ربطة الخبز الى 30 ألف ليرة… و”عيش يا فقير”

جنى غلاييني

بات من غير الضروري التعريف بلبنان أنّه بلد الأزمات والانهيارات، وقد أصبح غريباً فعلاً أن يستيقظ المواطن من دون سماع خبرية تزعجه أو وجود مشكلة تواجهه، وكأنّ ذلك أصبح عادة من عادات اللبنانيين. أزمة تليها أخرى على الصعيد المالي والاقتصادي والاجتماعي وحتى المعيشي. ربّما يستطيع المواطن تحمّل كل المشكلات، فيمكنه أن يستغني عن سيارته عند فقدان المحروقات، ويتقبّل إنقطاع الكهرباء ويستمد الضوء من نور الشمس، ولكن كيف له أن يعيش من دون طعام ولا سيما الخبز؟

المواد الغذائية متوافرة لكن أسعارها تمنع المواطن من شرائها وكأنّها غير موجودة أساساً، وإلى جانب ذلك تعود أزمة المطاحن والأفران الى الواجهة مجدداً ويبشر المسؤولون عنها المواطنين بإنقطاع الخبز.

هذا ما أكّده نقيب الأفران والمخابز في لبنان علي إبراهيم بقوله: “اليوم سيكون آخر يوم لصناعة الخبز في حال لم تُؤمّن الإعتمادات لدعم القمح الموجود في البواخر، ولم يُفرج عن رئيس مجلس إدارة شركة مطاحن التاج بول منصور”.

وأشار إلى إتصال أجراه رئيس مجلس النواب نبيه برّي برئيس الحكومة نجيب ميقاتي لمعالجة الأزمة، “وأمامنا ساعتان ليفتح مصرف لبنان الإعتمادات وإلافراج عن منصور وإلا ستُقفل الأفران قسراً بسبب نفاد الطحين”.

من جهته، أعلن وكيل المطاحن في الجنوب علي رمال أنّه “بعد صدور قرار تجمع المطاحن بالإضراب المفتوح إبتداء من الغد (اليوم)، الاتجاه أيضاً نحو توقف كل عمليات توزيع الطحين وتسليمه الى الأفران والمخابز وتوقف كل الموزعين في كل مناطق الجنوب عن توزيع مادة الطحين، حتى عودة العمل الى شركة مطاحن التاج، والإفراج عن رئيس مجلس إدارتها بول منصور، الذي وقف الى جانب أهل الجنوب في اسوأ الظروف والأزمات والحروب التي عصفت بالجنوب”.

وكالعادة، يسعى المسؤولون إلى تحقيق مصالحهم غير آبهين بالمواطن، لا بل يتصارعون على حسابه. فحتى رغيف الخبز الذي كان يُعتبر لقمة الفقير وسعره شبه مجاني، باتت له اليوم ميزانية خاصة للحصول عليه.

وفي هذا السياق، أعرب عدد من المواطنين عن استيائهم من تكرار هذه الأزمة، وقالت ميرنا: “مللنا من هذه الأزمة التي تتكرر كل بضعة أشهر، لدينا المال لكننا غير قادرين على شراء ما نحتاجه، تارةً بسبب الغلاء، وتارةً بسبب إختفاء هذه المواد. في كل مرّة يقومون بهذه المسرحيات حتى يرفعوا سعر ربطة الخبز”.

أمّا أبو محمد وهو رب أسرة مؤلفة من 5 أفراد فقال: “بالنسبة لي أنا أعتمد في الكثير من الأحيان على المساعدات المقدمة من الجمعيات الخيرية التي توزّع كل يومين ربطة خبز، لكن مع إنقطاع الخبز ستتوقف هذه الجمعيات عن تقديم المساعدات وسأتخبّط مجدداً لتأمين رغيف خبز لعائلتي. عدا عن ذلك، لا يمكنني تحمّل الكلفة العالية لربطة الخبز التي من الممكن أن تصل الى 30 ألف ليرة لبنانية، وأنا أحتاج كل يومين إلى واحدة على الرغم من التقشّف الذي أأأنتبعه كي نمشي أمورنا وراتبي لا يكفي لشراء هذه الكمية”.

ربطة الخبز التي كان ثمنها ألف ليرة لبنانية أو 1500 ليرة قد تصل اليوم إلى 30 ألف ليرة والآتي أعظم… ولم يعد ينقص سوى بيع رغيف الخبز على سعر السوق السوداء!

شارك المقال