“هبة” السماء نقمة على الفقراء!

راما الجراح

حلّت “هبة” ضيفاً ثقيلاً على لبنان وسكانه المنهكين من أسوأ أزمة إقتصادية مرت عليهم في تاريخ البلاد. “هبة” لم يكن مرحبا بها، فبطبيعة الحال لم يكن بإستطاعة أكثر من نصف سكان لبنان تأمين التدفئة خلال فصل الشتاء بسبب غلاء المحروقات مع ارتفاع سعر صرف الدولار، فكيف بعاصفة جليدية مستمرة حسب التوقعات حتى نهاية الأسبوع بالتزامن مع وصول منخفض جوي جديد يحمل الكثير من المفاجآت.

عادةً، أي قبل توالي الأزمات على لبنان، كانت معاناة السكان عبارة عن تجمد أنابيب إمدادات المياه وانفجار عدد كبير منها بسبب الجليد، مما يؤدي إلى أزمة مياه، إلى ضرر في المزروعات، ومشاكل تتسبب بهاء البنى التحتية المهترئة. أما اليوم زيادة على كل هذه الأزمات أصبح سكان لبنان يفتقدون أساس مقومات الحياة حتى يستطيعوا الصمود في فصل الشتاء وهما المأوى والتدفئة، وللأسف من يعتبر أن سوء الأمور إلى هذه الدرجة لا يزال محصورا فقط باللاجئين السوريين بسبب تواجد النسبة الأكبر منهم في المخيمات فهو خاطئ، لأن المعاناة هذه المرة لم تستثنِ أحداً، بل سحقتنا جميعاً!

أكد أحد المخاتير من منطقة البقاع الغربي لـ”لبنان الكبير” أن “هناك أكثر من 5 آلاف شخص من بلدة بقاعية واحدة لا يتعدى عدد سكانها الـ8 آلاف نسمة تحت خط الفقر، وحسب المعلومات المتداولة بين عدد من المخاتير أنه في جميع البلدات البقاعية هناك ما بين 30 و80 منزلاً لبنانياً جلسوا من دون تدفئة ليلة العاصفة “هبة” ولم نستطع تأمين مازوت لهم للتدفئة”.

جوني طوق، 45 عاماً، من قضاء بشري، قال أن “مصروف التدفئة لطقس العاصفة هبة يوازي أضعاف الأيام العادية، فلا يمكننا إطفاء المدفأة طوال النهار والليل لأن درجات الحرارة منخفضة إلى أدنى مستوياتها، ومصروف المحروقات يزداد 3 أضعاف”. وحسب جوني فإن “تكاليف التدفئة حتى نهاية الأسبوع ستساوي معاش الشهر فأنا موظف يتقاضى راتبه بالعملة اللبنانية كما أغلب اللبنانيين”.

العم ياسر من البقاع، قرر الاعتماد على الحطب في هذا الطقس للتدفئة بسبب غلاء المازوت، ولكن زمن أول تحول، وأصبح سعر طن الحطب لا يقل عن 4 ملايين ليرة، مما جعله يجول على مناشر الخشب والأحراش المحيطة به لتأمين القليل من الحطب، وقال: “أدعو الله أن ينتهي فصل الشتاء بأسرع وقت لأن قساوته أنهكت كاهلنا”.

وفي حديث مع الصحافي السوري أحمد القصير أكد أن “الثلوج حاصرت المخيمات السورية خاصة في منطقة عرسال في البقاع الشمالي، ومبلغ 300 ألف ليرة لكل فرد لا يخوّلهم شراء حاجتهم من المازوت أو الحطب للتدفئة بشكل كافي، بالإضافة إلى أن مفوضية الأمم تغطي قيمة ٣ ملايين للمازوت لفصل الشتاء في هذه المنطقة، وحوالي مليون و800 ألف لباقي المناطق فقط، وبكل أسف وبسبب غلاء الغاز أيضاً اضطر أغلب اللاجئين السوريين إلى استخدام الثياب البالية والأحذية القديمة لوقدها للتدفئة”.

أضاف: “هناك أكثر من 100 خيمة في منطقة عرسال حصراً ليس لديها تدفئة بشكل نهائي، إلى جانب معاناة السوريين من إيجار الاراضي التي يقيمون عليها في الخيم والتي أصبحت بالدولار، ومن ناحية أخرى اللاجئ الذي يعيش في منزل في عرسال وليس خيمة يعتبرونه غير محتاج، ولا تصله أي مساعدة حتى أصبحت حالته أسوأ من الذين يعيشون في المخيمات”.

المعاناة مستمرة مع تجدد العواصف في الأيام المقبلة حسب توقعات الأرصاد الجوية، والأهالي يستغيثون من دون أمل، ولا يسعنا سوى إيصال الصوت، والدعاء بأن تمر كل العواصف بأقل أضرار ممكنة علينا جميعاً…

شارك المقال