قروض الإسكان… “ضحك ع الدقون”

جنى غلاييني

عادت القروض الاسكانية الى واجهة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان منذ أكثر من سنتين ونصف السنة، ولكن بشروط شبه تعجيزية بحيث يشترط القرض ألا يقل راتب المقترض عن 15 مليون ليرة شهرياً، لأن المبلغ المرصود لقروض الشراء والبناء يصل إلى مليار ليرة بما يوازي تقريباً 50 ألف دولار تُسدَّد على مدى 30 سنة بفائدة 6% مع دعم 1% من المصرف لتُصبح 5%، مع الإشارة إلى أن القروض مخصّصة فقط للشراء أو الترميم في قرى الريف والمناطق وليس للعاصمة بيروت وضواحيها، على أن يسدِّد المُقتَرِض دفعة مُسبَقة تساوي 10 أو 20 في المئة من قيمة القِرض، فهل هناك من يمكنه الالتزام بشروط القرض؟

“ع مين عم يضحكو؟”، هذا ما قاله أبو عمر المسؤول عن عائلة من 8 أشخاص يعيشون في بيت مؤلف من غرفتي نوم وصالون ومطبخ وحمام، مضيفاً: “من وضع شروط القرض يعتقد أنّ كل اللبنانيين يتقاضون رواتب بمعدل 15 مليون ليرة شهرياً أو بالفريش دولار، وأنا راتبي لا يصل الى 6 ملايين ليرة”.

ويتابع: “لدي ابن متزوج يعيش وزوجته مع عائلتي في البيت، ومن الطبيعي أن عائلته مرشحة للازدياد وبالتأكيد بيتي لا يحتمل المزيد من الأفراد، ولا أرغب في أن يعيش في بيت بالإيجار، لذا أريد أن أشتري له منزلاً، لكنني أرى أن الدولة لا ترحم وعندما تحاول مد يد العون لنا تكون تضحك علينا للأسف”.

أمّا سامي الشاب الذي يرغب بشدة في أن يؤسس حياته الخاصة، فيقول: “حسب علمي أنّ القروض السكنية مخصصة لذوي المداخيل المتدنية والمحدودة وليس للميسورين، فمن يقدر فعلاً على الالتزام بشروط القرض سوى المقتدرين؟ أنا لست واحداً منهم ولكن أرغب بشدّة كلبناني في أن تساعدني دولتي ولو لمرة واحدة في تأمين بيت أعيش فيه بطمأنينة، فهي لا تفعل شيئاً سوى أنها تزيد الطين بلة. وأنا أسعى منذ سنتين الى ايجاد سكن خارج بيروت حسب ميزانيتي، لكن للأسف كل الشقق أصبحت أسعارها خيالية”.

ويضيف: “لنفترض أنني أردت أخذ قرض سكني، فأنا أتقاضى من عملي 8 ملايين ليرة لبنانية، أي تنقصني 7 ملايين ليرة كي أكون مؤهلاً لشروط القرض، لذا كيفما برمت مسكرة بوجهي”.

وكان لأحمد المقبل على الزواج رأيه أيضاً، ويؤكد أن “لا ثقة بهذه الدولة، فهي تخدع الناس بكل وقاحة، و(بدل ما يكحلوها عميوها)، وبدلاً من أن يساعدوا شباب لبنان في تأسيس حياتهم ومستقبلهم يحبطون معنوياتهم فيستسلموا ويصبحوا في حالة يأس. وأنا كشاب أستعد للزواج ليس أمامي حل آخر غير استئجار بيت متواضع، لكنني حتى الآن لا أجد بيتاً مناسباً على قدر إمكاناتي، وإلّا فسأضطر الى العيش أنا وزوجتي في بيت أهلي”.

شارك المقال