“TikTok”… مخرّب نفسية وعقول الأجيال

جنى غلاييني

أنقذ تطبيق “تيكتوك” الاطفال والمراهقين من الملل، وقدّم لهم اللهو المجاني. وبات التطبيق الأول عالمياً إذ يستخدمه الملايين ولم يعد يقتصر فقط على المراهقين والاطفال، لا بل وصل الى البالغين الذين يشاركون أطفالهم أو يستخدمونهم في فيديواتهم للحصول على الـ”لايك” أو الاعجاب من دون التطرق الى نوع المحتوى وما إذا كان مضراً أو نافعاً. فالأهم لديهم أن يحصلوا على الهدايا لتغطية حاجاتهم في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة من دون الاكتراث الى العواقب التي يمكن أن يتعرض لها الطفل ومن دون الانتباه إذا كان هذا التطبيق آمناً أو يسبّب تأثيرات جانبية خطرة في الأطفال.

وبعدما أصبح هذا التطبيق في متناول الصغير والكبير، لم تقصّر المجتمعات المتعددة والمتنوّعة في إبراز مساوئها الأخلاقية عبر طريقة استخدام التطبيق ونشر مختلف المحتويات عليه، وهذا يشجّع الأطفال والمراهقين على المتابعة المستمرة للتيكتوك لساعات تفوق استيعابهم وتستحوذ على عقلهم وتؤثّر في نفسيتهم، بعيداً عن إدراك أهلهم لانعكاساته إذ حتى الأهل باتوا تحت تأثير التطبيق.

وفي هذا الخصوص، تقول المعالجة النفسية هانيا كنيعو لـ”لبنان الكبير”: “أوّلاً وبعد النجاح الكبير لتطبيق تيكتوك، انقسم مستخدموه الى فئتين، الفئة الأولى تصوّر نفسها بمقاطع موسيقية يرقصون ويتمايلون بحركات إما ساخرة أو مثيرة أو مضحكة ليحصدوا أكبر عدد من اللايكات بهدف الحصول على المال أو الشهرة، والفئة الثانية هي التي تتابع مقاطع فيديوات الفئة الأولى وتدعمها باللايكات وغيرها”.

وتضيف: “لكن بالطبع هناك مشاكل سترافق الفئتين أثناء استخدامهما للتطبيق بطريقة مكثّفة، ففئة متابعي التيكتوك وخاصّةً المراهقين والأطفال إذا بدأوا مشاهدة الفيديوات لن يعرفوا متى يتوقّفون، وهذا بالتحديد ما يسمى الاستحواذ على العقول”.

وتتابع: “أمّا الفئة الأولى فهي أيضاً تعاني من مشاكل، إذ ما إن يبدأ المستخدمون تصوير أنفسهم ونشر رقصاتهم أو كل ما يفعلونه وتمكنوا من حصد عدد كبير من المعجبين واللايكات، حتى يكون هاجسهم التالي هو حصد المزيد من المتابعين عبر الخروج بفكرة للفيديو الجديد إمّا يكون “الترند” أو يصنع “الترند” الخاص به، وهنا تصبح نفسية المستخدم متأثّرةً بتفاصيل التيكتوك، وإذا أقدم المستخدم الذي يهدف الى كسب اللايكات والشهرة على تحميل فيديو جديد له ولم يلقَ رواجا كما هو يتوقع ورأى بعض التعليقات السلبية سوف تتأثّر نفسيّته ويشعر بخيبة أمل ويتساءل باستمرار: هل الفيديو لم يعجب المشاهدين؟ أو لم تعجبهم شخصيتي؟! وهنا يبدأون بالشك الذاتي والشك بقدراتهم فيميلون الى رفع مستوى المحتوى للفيديو التالي بهدف إعجاب المشاهدين وحصد المزيد منهم”.

عقول تُسلب ونفسية تتحطّم رويداً رويدا، فماذا عن الأشخاص الذين لاقوا الشهرة على التيكتوك؟، توضح كنيعو: “بعض الأشخاص الذين أصبح لقبهم التيكتوكيرز tiktokers أصبح لديهم نوع من التّكبر والغرور، إذ يعتبرون أنفسهم أفضل من غيرهم لمجرّد أنّهم أصبحوا مشهورين على التيكتوك”.

وعن مقاطع الفيديو التي تنتشر على هذا التطبيق والتي تحتوي نوعا من التنمّر والإهانة خاصّةً للأطفال، تقول: “نرى الكثير من المقاطع المصوّرة على التيكتوك لطفل في المدرسة يتلقّى إهانة أو ضرباً من قِبَل زملائه، وهذا الفيديو يحصد نسبة مشاهدة عالية، لكن هذا الطّفل المتنمّر عليه سيصبح بحالة من الدمار الكلّي، إن كان نفسيّاً أو عقليّاً أو جسديّاً، فأمام الناس هو شخص ممكن الاستهزاء به والتنمّر عليه بأي شكل من الأشكال”.

وتضيف كنيعو: “تطبيق تيكتوك يزداد انتشاراً خصوصاً عند الأطفال الذين ينجرّون وراء التريندات والحركات الأكثر مشاهدة فيقومون بتقليدها غير مدركين لمعناها فقد يكون لبعضها دلالات إباحية وهنا يجب على الأهل غير الملتفتين للأمور التي يشاهدها أطفالهم وما يقومون به، أن يكونوا على دراية كاملة بكل التفاصيل التي يحتويها تيكتوك ومدى تأثيره في الطفل ونفسيّته، إذ أصبحنا أيضاً نرى العديد من المتابعين للتطبيق الذين يشاهدون غيرهم كيف يرقصون ويقومون بحركات معّينة ينجرّون الى تقليدهم لكن كل هذه المحاولات تفشل، وهنا يقوم بمقارنة نفسه بغيره، إذ يرى الآخر نافعاً وبارعاً بالشيء الذي فشل فيه، وهناك أنواع أخرى من المقارنات، وهي حين يشاهد الطفل أو المراهق الثراء الذي يعيش فيه القائم بالفيديو ويقارن حياته بحياة هذا الشخص”.

تطبيق تيكتوك أصبح محور اهتمام كل الأجيال الحاليّة، والعديد منهم أصبحوا يعيشون في عالمهم الافتراضي البعيد كل البعد عن الواقع وما يحدث فيه، خصوصا الأطفال والمراهقين الذين ينجروّا وراء مغريات التطوّرات التكنولوجية والتطبيقات الترفيهية لتتحوّل لاحقا عبئا على نفسيّتهم من دون أن يشعروا، وهنا يأتي دور الأهل ليكون المخلّص الأهم لهم لتفادي الأضرار النفسية والعقلية التي من الممكن أن تصيب أولادهم جرّاء التعرّض المستمر للتيكتوك.

وتختم كنيعو: “دور الأهل الأساسي مراقبة أولادهم حين يستخدمون الهاتف أو الآي باد iPad، لمعرفة ما الذي يتابعونه على تيكتوك وإخبارهم بالأمور التي من الممكن أن يصادفوها، وفي حال صادفوها يتوجب عليهم إخبار أهاليهم لكي يبسّطوا لهم الأمور، حسب أعمارهم. لذا من المهم جدّا أن يكون هناك تواصل إيجابي بين الأهالي وأطفالهم، لتفادي الأمور التي لا تناسب المراهقين والتي قد تؤثّر فيهم بشكل أو بآخر، وتخصيص ساعات معيّنة للأطفال لاستخدام تطبيق تيكتوك أو ما يشابهه”.

شارك المقال