اللوتو اللبناني… بارقة أمل لجيوب خاوية

جنى غلاييني

حتى من الحظ حُرم اللبناني المعتر، وكأنّ العالم متّفق عليه فقط وعلى أن يعيش عيشة مأساوية مليئة بالاحباط والتعاسة. فبعدما كان اللبنانيون يجدون الحظ في “قطع” شبكة اللوتو التي كان سعر الواحدة منها يكاد لا يذكر أصبح يحسب لها حساب، وإذا لم “تنقش” معه الاثنين يعاود محاولة البحث عن الحظ يوم الخميس. ولأن اللبناني بطبعه “طمّاع” ولا يكتفي بالقليل من كل شيء، نجد الكثيرين يسمون أكثر من شبكة واحدة ذات 6 أرقام، ولكن بعد ارتفاع سعرها أضعافاً وجد اللبناني نفسه في ظل الظروف المعيشية والحياتية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية غير قادرٍ إلاّ على وسم شبكة واحدة في الأسبوع أو الاستغناء عنها حتّى، إذ أصبحت الأسعار على النحو التالي:

شبكة لوتو عادية 6 أرقام: 8 آلاف ليرة لبنانية بدلاً من ثلاثة آلاف.

شبكة لوتو خاصّة 7 أرقام 56 ألفاً بدلاً من 21 ألفاً.

شبكة لوتو خاصّة 8 أرقام 224 ألفاً بدلاً من 84 ألفاً.

شبكة لوتو خاصّة 9 أرقام 674 ألفاً بدلاً من 252 ألفاً.

شبكة لوتو خاصّة 10 أرقام 1680000 بدلاً من 630 ألفاً.

وقال صاحب محل لوسم شبكات اللوتو في منطقة البربير، لـ “لبنان الكبير”: “ارتفاع أسعار اللوتو أدى الى تراجع وسم الشبكات من قبل الزبائن المعتادين عليهم أن يسموا كل اثنين وخميس حوالي ـ5 أو 6 شبكات، إذ كان سعر الشبكة لا يؤثّر كثيراً على جيبة اللبناني، أمّا الآن فالوسم في أكثر الأحيان على شبكة واحدة”.

أضاف: “هناك عدد قليل جدّاً من الزبائن لا يزال يشتري أكثر من 20 شبكة على الرغم من شكواه ومعاناته من الأزمة المالية، لكن يبقى أمله بالحظ في ربح اللوتو لعل وعسى ينتشله من أزمته”.

وأعرب عن دهشته من “زبون يداوم على وسم شبكة خاصة من 10 أرقام والتي أصبح سعرها يبلغ مليوناً وستمئة وثمانين ألف ليرة لبنانية، فهو شخص مقتدر ولا أظنه يعاني من فرق السعر الكبير الذي طال اللوتو”.

بات المواطن اللبناني يحلم بضربة حظ تغيّر له مجرى حياته وتنشله من واقع لبنان المزري في زمن ضاعت فيه أحلامه وطموحاته ومستقبله الذي كان يرسمه في باله، وفي لحظة الربح يعود ليبصر النور ويكمل من حيث توقف عند حاجز العجز في لبنان، هذا ما يراه عماد عند وسم ورقة اللوتو، ويشرح “عند وسم كل ورقة لوتو أتمعّن جيداً بالأرقام، التي ستكون أملي في ربح المبلغ الذي لم أستطع تحصيله من خلال شهادتي الجامعية ولن أستطيع ولو بعد 6 سنوات. وعلى الرغم من ارتفاع سعر الشبكة، إلّا أنني لا أزال أشتري 4 شبكات كل اثنين وخميس ، لذا أنتظر دوري من الحظ وأؤمن بأننيّ يوماً ما سأربح الجائزة الكبرى وأنشئ مشروعي الخاص في تركيا”.

اللوتو اللبناني أصبح يحاكي الحلم المستحيل، فهو إمّا يغرق المرء في الأوهام وفي خيبات الأمل أو يرى فيه بقعة أمل تنتزعه من مستنقع مظلم لا مستقبل فيه، هذا ما يجده عبدالله في شبكات اللوتو، ويقول: “أنا بالفعل أعتبرها أملاً لي في أن يصبح لدي مستقبل مشرق، لكنني حالياً عاطل عن العمل ما يعني أنني لا أستطيع شراء ورقة لوتو واحدة حتى، وعلى الرغم من ذلك أصبحت مدمناً على لعبة الحظ هذه التي أصبحت بالنسبة لي المصدر الوحيد لإبقاء شعلة الأمل بغد أفضل، لذا أجد نفسي غير قادر على التحكم بإرادتي في قطع شبكات اللوتو باستمرار لأنني أجد فيها شعور الربح المحتم ولو بعد حين”.

اللوتو اللبناني ما هو إلّا ضربة حظ بالنسبة الى كل لبناني محبط وتعيس، فتتزايد آماله مع ازدياد قيمة الجائزة الكبرى والتي وصلت حالياً الى 4 مليارات ليرة لبنانية، لكنه في كل مرة لا تتطابق شبكته مع أرقام السحب يصاب بخيبة أمل تتركه في دائرة الفشل والعجز والانكسار. فهل أصبح للّوتو اللبناني تاثير سلبي على المجتمع في ظل تفاقم الأزمات المعيشية؟

شارك المقال