غياب قانون حصانة الأطباء: التعدّي مستمر ووزارة الصحة تتحرك

تالا الحريري

أزمات البلد الاقتصادية والمالية ألقت بكاهلها على المواطن اللبناني، ليصبح عاجزاً عن سداد تكاليفه وتصبح فاتورة المرض عبئاً عليه. تراكم هذه المصائب، دفعت اللبناني الى أن ينفجر غضباً ويثور، لكنه لم يثر ضد دولته الفاسدة بل ضد المؤسسات التي لا حول لها ولا قوّة. فاليوم باتت ظاهرة التعدّي على الطاقم الطبّي وتحطيم الأجهزة الطبية في المستشفى “بروباغندا” جديدة يعتمدها المريض وعائلته. وهذه الظاهرة ليست جديدة، لكنّها كثرت في الأيام الاخيرة، فبعد التعرض للطاقم الطبي في مستشفى “المقاصد” الذي أقفل قسم طوارئه لفترة قصيرة، أدى اشكال في طوارىء مستشفى الشيخ راغب حرب الى سقوط عدّة جرحى.

وتزامناً مع هذه الحوادث التي وقعت في الفترة الأخيرة، وأولّها في “المقاصد”، أوضح المستشار القانوني لوزير الصحة عمر الكوش لـ”لبنان الكبير” أنّ “الاجراءات ستكون على ثلاثة مستويات مثلما أشار وزير الصحة الدكتور فراس الأبيض، أولاً على المستوى الأمني أي تعزيز أمن المستشفى والسهر على ضبط الدخول الى قسم الطوارئ والخروج منه، ثانياً دعم مستشفى المقاصد من خلال السقوف المالية، فأي توزيع أو تبرع لوزارة الصحة سيكون لمستشفى المقاصد وغيرها من المستشفيات، التي كان لها الدور الأساس في مكافحة وباء كورونا، الحصة الأكبر منها. أمّا على المستوى القانوني، فوزارة الصحة تتابع هذا التعدّي وستقوم بالتنسيق قانونياً ومخاطبة النيابة العامة والتوجه بكتاب اليها”.

عراجي: يجب وضع خطّ ساخن والوزارة تتصرف

وفي هذا الاطار، علّق رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي لـ”لبنان الكبير” بالقول: “خلال السنتين الماضيتين مرّ الكثير من حوادث التعدّي على الأطباء والممرضين وضربهم، وهذا ساهم في تركهم الوظيفة والرحيل عن البلد. المشكلة تحدث أحياناً عندما يطلب المستشفى تأميناً لإدخال المريض، لكن هذا ليس ذنب الطبيب أو أي عامل آخر في المستشفى”.

أضاف: “من المفترض أن تضع وزارة الصحة والضمان والتعاونية خطّاً ساخناً في حال كانت هناك حالة طوارئ ليست لديها القدرة المادية، حينها الوزارة تتصرّف. وباستثناء ذلك، نحن مقبلون على مشاكل في أقسام الطوارئ. وليس شرطاً أن تكون التكلفة عالية، بل يكون المريض أحياناً في وضع صعب ما يدفعه أو يدفع عائلته الى التهجّم على الطاقم الطبي”.

وعن قانون حصانة الطبيب ضد العنف، أوضح عراجي: “وضعنا قانوناً وافق عليه مجلس النواب ووقعه رئيس الجمهورية، ومن المفروض أن يُطبّق بسبب تزايد الاعتداءات. فمن غير المعقول أن يتعرض الطبيب للاعتداء في كل مرّة بسبب ومن دون سبب. المشكلة اليوم أنّ الأطباء سيمتنعون عن الذهاب الى عملهم بسبب ما يتعرضون له وسيتركون المهنة، وهذا ما ينعكس سلباً على المستشفى والقطاع الصحي، وأساساً هذا الانعكاس بدأ يظهر منذ الآن”.

نقابة الممرضين والممرضات ترد

وفي بيان لنقابة الممرضبن والممرضات، طالبت باتخاذ “الاجراءات الادارية والأمنية التي تمنع تكرار هذه الأعمال”. كما طالبت إدارات المستشفيات والأجهزة الأمنية والقضائية بـ “تأمين الحماية اللازمة لكل المستشفيات وملاحقة المعتدين وتوقيفهم وإنزال العقوبات ‏في حقهم، كي تشكّل رادعاً لكل من تسوّل له نفسه التعرض للجسم التمريضي أو الجسم الطبي أثناء قيامهما بعملهما في خدمة الناس والصحة، وخصوصاً في هذه الظروف الاستثنائية، وكي لا تضطر النقابة للجوء الى خطوات تصعيدية”.

.. ونقابة أصحاب المستشفيات تتضامن

أمّا نقابة أصحاب المستشفيات، فأعلنت تضامنها الكامل مع مستشفى الشيخ راغب حرب، مشددة على “ضرورة تحييد القطاع عن كل أعمال العنف الجسدية والمعنوية خصوصاً وأنه ليس مسؤولاً عن الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، لا بل انه ضحيتها، اذ يعمل وحيداً على مدى 24 ساعة بكل ما صمد له من طاقات بشرية وتجهيزية ومادية”. ودعت الى “تخصيص المستشفيات بما يلزم من القوى الأمنية لمنع أي حوادث، ولحماية المرضى والعاملين فيها، واتخاذ التدابير الفورية وإنزال أشد العقوبات بالمعتدين لا سيما ادخالهم الى السجون”.

واذ تمنت “لجم هذه الحوادث”، حذرت من أنها “ستجد نفسها مضطرة الى الطلب من المستشفيات إقفال أقسام الطوارئ كافة على كل الأراضي اللبنانية في حال لم تتوقف هذه الاعتداءات”.

شارك المقال