شوارع السهر والليالي العامرة “نبض بيروت”

جنى غلاييني

من منا لا يعرف ليالي بيروت الصاخبة وأجواءها الجنونية في السهرات، عاصمة “الشّببلكية” الذين يبحثون عن النكهات الغربية بهوية عربية؟.

ومن منا لا يعشق بيروت والسهر في ملاهيها حتّى الصباح، هذه المدينة الساحرة بألوانها وتنوعها وأجوائها؟. “أين السهرة الليلة؟” سؤال يطرحه اللبناني على أصدقائه على الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعصف ببيروت ولكنها تبقى مدينة الفرح واللهو والسهر. وعلى الرغم من أنّ انفجار المرفأ شوّه شوارعها، لكن بيروت تكاد تكون أحد أهم عناوين السهر في العالمين العربي والغربي، ومن أهم المناطق التي يحلو فيها السهر وتصدح حاناتها وملاهيها بالموسيقى ويستمر الرقص فيها حتى الصباح…

شارع الحمراء النابض بالحياة

شارع الحمراء الذي يجسد صورة لبنان الحقيقية، بتعايشه وترابطه وانفتاحه، لطالما اعتبره زواره شريان العاصمة الرئيس الذي سيبقى يضخ الفرح والسلام والثقافة والموسيقى مهما ضاقت به الأزمات، وهذا ما أجمع عليه المتواجدون هناك، مؤكدين أنه “مهما حاولت السلطة اخضاعنا وافقارنا وتجويعنا لن نتراجع عن حب الحياة، لا بل على العكس سنؤكّد لها أننا شعب يؤمن بثقافة الحياة، ولن يثنينا الغلاء والإحباط عن الاستمرار قدماً”.

لغة الاصرار على الحياة والصمود أراد من خلالها الموجودون في شارع الحمراء إيصال رسالة الى السلطة الحاكمة بأنهم قادرون على تخطي المصاعب والمصائب التي يفتعلونها في كل مرّة، وأنّهم شعب محب للحياة ولن يضعف.

أما الحياة الليلية في شارع الحمراء، فلها روّادها المحبون للسهر دائماً وكأنّ الحانات والمقاهي بيتهم الثاني، خصوصاً الشباب الذين لا تفارق أقدماهم زواريبها وشوارعها، إلى درجة أنها تحولت إلى قلب نابض في بيروت لا يعرف النوم.

وفي الوضع الراهن تخطى عدد رواد المقاهي الضّعفيْن، بحيث أصبح كثيرون من الطلاب الجامعيين يرتادونها للدراسة فيها، ولا يحلو ذلك الا مع فنجان من القهوة و”نفس” نرجيلة بعدما باتوا يستصعبون الدرس في بيوتهم مع انقطاع الكهرباء والانترنت المستمر.

شارع الجميزة عالم السهر

هذا الشارع المدرج على لائحة الأماكن المعروفة والمشهورة، أصبح جزءاً لا يتجزّأ من قلب بيروت النابض، والصخب في سهراته اللّيلية العامرة أمرٌ مفرح لمرتاديه، ولا ينتهي إلّا مع ساعات الفجر. وفي شارع الجميزة يتوزع العديد من الحانات والمطاعم والملاهي التي تلبي جميع الأذواق، إذ يمكن للساهرين اختيار ما يناسبهم من موسيقى وطعام وشراب.

في هذا الشارع المتميّز ترى ثقافة الحياة التي ينعم بها الشباب اللبناني، حيث يتهافت على الحانات المنتشرة في الجميزة ليمحو رتابة العمل اليومي بضجيج ما بعده ضجيج بين الأبنية ذات الوجه الثقافي والتراثي، ولكن، بعد انفجار 4 آب، صار الصمت سيد الموقف في حيّ لم يعرف إلّا الرقص والسهر والفرح، وأخذت المقاهي والحانات تلملم جراحها وحجارها بعد دمار شامل أدى الى إقفال العديد منها، ولم يبق إلّا القليل منها ليعيد الحياة الى الجميزة ويعيد إعمار ما تبقّى منها، وهذا بالتحديد ما حصل، فعادت الجميزة لتلتقط أنفاسها على إيقاعات الجاز والسالسا والأغاني الشرقية التي لا تنتهي الا مع شروق الشمس.

السهر في بدارو هادئ

منذ ثماني سنوات، كانت منطقة بدارو معروفة بأنّها منطقة سكنية ومهنية يلفها الصمت، حتىّ تحولت بين ليلة وضحاها الى منطقة تملؤها المطاعم والحانات والمقاهي، ويرتادها الشباب الذين يحاولون البحث عن نمط جديد في السهر والمرح.

لكن السهر في بدارو يختلف عن باقي المناطق التي يملأ سهراتها الضجيج والرقص المتواصل. ففي هذه المنطقة لا يزال الهدوء ميزتها الأساسية والأمسيات الهادئة والراقية في حاناتها ومطاعمها نقطة التقاء للأصحاب الذين يبحثون عن الراحة والسكينة ومشاركة الحوارات مع بعضهم البعض.

وما يحكم الرقي في بدارو هو النظام والقانون الذي لا يخرقه لا بلدية ولا سكان المنطقة ولا حتى زوارها.

شارك المقال