2021… عام طوابير الذلّ

جنى غلاييني

لم تستطع هذه السنة أن تفارق لبنان من دون أن تودّع شعبها الذي اعتاد الذّل، ولأنّ المواطن اللبناني بات معتاداً على أن يعتاد. فلم يعد للدولة اللبنانية أي هم، في ظل خنوع المواطن، لكل ما تفرضه عليه.

سنة 2021 عُرفت بسنة “طوابير الذل”، التي لم تغب ملامحها عن الساحات اللبنانية، إذ شهد لبنان أوائل العام طوابير البنزين، وفي ختامه طوابير المصارف.

طوابير البنزين

استيقظ لبنان على خبر انقطاع المحروقات بسبب توقف مصرف لبنان عن دعمها، لتشهد محطّات البنزين زحمة مئات السيارات التي شكّلت طوابير طولها مئات الأمتار، تلك الطوابير التي استمرّت أشهرا عدّة، لم ينَل المواطن اللبناني منها سوى الذل وعرقلة حياته اليومية، وبات ينتظر أمام محطات البنزين لأكثر من 6 ساعات وفي الأخير “كل هالنطرة ليأخذ قطرة”.

طوابير البن

بين ليلة وضحاها، رُفع الدعم عن البن ليصبح سعر الكيلو موازٍ لسعر السوق السوداء، و كالعادة فور وقوع الخبر تهافت الناس لشراء البن بكميات كبيرة تفوق حاجتهم، مشكّلين طوابير على محّلات البن التي لم تتوقّع أن تطالها الأزمة. فبات سعر البن يحسب له ألف حساب وأصبحت القهوة عبئاً على متناوليها.

طوابير الأفران

ثم انتقلت الأزمة الى الأفران، بعد الإعلان أنّ مخزون الطحين على وشك الانتهاء، مما يعني أنّ “لا رغيف خبزٍ بعد اليوم”. حتّى رغيف الخبز الذي لا يمكن الاستغناء عنه في الموائد، قامت الدولة اللبنانية العظيمة بحرمان شعبها منه!

طوابيرٌ على أبواب الأفران، وبات اللّبناني يتنافس للحصول على حصّته من الخبز التي ما عادت متوفّرة بسهولة.

طوابير الغاز

ولم تكتفِ الدولة بما سبق… وفتحت طابوراً جديداً، طابور الغاز. ويعود السبب الى عدم إعطاء مصرف لبنان موافقة مسبقة لدخول بواخر الغاز الى لبنان، وكانت حجة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة دائماً عدم وجود أموال في المصرف. وكثُرت الطوابير على شركات الغاز، واصبح الجشع سيد الساحة ليصبح الصراع على الكميات التي سيحصل عليها اللبناني.

طوابير الصرّافين

أضحى المواطن اللبناني يستيقظ كل يوم على جملة “أديش الدولار اليوم؟”، لنراه بعد ساعات قليلة متربّصاً بمحلاّت الصيرفة عند انخفاض سعر صرف الدولار لشرائه مقابل الليرة اللبنانية. وبدلاً من أن يكون هم المواطن تثبيت الدولار على سعر معّين، أصبح ومن دون وعي يراقب صعوده وهبوطه ليشتري ويبيع حيث أصبحت للبعض تجارة.

طوابير “تاتش” و”ألفا”

وما أن انتشرت معلومات عن إمكان رفع أسعار بطاقات تشريج الهواتف، حتّى تهافت المواطنون على محلات تاتش وألفا لشراء بطاقات تكفيهم لمدّة سنة كاملة أو حتّى لتشريج هواتفهم لأطول مدّة ممكنة، على الرغم من أنّ بعض أصحاب المحلات عمدوا الى رفع سعر البطاقات قبل أن يصدر القرار رسميّاً نتيجة الطلب الكثيف عليها فبيعت في السوق السوداء.

طوابير المصارف

ولكي تكتمل سلسلة طوابير الذّل، لا بدّ للدولة من تذكير اللبنانيين بها فجعلتهم ينتظرون أمام المصارف ليحصلوا على رواتبهم بالفريش دولار على سعر “صيرفة”، ثم بيعها في السوق السوداء عند الصرّافين حسب السعر المتداول. مما استدعى مدراء بعض المصارف الى إقفال الأبواب أمام الزبائن الذين وصلت أعدادهم الى المئات.

الآن يمكننا القول أنّ عام 2021 كان عام طوابير الذل بامتياز، فيما كان الصبر يرافق اللبناني، مع العلم أنّ استراتيجيات الدولة بالضحك على الشعب اللبناني تنجح في كل مرّة.

شارك المقال