حرش العيد… فسحة للفرح

جنى غلاييني

لطالما شكّل حرش بيروت أو حرش الصنوبر رئة المدينة وأهلها أيام زمان، ويروي كبار السن الذين عايشوه أنه كان يمتد من الجبل حتى الساحل بمساحة تصل الى أكثر من مليون متر مربّع. وعلى الرغم من أنّ مساحته تقلّصت الى 300 ألف متر مربع وأقفل أبوابه في وجه روّاده على مدى 25 عاماً بسبب الحرب الأهلية، إلّا أنّه يبقى في الذاكرة البيروتية بجماله وقصصه ونشاطاته التي لا تزال تضخّ الحياة في “حرش العيد” خصوصاً في الأعياد والمناسبات التي تجمع العائلات كباراً وصغاراً للاحتفال في وسط الطبيعة وبعيداً عن ضجيج المدينة وصخبها.

الاحتفال بالعيد في لبنان أصبح ترفاً لا تقدر عليه سوى القلة المقتدرة، ولكن يبقى حرش العيد الملجأ لكثير من الأهل الذين يصطحبون أطفالهم للهو بالألعاب المتوافرة بأسعارٍ زهيدة جدّاً، ولا بأس في طلب بعض المأكولات والحلويات التي هي في متناول كل من يحتفلون بالعيد فيه.

وعلى الرغم من الأزمات المتتالية التي جعلت لبنان بلداً منهاراً فاقداً أبسط مقومات الصمود، إلّا أنّ شعبه يحب الحياة ويأبى أن يستسلم لواقعه المرير، ويرفض أن تمر الأعياد من دون فرحتها وزينتها ومشوارها. وفي وقت تعاني غالبية العائلات من الضائقة الاقتصادية، إلّا أنّ الأهل يصرّون على إسعاد أولادهم بما توفّر وبأقل كلفة ممكنة وهل هناك أحلى من حرش العيد الذي لطالما عرف بأنّه حرش الفقراء؟.

الى مسافات بعيدة تسمع أصوات الأطفال وضحكاتهم وفرحهم بالألعاب الموجودة من “المراجيح” الى الفوتبول على الصابون ولعبة “الأراجيح” الدوارة، و”الزحليطات”…

وتقول فرح الأرملة والأم لثلاثة أطفال لـ”لبنان الكبير”: “في كل عيد ألجأ الى حرش العيد الذي يفرّح قلوب أولادي، والحمدلله أنّه لا يزال هنا كفسحة أمل وفرح للأطفال في لبنان، فأينما أذهب يجب أن أدفع كل ما أملك كي أسعد أولادي، لكن يبقى حرش العيد الوحيد الذي ينقذني، إنّه حرش الفقراء بساحاته التي لا تعرف الصمت، بل تغرق بضحكات الأطفال وصراخهم وتملأ نفوس أهاليهم بالبهجة لرؤية فلذات أكبادهم ترتسم على وجوههم الضحكات”.

وتضيف: “كان حرش بيروت ولا يزال حرش الأجيال، فمثلما كنت ألعب وأمرح فيه أيام طفولتي، الآن أدع أطفالي يتمتّعون ويلهون بالألعاب التي كانت جميلة وأصبحت أجمل مع ازديادها وتنوّعها”.

حرش العيد يستعد لاستقبال الأطفال وأهاليهم في أيام عيد الفطر السعيد:

 

شارك المقال