معرض الكتاب… بصيص أمل في زمن اليأس

تالا الحريري

أزمات مالية ومعيشية وصحيّة تواترت على لبنان منذ العام 2019، فشلّت حركة البلد التجارية والاقتصادية والصناعية والسياحية، ووقع ضحيتها المواطن اللبناني، بين تراجع قدرته الشرائية وعجزه عن فعل أي شيئ ازاء ما يحصل. غابت الحياة الطبيعية عن لبنان لنحو ثلاث سنوات، وظل المواطن يبحث عن بصيص أمل، هو الذي عُرف بحبه للحياة والفرح. وعلى الرغم من تأثر العدد الأكبر من اللبنانيين بهذه الأزمات لا يزال عدد ضئيل ينازع للبقاء على قيد الحياة التي اعتاد عليها.

الى جانب هذه الأزمات المتتالية، أدت كارثة انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 الى تدمير أكثر من نصف معالم المدينة ليس التجارية والاقتصادية منها وحسب، بل الثقافية أيضاً، وطالت شظاياها معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الذي كان يقام سنوياً في واجهة بيروت البحرية.

عاد المعرض في سنته الثالثة والستين بعد غياب استمر ثلاث سنوات جرّاء هذه الأزمات، تحت شعار “بيروت الصمود، بيروت لا تكسر”، بدعوة من النادي الثقافي العربي برئاسة سلوى السنيورة بعاصيري التي أوضحت لـ”لبنان الكبير” أن هذه العودة “كانت تحدياّ ويبدو أننا استطعنا تخطي هذا التحدي بمشاركة مجموعة واسعة من دور النشر والتأييد الكبير من المجتمع اللبناني الذي يتعطّش للثقافة، والذي يرى أن معرض الكتاب برمزيته يحمل رمز الصمود لمتابعة مسيرة المعرفة في لبنان”.

تُعتبر هذه الدورة التي افتتحت في الثالث من هذا الشهر وتستمر حتى الثالث عشر منه، استثنائية لأن الموعد الفعلي للمعرض يكون عادة في كانون الثاني. وأشار مدير معرض بيروت العربي الدولي للكتاب عدنان حمود الى أنه “من الآن وحتى كانون الثاني لدينا تسعة أشهر، ومن غير المعقول أن تظل بيروت من دون معرض للكتاب كل هذا الوقت، لذلك بادر النادي الثقافي الى إقامة المعرض الآن على أن يقام في موعده العام المقبل أيضاً”.

وفي هذه الدورة الاستثنائية تشارك 90 دار نشر لبنانية في ظل غياب كبريات دور النشر المحلية والعربية.

وخلال جولة في المعرض، تحدث بعض مسؤولي الدور عن أسعار الكتب وحركة البيع والشراء وكيفية تشجيع الناس على القراءة، وقال المسؤول عن “دار المحجة” المتواجد في المعرض: “عادة في المعارض نعطي حسماً بين 30 و40% على الأسعار، لكن هذه السنة أعطينا 50% استثنائياً، كما أنّنا في بعض الأحيان نسامح الزبون في أكثر من 50%، يعني حسب الزبون وقدرته”.

أضاف: “نقوم بكل ذلك لتشجيع القارئ، فبرأيي الانترنت لم يؤثر على الكتاب. قد يكون أثّر قليلاً في البدايات، لكن الانترنت لم يقم سوى بتسهيل الحصول على المعلومة والمادة. ففي النهاية المؤلف أو القارئ يحتاج الى الكتاب”.

وأوضح أن “الاقبال في بدايات كل المعارض حول العالم يكون خفيفاً عادة، لكن في الأيام الأخيرة نشهد اقبالاً كثيفاً. طبعاً القدرة الشرائية خفّت عن السابق لكن من لديه النية للقراءة يشتري كتاباً”.

أمّا المسؤولة عن “دار الفرات للنشر والتوزيع” فأكدت أنّ “أسعار الكتب اختلفت كثيراً، إذ أنّ فرق العملة أثّر بشكل كبير، فلم تكن الأسعار بهذه المبالغ العالية. نقوم بتحفيز الناس قدر المستطاع ولكن لا يمكننا تحمّل الخسارة أيضاً. ربّما يكون إقبال الناس قد تأثّر قليلاً بسبب هذا الفرق، لكنني صراحةً لم أتوقع وجود هذه الحركة الكثيفة”.

ولفتت المسؤولة عن “دار الكتب العلمية” الى أنّ “هناك إقبالاً كثيفاً خاصة من الأشخاص خارج لبنان أي المغتربين أو السياح العرب والأجانب. وهناك إقبال على هذه الأنواع من الكتب أي الكتب العلمية ولا سيما من الوافدين”.

وقالت: “قمنا بحسم 50% على أسعارنا الأساسية والأسعار مقبولة. هناك كتب سعرها تحت المئة ألف ليرة لبنانية وأخرى فوق المئة ألف وصولاً الى المليون ليرة حسب الموسوعات وغيرها. ربّما الاقبال لم يختلف لكن كميّة الشراء اختلفت بسبب أزمة الدولار، فحتى لو قمنا بهذا الحسم من الممكن ألا يكون شراء الكتب من أولويات البعض”.

ولفتت “دار الرسول الأكرم” زوار المعرض بالأسعار الموضوعة على الكتب. فكتب الأطفال بـ10 آلاف ليرة لبنانية، وهناك قسم آخر بـ50 ألفاً وبـ100 ألف. وأكّد المسؤول عن هذه الدار في المعرض أنّ “الموضوع ليس موضوعاً مادياً بل تشجيع للقارئ على الشراء، خاصة بعد هذا الغياب. فهذه الحملة التشجيعية لمساعدة الناس قدر المستطاع. وهناك اقبال جيد منذ بداية افتتاح المعرض”.

وعبّر بعض المواطنين المتواجدين في المعرض عن شعورهم بالفرح لعودة معرض الكتاب بعد غياب طويل، وقالت مواطنة اشترت خمسة كتب من “دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر”: “كنت أنتظر افتتاح معرض الكتاب بفارغ الصبر، بالنسبة لي لم تتغير الأسعار كثيراً، ومن الطبيعي أن تزداد بسبب أزمة ارتفاع الدولار لكن من لديه حب القراءة سيضحّي بالقليل من ماله لشراء هذه الكتب التي تغني العقل. اكتفيت بهذه الكتب وكنت أريد شراء المزيد، فمجرّد الدخول الى المعرض يشدّك الى شراء أكبر عدد من الكتب”.

ومن الدور المشاركة في معرض الكتاب في هذه الدورة الاستثنائية: البراق للتوزيع والطباعة – التلفزيون العربي الجديد – الفرات للنشر والتوزيع -المؤسسة العربية للدراسات والنشر – المركز الاستشاري للتوعية الأسرية -المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق – المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – المركز القومي للترجمة – المستقبل الرقمي – النادي الثقافي العربي – براءة الاختراع – بيسان للنشر والتوزيع – جداول للنشر والترجمة والتوزيع – جريدة الأخبار – جريدة السفير – جمعية ابداع وجمعية الخطاطين اللبنانيين – دار أبعاد للطباعة والنشر والتوزيع – دار الأمير – دار البنان للطباعة والتسجيل والنشر والتوزيع – دار البيان العربي للطباعة والنشر والتوزيع – دار الحضارة الاسلامية – دار الرسول الاكرم – دار العارف للمطبوعات – دار العلم للملايين – دار العلوم العربية – دار الكتاب العربي – دار الكتب العلمية – المجمع الابداعي – دار المحجة البيضاء – دار المعارف الحكمية – دار المعارف الاسلامية الثقافية – دار المقاصد الاسلامية – دار المودة للترجمة والتحقيق والنشر – دار المنار للانتاج الفني والتوزيع – دار المرتضى – دار النهار – دار الولاء للطباعة والنشر – دار جواد الائمة – دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع – دار زمكان للمطبوعات – دار سائر المشرق للنشر والتوزيع – دار سؤال – دار فكر للأبحاث والنشر – دار ناريمان للطباعة والنشر والتوزيع – دار ناصيف -دار نينوى – شركة دار المشاريع – شركة رياض الريس للكتب والنشر-طش فش ش.م.ل، طلال أبو غزالة – قمرة للاعلانات البصرية كتب -مؤسسة الدراسات الفلسطينية – مؤسسة دار نلسن للنشر – مركز أوال للدراسات والتوثيق – مركز الامام موسى الصدر للابحاث والدراسات -مركز دراسات الوحدة العربية – مكتبة السندباد – مكتبة العطاء – مكتبة الفقيه – مكتبة بوك بازار – مؤسسة سعادة – موزاييك للدراسات والنشر-منتدى شواطئ الادب – منتدى المعارف – منشورات الحلبي الحقوقية -منتدى شاعر الكورة الخضراء ووزارة الاعلام.

شارك المقال