الإعدام قليل… للمعتوه الذي خطف حياة الأم وبناتها الثلاث في أنصار

نور فياض
نور فياض

جريمة هزت الضمير الانساني في لبنان كله، وليس بلدة أنصار وحسب. لا كلام يصف بشاعتها ولا قذارة المجرم الذي سلب الحياة من الأرواح الجميلة البريئة لأم وبناتها الثلاث من دون رحمة ولا قلب، ومن دون أن يرف له جفن.

لم ينم أبناء أنصار ليلة الخميس – الجمعة، فكيف ستغمض عيونهم وهم فاقدون عائلة بأكملها؟!.

في ٢ آذار الجاري خرجت الأم باسمة عباس وبناتها الثلاث ريما (٢٢ عاماً) وتالا (٢٠ عاماً) ومنال (١٦ عاما) صفاوي برفقة المدعو حسين فياض (المجرم) وهو خطيب احدى بناتها، خرجن من المنزل ولم يعرفن أنه سيكون الخروج الأخير. وقبل ساعات زارت الفتيات الثلاث والدهن الذي يسكن في منزل آخر بسبب طلاقه من والدتهن، وكأنهن يودعنه، ثم ذهبن الى منزل خالتهن التي أصرت على أن يبقين لتناول العشاء لكنهن رفضن بحجة أن حسين سيصحبهن الى العشاء.

يقول والد الفتيات المختار زكريا صفاوي لموقع “لبنان الكبير”: “نسمع الكثير من الشائعات ولكن لا صحة للأخبار، وألوم القضاء لأنني بلغت في الثالث من آذار عن اختفائهن، ولكنه لم يتعامل بجدية مع الموضوع بسبب طلاقي من زوجتي، فاعتبر أنها غادرت مع البنات بسبب مشكلات عائلية، فكيف سيغادرن المنزل من دون أخذ أموالهن وجوازات السفر والذهب؟”.

اتخذت القوى الأمنية من التحقيق طابعاً روتينياً وأقفلت القاضية غادة علوان القضية بعد استجواب المجرم الذي لم يعترف بجريمته في الأيام الأولى على اختفاء العائلة. ولكن منذ بضعة أيام أعادت مخابرات الجيش فتح الملف بطلب واصرار من الأب الذي ادعى على فياض مجدداً، وداهمت منزله الا أنه تمكن من الهرب.

ويشير أحد أقرباء المغدورات الى أن المشتبه به كان في سوريا، وبعدما خامر الشك أحد أفراد العائلة استدرجه للعودة الى الحدود اللبنانية – السورية وأعاده الى المنزل لمراقبته.

بعد هروب المجرم، دهمت المخابرات منازل عائلته جميعاً، وظل متوارياً عن الأنظار لفترة قصيرة، ثم عاد وطلب من أحد الأشخاص شراء خط هاتف جديد له، وهذا الأخير كشف مكان اختبائه وأبلغ المخابرات التي ألقت القبض عليه، وما كان منه الا أن اعترف بجريمته البشعة ودلّ على مكان دفن الأم وبناتها الثلاث، مع العلم أنه غيّر مراراً في افادته خلال التحقيق معه، ولكن من المؤكد أن لا عملية تجارة أعضاء كما قيل على بعض المواقع ووسائل التواصل. ولا يزال السبب وراء هذه الجريمة البشعة مجهولاً بانتظار بيان قيادة الجيش.

وفي التفاصيل، قامت عناصر الجيش منذ عصر أول من أمس باجراء عملية تفتيش واسعة للمنطقة الواقعة بين بلدتي أنصار والزرارية وهي منطقة بساتين حمضيات، واعترف فياض أنه قام بعملية قتل جماعية للعائلة ودفنها هناك، ولكن عملية التفتيش واجهت طقساً ممطراً، واستكملت صباح أمس وتم تحديد المنطقة، حيث عثر على الجثث الأربع على دفعتين. وعلى الفور، توجهت الى المكان سيارات الاسعاف التي استطاعت بعد ساعات انتشال الجثث المغطاة باسمنت والتي كانت مدفونة بطريقة حرفية في مغارة في المنطقة المذكورة وتم نقلها الى مستشفى نبيه بري الحكومي.

وكشفت التحقيقات الأولية أن فياض ليس وحده من قام بهذه الجريمة بل رافقه شخص آخر من الجنسية السورية، وقام بتغيير مسار الكاميرا الموجودة في البستان الذي نفذت فيه الجريمة واتضح أنه ملك لعمه.

وتبيّن بنتيجة الكشف الطبي الذي أجراه الطبيب الشرعي في قضاء النبطية علي ديب، أنّ جريمة أنصار ناتجة عن إطلاق النار من سلاح صيد على الرأس في ما يتعلّق بالفتيات الثلاث، وفي الرقبة في ما يتعلق بالأم.

ولم يتبيّن خلال عملية الكشف الشرعي وجود أي رابط لجريمة القتل بتجارة الأعضاء البشرية، وقد تمت عملية القتل منذ أكثر من 20 يوماً لأن الجثث شبه متحلّلة وقد وُضعت في مغارة، وقام القاتل بمساعدة شريكه من الجنسية السورية برمي رمل وبحص فوق الجثث إضافة إلى مادة الباطون. ولم تذكر التحقيقات حتى الآن دوافع القتل.

أما الأمر غير الطبيعي، فهو قيام القاتل، قبيل اعادة اعتقاله، بزيارة منزل والده ليلومه على اتهامه له بعملية الخطف.

وفور شيوع نبأ العثور على الجثث والقاء القبض على المجرم، أصدر آل فياض بياناً أعلنوا فيه أنهم يرفضون “رفضاً قاطعاً ما قام به المدعو حسين جميل عباس فياض ولا يمت الى العائلة بصلة، وأننا نتبرأ منه الى قيام الساعة حول جريمته النكراء التي قام بها”، متمنين من “القضاء العادل إنزال أشد العقوبات بحقه وبحق الذين تعاونوا معه وإعدامهم في ساحة أنصار ليكونوا عبرة لغيرهم.”

أما كبير عائلة صفاوي الحاج أبو أحمد فدعا الى تهدئة النفوس، وقال لـ “لبنان الكبير”: “على الرغم من الفاجعة التي حلت بنا لا يسعنا القول الا لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. الجاني هو خصم معتد ليس على العائلة فحسب، انما على كل لبنان. وعائلة المشتبه به تتقدم علينا بالطلب أن ينال المجرم أقسى العقوبات”. ووجه اللوم الى “القضاء الذي تعامل مع القضية بغير جدية، فهذا القضاء يأخذ بالشائعة وأصبح أسير أخبار مفبركة لذلك يجب أن يكون الحكم هو القانون.”

انها ليست الجريمة الأولى ولن تكون الاخيرة التي نشهد مثل بشاعتها في لبنان. ففي ٢٨ نيسان ٢٠١٠ فجع لبنان بجريمة وحشية نالت من أربعة أشخاص من العائلة نفسها وبعد القبض على المتهم علّق في ساحة البلدة وأصبح عبرة للجميع. فهل ستتعامل بلدة أنصار بالطريقة نفسها مع القاتل أم ستترك الأمر للقضاء الذي ليس مصدر ثقة عند الغالبية؟ وفي غياب قانون الاعدام هل سيتخذ من هذه الجريمة عبرة ويخف القتل أم أن التغاضي عنها سيزيد من هذه الجرائم في ظل غياب الدولة والمحاسبة؟!

شارك المقال