رمضان… تزيين مفقود و”جود من الموجود”

جنى غلاييني

يحل شهر رمضان الكريم هذه السنة على المسلمين في لبنان بصورة مختلفة كثيراً عن سابقه، حين كان الناس قبيل هذا الشهر الفضيل يتهافتون على الأسواق لشراء ما يلزمهم وأكثر، كالزينة الرمضانية من فانوس وهلال بألوان وأضواء منوعة تعلّق في الشوارع وعلى شرفات المنازل، فتفرح الصغار وتشجعهم على صيام هذا الشهر والتمثل بالكبار من خلال ممارسة طقوسه وعاداته، إضافة الى تشكيلة التمور على أنواعها، وتجديد لوازم المائدة من صحون وأكواب جديدة وغيرها، والكثير من الأمور التي يعتبر وجودها أساسياً في رمضان. أمّا اليوم ومع ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل مخيف، فيحاول البعض ألا يمنع نفسه من الفرح والترحيب بقدوم هذا الشهر الفضيل، ولو كانت “العين بصيرة واليد قصيرة”، اذ أن نسبة كبيرة من العائلات باتت تجد صعوبة كبيرة في تأمين مأكلها ومشربها يومياً، وتمتنع عن شراء كل ما لا يوفر على “الجيبة”، وتفضّل “أن تجود من الموجود”.

هل ترتدي بيروت حلّة رمضان؟

وعلى عكس ما اعتاد عليه اللبنانيون قديماً من وجود الزينة في شوارع العاصمة بيروت، وبما أنّ السنة الفائتة لم تزيّن بلدية بيروت الشوارع، فالاحتمال كبير أن ينسحب هذا الأمر على رمضان هذه السنة، ويقول عضو مجلس بلدية بيروت محمد سعيد فتحة لـ”لبنان الكبير”: “مجلس البلدية لم يجتمع بعد نظراً الى سفر رئيس البلدية جمال عيتاني، وعند عودته سيعقد اجتماعاً ليصدر قراراً بما إذا كانت الزينة الرمضانية ستتواجد في شوارع بيروت أم لا”.

ويضيف: “هناك زينة قديمة في مستودع في الكرنتينا، ولكن لا نعلم ما إذا كانت لا تزال صالحة أم لا، ومن المرجح أن تكون تضرّرت جراء انفجار مرفأ بيروت. أما إذا كانت لا تزال صالحة فسنرى في ضوء ذلك ما يمكن فعله بها”.

تراجع في شراء الزينة

عادة ما تشهد محال الزينة الرمضانية في بيروت إقبالاً كبيراً من الزبائن قبل حلول الشهر الكريم، لكن المشهد هذا العام مختلف، بحيث أن ظروفهم المعيشية البائسة جعلتهم غير مهتمين بتزيين شرفات منازلهم لا بالأضواء ولا بالأشكال ولا الألوان، ولا حتى بتزيين موائد الإفطار، إذّ أصبح الشاغل الرئيسي لهم هو كيفية تأمين طعام إفطارهم في ظل انهيار الليرة يوماً بعد يوم وارتفاع أسعار السلع بوجود المحتكرين المتلاعبين بها الذين لا رادع لهم ولا وازع.

وفي السياق، يقول عمر، الموظف في أحد محال الزينة الرمضانية في بيروت: “السنة الفائتة وما قبلها شهدنا اقبالاً كبيراً على شراء الزينة، وكان الزبائن يشترون أجمل الحلل وأكبرها وبكميات كبيرة أيضاً، ولكن اليوم تعتبر حركة شراء الزينة خجولة جدّاً، إذ أصبحنا نبيعها بأسعار مرتفعة نظراً الى الغلاء الذي طال كل شيئ، ولم نتمكن من عرض بضائع جديدة لأنّها مكلفة جدّاً والناس غير قادرة على شرائها، وما نعرضه اليوم ليس سوى بضائع قديمة موجودة في المستودعات”.

ويضيف: “على الرغم من ذلك نرى بعض الزبائن في المحل لأنّهم يحرصون على تزيين منازلهم في الشهر الفضيل حتّى لو كانت أحوالهم المادية ضيقة. والملاحظ أنّ الزينة الأقل سعراً هي التي تباع مع العلم أنّ الناس سابقاً كانوا يفضّلون شراء المميز منها من دون الاكتراث لأسعارها، إلّا أنّ الأمور انقلبت حالياً رأساً على عقب”.

أما أم خالد التي تحرص على تزيين منزلها بأبهى حلّة رمضانية، فستكتفي هذه السنة باستخدام الزينة القديمة الموجودة لديها، على الرغم من أنّ ذلك لا يرضيها لأنّها معتادة على تجديد الزينة كل سنة، وكما تقول: “جود من الموجود”.

شارك المقال