صيف لبنان واعد… لكن متأرجح

تالا الحريري

يعتبر القطاع السياحي عاملاً أساسياً في نهضة القطاع الاقتصادي لناحية إدخال الأموال إلى لبنان وتنشيط حركة البيع والشراء إلى جانب نهضة الفنادق والمطاعم والمسابح ومراكز التزلج، وغيرها من الأنشطة الترفيهية. بإختصار القطاع السياحي سواء في الصيف أو الشتاء ينشّط الحركة في البلد.

وبعد تدهور القطاع السياحي في السنوات الأخيرة نتيجة تفشّي فيروس كورونا إلى جانب التوترات السياسية والأمنية، يعود هذا القطاع اليوم بمؤشرات إيجابية أبرزها أنّ الطائرات إلى لبنان “مفوّلة”. فهل ستكون هذه المؤشرات دافعاً لتحسين الوضع في البلد؟ وهل سينعم الوافدون باقامة مريحة من دون توترات؟

بعدما توقع نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود موسماً سياحياً مميزاً نتيجة إمتلاء الطائرات القادمة إلى لبنان من 30 حزيران إلى 15 أيلول المقبل، اضافة الى تفكير شركات الطيران العربية والعالمية و”طيران الشرق الأوسط” في زيادة عدد رحلاتها لاستيعاب العدد الكبير المتوقع وصوله من لبنانيين منتشرين أو عاملين في الخليج أو سياح عرب وأجانب، أكّد أنّ الحركة تحسنت من خلال نتائج مكاتب السفر والسياحة من 5 ملايين دولار في السنتين الماضيتين إلى 30 مليون دولار خلال الأشهر الماضية، لكنها لن تصل إلى ما وصلت إليه في العام 2018 بحيث شكلت تراجعاً بنسبة 55%.

بيروتي: نتوقع سياحة ناشطة

مؤشرات الطائرات “المفولة” حسب الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية جان بيروتي لا تعني أنّ هذه الطائرات متجهة إلى لبنان فقط “فالحجوزات من كندا وأميركا مفولة، والمسافرون من هذه البلدان سيمرون بأوروبا بالتأكيد قبل مجيئهم إلى لبنان، لذلك فإنّ ثلاثة أرباع الحجوزات هي على أوروبا ثم لبنان”.

وقال بيروتي لـ”لبنان الكبير”: “نحن نتوقع أن تكون السياحة ناشطة هذه السنة، وأنّ يكون موسم الصيف واعداً إلى حد ما، إذا لم تحصل أي خربطة. فالظروف الراهنة تبقى هي المتحكم الأول، وبعد سنتين من فيروس كورونا، أصبحت الناس متشوقة لزيارة لبنان”.

وأشار إلى أنّ “القطاع السياحي في أحسن أيامه كان يدخل الى الخزينة ما بين 9 الى 11 مليار دولار”، معتبراً أنه “يكفي إدخال 4 مليارات هذه السنة، فنحن نشحذ من البنك الدولي 3 مليارات سيعطينا إياها على 4 سنوات”.

وشدد على أن “الأحوال المناخية لا تؤثر على السياحة أو تغير وجهة المغتربين اللبنانيين، بل الظروف الأمنية وحدها هي التي تؤثر على حركة الوافدين. البلد لا يخلو من التشنج السياسي، وهذا ما قد يؤدي إلى إلغاء رحلات ما واضطرار المسافرين إلى إسترداد مالهم”، متمنياً “أن يكون هناك رشد سياسي، فليرحمنا السياسيون بخطاباتهم ومصالحهم، وبالتأكيد سينهض هذا القطاع بالقطاعات الأخرى، وإذا لم يفعلوا فلن يبقى أحد في هذا البلد”.

ريفي: الوضع السياسي لا يطمئن

من جهته، أوضح المحلل السياسي غسان ريفي لـ”لبنان الكبير” أنّ “من الطبيعي أن تتوقع النقابات السياحية صيفاً مزدهراً خصوصاً أنّ لبنان أصبح البلد الأرخص بالنسبة الى الوافدين نتيجة جنون سعر الدولار. وهذا لا شك سينعكس إيجاباً على البلد ويدخل اليه العملة الصعبة، لكن الأمر يبقى رهناً بالوضع السياسي الذي لا يطمئن، فالانتخابات أفرزت توجهات سياسية عدة”.

ولفت الى وجود ثلاث جهات “التوجه التقليدي أي الموجودون سابقاً، الجهات التي قادت الثورة ثمّ جددت نفسها بشعارات سيادية وتغييرية، وهناك نواب الثورة. وهذه الجهات يجب أن تكون على يقين بأنّ هذا البلد لديه حساسيات طائفية ومذهبية ومناطقية وسياسية. واليوم بدلاً من أن يكون هناك إستقرار وبحث جدي في سبل الحل، تسود الأجواء حالة توتر وتعطيل وليس لدينا وقت للترف”.

رمال: المغترب متحرر من القيود

أما إقتصادياً، فأكد عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال لـ”لبنان الكبير” أن “لبنان بات يعتبر من الدول الرخيصة نظراً الى أن أسعار المطاعم والفنادق والشواطئ وغيرها لا تزال بالليرة اللبنانية فيما سعر الصرف إرتفع كثيراً، وبالتالي المغترب أو السائح لا يتأثر بسعر الصرف نتيجة إمتلاكه الدولار، بل إنّه يستفيد من هذا الوضع. لذلك، يعتبر لبنان وجهة سياحية للمغتربين والسياح العرب والأجانب”.

ومن المعروف أنّ القطاع السياحي يعتبر من أهم القطاعات التي تساهم في نهضة القطاع الاقتصادي، لكن رمال شدّد على أنّ “دخول العملات الصعبة لن يكون له التأثير الكبير على الاقتصاد اللبناني لأنّه لن يكون هناك ضخ دولارات بصورة يومية. من الممكن أن يساهم دخول العملات الصعبة في هدوء سعر صرف الدولار لفترة قصيرة، ولكنه لا يؤثر بصورة فورية أو يُخفض سعر الصرف”.

أضاف: “لبنان اليوم بحاجة إلى مبلغ يومي معين، وهذا المبلغ أصبح عليه ضغط في الأسبوعين الأخيرين ولم تعد هناك قدرة لدى مصرف لبنان على ضخ الدولارات المطلوبة يومياً، من أجل ذلك حصل تراجع في منصة صيرفة ولم تعد فاعلة مثل بداياتها. فمن يريد أن يضع مبلغاً ليحصل عليه لاحقاً في منصة صيرفة تستغرقه هذه العملية قرابة 20 يوماً وأكثر حتى يستطيع أن يسترد ماله وبالتالي تكون قد ارتفعت المنصة”.

ورأى أنّ “السياحة تساعد في نهوض القطاع الاقتصادي وفي الحركة والدورة الاقتصادية الداخلية لأن القدرة الشرائية للمواطن أو الموظف اللبناني اليوم، أو من يحصل على ودائعه من المصارف بالليرة اللبنانية انخفضت، أمّا المغترب فهو متحرر من كل هذه القيود وبالتالي يساعد في الحركة اليومية وحركة الأسواق”.

شارك المقال