اللبنانيون رهائن جوازاتهم!

تالا الحريري

لافت تقبّل اللبنانيين الأمر الواقع في لبنان واعتيادهم عليه، فالأزمات الاقتصادية والمعيشية والأمنية وغيرها تهطل عليهم كزخات المطر من كل حدب وصوب، حتى باتت جزءًا لا يتجزأ من حياتهم.

من طوابير البنزين الى طوابير الخبز فالظلام نتيجة غياب الكهرباء والكلفة المرتفعة جدّاً للمولدات الكهربائية، حتى الشيء الوحيد المتوفر بكمية خيالية وبالمجان وهو المياه، محروم منها اللبناني.

وكأنه لا يكفي، فقدان الأدوية، كلفة المستشفيات المرتفعة، أسعار الاتصالات الخيالية، الارتفاع المجنون واليومي لأسعار السلع الغذائية، ومع كل ذلك الأموال المحجوزة في المصارف. حتى المليونير اللبناني بات كغيره في الطبقة الدنيا.

كل ذلك كان كفيلا بدفع اللبناني إلى الهجرة من دون أن يفكّر مرتين، لكن في هذا الوضع المزري عليه أن يفكّر عدّة مرات، فقد انضمت جوازات السفر إلى لائحة المفقودات الطويلة!

قد يبدو هذا غريباً للبعض، لكن اللبناني حُرم حتى من الهروب للتخلّص من هذا الواقع، وكأنّ الدولة اللبنانية تفرض عليه هذه الازمات شاء أم أبى. أصبح لبنان كجزيرة معزولة بالنسبة للبنانيين، لا المقيمون قادرين على الخروج ولا الوافدون قادرين على الدخول. بات لبنان للسياح فقط وبات اللبنانيون أرقاماً في بلد منفي.

بعد طوابير جوازات السفر التي كانت تبدأ من الثالثة صباحاً ومعاناة اللبنانيين، وذلّهم للحصول على جواز سفر بات مهمّشا عند الكثير من الدول أهمها دول الخليج، أصبح هذا الجواز غير متوفر أساساً، فلا جواز سفر جديد، ولا تجديد للقديم.

وفي هذا الاطار، أصدرت المديرية العامة للأمن العام بياناً تناولت فيه “الضغط الكبير الذي شهدته مراكزها منذ 2020 مما أثر في مخزون جوازات السفر لديها. لذلك اتخذت مطلع 2021 الاجراءات الادارية اللازمة وفقا للقوانين والأنظمة المرعية لتأمين جوازات سفر جديدة، وتواصل المسؤولون فيها مع ادارات الدولة ومؤسساتها لإبرام العقود المطلوبة والتعجيل بتأمين التمويل اللازم لتحقيق المشروع”.

وتابع البيان: “لكن حتى تاريخه لم يتم إيفاء الشركة المتعاقدة قيمة العقد الموقع، مما أدى إلى تأجيل تسليم الكمية المطلوبة الى الأمن العام، في وقت بدأت الكمية المتوفرة من جوازات السفر بالنفاد. وبناء عليه، اضطرت المديرية العامة للأمن العام الى وقف العمل بمنصة مواعيد جوازات السفر اعتباراً من تاريخ 27/4/2022 حفاظاً على صدقية الأمن العام أمام المواطنين لعدم منحهم مواعيد جديدة من دون إمكانية استقبالهم، وذلك إلى حين قيام المعنيين بإجراء اللازم وتأمين الاموال المطلوبة لتنفيذ العقد المبرم مع الشركة، مع العلم ان كل من يملك موعدا على المنصة سيتم منحه جواز سفر وفقا للموعد المعطى له سابقاً”.

إبراهيم: لا مواعيد جديدة إلا بعد فتح الاعتماد

المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أعلن أن “منصة تسجيل جوازات السفر لديها حجوزات حتى نيسان 2023 وبعدها سينفد المخزون إلى حين فتح الاعتمادات المطلوبة، وسيتم تسليم الجوازات لكل الذين تسجلوا حتى ذلك التاريخ، وبالتالي المواطن الذي يحجز بعد هذا التاريخ لن يستطيع الحصول على جواز سفر إلى حين فتح الاعتمادات المطلوبة للشركة الفرنسية التي تطبع جوازات السفر، ونؤكد أن كل من تسجل وأخذ موعدا سيحصل على الجواز”.

وشرح: “العقد مع الشركة الفرنسية أُنجز في تموز 2021، وتمّ حجز مبلغ بقيمة 22 مليار ليرة بما يوازي 15 مليون دولار تقريباً على سعر 1,500 على أن يتمّ التحويل فوراً. بالتزامن، كنّا نحذّر الجميع من دون استثناء من أنّ قدرتنا على الصمود وتأمين الجوازات محدودة. حصلت هجمة استثنائية وغير متوقّعة على الطلبات وكانت قدرتنا على إصدار جوازات السفر يوميّاً لا تتعدّى الثلاثة آلاف، فيما تقديم الطلبات يصل إلى 8 آلاف في النهار الواحد”.

أضاف إبراهيم: “بعدما قامت الشركة بالمطلوب منها، راسلت الحكومة والمعنيّين فيها. وبعد الضغط حوّلت الحكومة المال، لكنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفض التحويل على سعر الـ1,500 الرسمي، طالباً التحويل على سعر منصّة صيرفة. بعد الأخذ والردّ بين الحكومة ومصرف لبنان، تواصلتُ مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان ولقيت تجاوباً عبر تسهيل إقرار اعتماد استثنائي في 7 نيسان الماضي بقيمة 300 مليار ليرة. مع ذلك لم يحوّل مصرف لبنان المبلغ المرصود بسبب طلب وزارة المال تغيير البنود في العقد لناحية الضرائب والـTVA، وبعض الأمور التقنيّة. وما زالت القصة عالقة عند وزارة المال، لكن بعد آخر تواصل مع الوزير يوسف خليل أكّد لي أنّ التحويل سيتمّ بعد الأعياد”.

واستغرب إبراهيم عدم بتّ مسألة تدرّ موارد فورية إلى الخزينة “إذ إنّ جواز السفر يكلّف حوالي 12 دولاراً (يعني أكثر من 200 ألف ليرة). والمواطن يدفع قيمته اليوم مليوناً و200 ألف ليرة بعد تعديل مجلس الوزراء التسعيرة. هذا الفارق الذي يُقدّر بتريليون و500 مليار ليرة يذهب مباشرة إلى المالية”.

كما أشار إلى أنّ “هناك 20 ألف جواز سفر بمخازن الأمن العام لم يتسلمها أصحابها، وحوالي 69% لم يستخدموا جوازات السفر، ومشاكل كثيرة ستواجه اللبنانيين إن لم تقر الاعتمادات، وعلى الحكومة أن تجد حلا لهذا الموضوع”.

شارك المقال