”.

تشعر لينا بالحزن الشديد على الوضع الذي وصلت إليه، إذ لم تكن تتوقّع يوماً أن تمر عليها أيّام سيّئة لا ذنب لها ولأسرتها فيها، في حين كانت معتادة على تأمين أجمل الملابس لأولادها وتحضير ألذ الأطعمة الفاخرة، وشراء الهدايا وغيرها من الأمور البسيطة التي يحق لكل مواطن أن يعيشها.

“قمت بمقايضة البلايستايشن عبر أحد التطبيقات للحصول على برّاد”، قال محمد (25 سنة)، الشاب الذي لم يكمل تعليمه الجامعي بسبب ظروف البلد، فقد ترك اختصاص الهندسة في السنة الثالثة بسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وغلاء القسط الجامعي، واليوم هو عاطل عن العمل كبقية أفراده، وهو المعيل الوحيد لوالديه. وبحزن، يقول محمد: “تركت تعليمي مضطراً وأنا الآن لا أملك شهادة أعمل بها وحتى لو ملكت لن تنفعني في لبنان بعد الآن، ولهذا السبب ولكي أؤمّن مصروف المنزل، أستعين بتطبيعات تجعلني قادراً على بيع أي شيء مستعمل ما عدتّ بحاجته من خلال عرض صورها والسعر الذي أضعه لها”. ويوضح: “مؤخّراً قمت بعرض البلايستايشن (PlayStation) خاصّتي للمقايضة وليس البيع، إذ تعطّل برّاد الطعام في منزلنا واحتجنا الى شراء واحد جديد، فقمت بمقايضة البلايستايشن عبر احد التطبيقات مقابل حصولي على برّاد ولو كان مستعملاً”.

ويضيف: “أشكر هذه التطبيقات التي سنحت لي أن أؤمن ولو مبلغاً بسيطاً من المال، فسابقاً كنا نرمي أي شيء لا نريده، اليوم أصبحت أعرض ثيابي وثياب إخوتي الصغار وبعض أدوات المنزل التي ما عادت أمّي تحتاجها لكي أكسب المال وليستفيد غيري من هذه الأشياء بأسعار زهيدة”.

شارك المقال