الأزمة الاقتصادية تجبر ربات البيوت على العمل

جنى غلاييني

لطالما كانت المرأة نصف المجتمع لدورها الأساس في نهضة المجتمعات قديماً وحديثاً، ومع ذلك لم تأخذ حقها في المجتمع اللبناني، فالكثيرون يعتبرون أنها خلقت لتمضي حياتها في تحمل الأعباء المنزلية. ولكن في المقابل، رأينا كم من نساء تحدين المجتمع والذكورية وكسرن هذه العوائق ودخلن في سوق العمل، وليس هذا وحسب، بل عملن في أصعب المهن وأثبتن نجاهن. ومن الملاحظ اليوم أنّ أكثر من نصف النساء في المجتمع اللبناني انخرطن في سوق العمل بسبب الأوضاع الاقتصادية وتدهور الحالة المعيشية، وبات الرجل بحاجة إلى من يسانده في هذه الأزمة، ومن كان يعترض على عمل زوجته بالأمس أصبح يدفعها اليوم الى مساعدته في المدخول حتّى يتسنّى لهما العيش بكرامة. ربّما بعض النساء أجبِر على العمل لكن البعض الآخر رأى في ذلك فرصة لاثبات نفسه، ولخوض تجربة كانت تراوده يوماً. ومع هذه الأوقات العصيبة، ننظر إلى الجانب الايجابي من الموضوع بحيث صار سوق العمل شبه متوازن بين الذكور والاناث.

وبما أنّنا نشهد اليوم توالي الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية على لبنان، كان لا بد من أن تتخذ العائلات ذات الدخل المحدود قرارات تفرض على النساء فيها خوض غمار العمل، وهذا ما أُرغمت عليه ندى وهي ربة منزل وأم لستة أولاد، والتي لطالما اعتبرت أن العمل للرجال فقط، ولكن بعد الأزمة المعيشية الخانقة التي مرت بها وعائلتها تغيرت نظرتها وأصبحت “ايد لوحدها ما بتزقف”. وأكدت أنّ راتبي زوجها وابنها لا يشكلان مصدراً كافياً لمتطلبات العائلة، لذا قرّرت أن تخوض رحلة العمل، وقالت لـ”لبنان الكبير”: “بما أنّ المدخول لعائلة تتألف من ثمانية أفراد لا يكفي، وبدلاً من أن أجبر أولادي الصغار على العمل، وما دامت صحتي بألف خير فلمَ لا أعمل بدل جلوسي في المنزل والشعور بالندم والتحسر على الحالة المعيشية التي وصلنا اليها؟ لذا، قررت مجبرة أن أعمل بعد موافقة عائلتي على الفكرة، وها أنا أعمل طباخة منذ 4 أشهر عند إحدى العائلات الغنية، وأفرادها معجبون بطبخي جدّاً، والراتب الذي أتقاضاه يساعدنا على العيش ولا يجعلنا في حالة عوز والحمدلله”.

أما آية التي انقطعت عن العمل بعد زواجها بسبب اعتراض زوجها على الاستمرار فيه، فأشارت الى أنّها تمر بفترة اقتصادية صعبة بعد أول مولود لها، وسط تزايد المتطلبات وعدم قدرة الزوج على تلبيتها جميعها. وقالت: “قرار توقفي عن العمل لم يكن صائباً ولكن لعله خير، وأنا أفكر بالعودة الى العمل من جديد. فبعد حديث مطوّل مع زوجي اقترح أن أعمل أنا أيضاً لكي نساند بعضنا البعض في الحصول على المدخول الملائم الذي يمكننا من تلبية احتياجات مولودنا واحتياجاتنا أيضاً. لذا بدأت أتقدم بطلبات عمل وأدرج فيها سيرتي الذاتية لأحصل على عمل يناسب شهادتي الجامعية”. وشددت على أن “عمل المرأة ليس عيباً بل هو أمر جميل بالنسبة اليها يقوي ذاتها وشخصيتها”.

ووصفت ليال وهي أم لولدين حالتها المعيشية الصعبة بالقول: “كان وضعنا المادي مزرياً جدّاً، بعد انقطاع زوجي عن العمل لمدّة نصف عام وتوقف مصدر المال في المنزل، فحاولت جاهدةً البحث عن عمل يحسن أحوالنا، وبما أنّ لا شهادة جامعية لدي صعب علي أمر إيجاد عمل مناسب، ولكنني لم أستسلم ولم أطلب المساعدة المادية من أحد، واستمريت في البحث حتى وجدت أنّ الحل الأنسب لي هو البيع عن طريق الأونلاين، فبعت بعض الذهب خاصتي واشتريت بالمال ثياباً ولادية ونسائية وأنشأت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي وبدأت بعرضها، وفعلاً تطوّرت الأمور بشكل إيجابي وأصبح لدي عملي الخاص، وأعتبر ذلك تجربة جميلة، والحمد لله وضعنا المادي الآن يعتبر جيداً، بعد عودة زوجي الى العمل من جديد”.

شارك المقال