يحتفل العالم في 14 شباط من كل عام بعيد الحب، واللبنانيون يشاركون في إحياء هذا النهار من خلال تقديم الهدايا الى أحبّتهم، فتجدهم في فترة ما قبل الـ”فالنتاين” يجولون الأسواق التجارية ومحال بيع الهدايا للاستعداد على أكمل وجه لهذا العيد، لنجدهم في يوم الحب حاملين باقة الورود الحمر بيد، ومحتضنين “الدبدوب” الأحمر باليد الأخرى، والى جانبه كيس محمّل بهدايا باهظة الثمن. ولاكتمال فرحة الاحتفال بهذا اليوم، لا بد من قضائهم سهرة في أفخم المطاعم تعبّر عن حب العاشقيْن الشديد لبعضهما. أمّا اليوم ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية الحالية، أصبحوا مضطّرّين الى تغيير عاداتهم بالتحضير ليوم الحب، فكيف يستعد اللّبناني لـ “فالنتاين” هذه السنة؟.
على ما يبدو، فانّ العشّاق في لبنان باتوا يستغنون عن الانشطة التي تخاطب جيبتهم، وهذا بالتحديد ما فعله جورج.م، الذي تخلّى هذه السنة عن شراء هدية لحبيبته بعدما كان يغمرها سابقاً بأجمل الهدايا، ويقول: “لا أرى من الضروري شراء هدية لحبيبتي هذا العام، بسبب عدم قدرتي على ذلك، بعدما استطلعت الأسعار في بعض المحال وأصابتني الدهشة، إذ أن أصغر هدية لا يقل سعرها عن 400 ألف ليرة، وبالطبع لا يمكن الاكتفاء بهدية واحدة، كما أنّ راتبي لا يتعدى الثلاثة ملايين ليرة، ومعروف عن اللبناني أنه اذا بدأ بالتحضير لهذه المناسبة تكرّ سبحة الهدايا”.
الأسواق التجارية في بيروت تعجّ بالناس على الرغم من الغلاء الفاحش، لكن غالبيتهم تقف أمام واجهة المحال للفرجة فقط، ومنهم من يتردّد في السؤال عن سعر سلعة معينة لتظهر سريعاً علامات التعجب على وجهه، فيما قلة تقوى على إخراج محفظتها ودفع المال بقلب قوي. وعلى الرغم من ذلك، يرى عمر.ح أنّه لا بد من شراء هدية رمزية تسعد قلب خطيبته، فهي معتادة كل عام على انتظار هدية “فالنتاين” مع باقة ورد وقالب حلوى على شكل قلب وعشاء فاخر في أحد المطاعم الرومانسية، لكنه يتحسر قائلاً: “العين بصيرة واليد قصيرة، وعلى الرغم من ذلك أنا مضطّر للتحضير لهذه المناسبة ولو بشيء بسيط، لذا سأكتفي بهدية رمزية تعبّر عن حبي لها وسأستغني عن شراء قالب حلوى الذي أصبح سعره لا يقل عن 350 ألفاً وباقة الورد المكلفة، وبالطّبع بدلاً من حجز طاولة في المطعم ككل سنة، سأحضّر بنفسي مائدة عشاء في المنزل تليق بخطيبتي وأزينها بالشموع الحمر والورد الاصطناعي”.
ويضيف: “أتمنّى أن تتفهّم خطيبتي ما نمر به من أوضاع سيئة، فهناك مصاريف يجب دفعها أهم من الاحتفال بعيد الحب، وأوّلها أنّنا نقوم بتحضيرات الزفاف الذي أصبح في لبنان شبه مستحيل في ظل الغلاء المعيشي الحاصل”.
إذا كان الزواج في لبنان أمراً مستحيلاً بالنسبة الى اللبنانيين الذين يعتبرون من الطبقة المتوسّطة، فان الحب والاحتفال به أصبح للمقتدرين فقط، مما يعني أنّه حتّى الحب لم يسلم من بورصة الدولار الذي سيطر على كل الأمور الحياتية في لبنان.