دراسات حول انتقال جدري القرود… لقاح وبوادر إيجابية

تالا الحريري

يبدو الوضع غير مطمئن بالنسبة الى إنتشار جدري القرود، فعلى الرغم من أنّه لا يشكّل خطراً كفيروس كورونا ويختلف في حدتّه، إلّا أنّ الاصابات به في تزايد مستمر. وبما أنّ الاصابة تنتقل بالتقارب أو التلامس الشديد، فالبعض يستغرب هذا الارتفاع الحاد، في حين من المحتمل أن يكون الانتشار الفجائي والكبير عائداً إلى تضاؤل الحماية من لقاحات الجدري، لاسيما بعد مرور أكثر من 40 عاماً على توقف التطعيم الشامل. لذلك، فإن كل ما ظهر حتى الآن ليس سوى دراسات أولية حول كيفية إنتقاله، التي تثير الشكوك في أعقاب ظهور عشرات الاصابات يومياً في مناطق عديدة، وتكثر التساؤلات عما إذا كان يتحوّر أو أنّه سريع الانتشار بين التجمعات الكثيفة.

وأشار المدير الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية​ ​أحمد المنظري​، في بيان، إلى أن المكتب الإقليمي للمنظمة للشرق المتوسط ظل يتابع عن كثب على مدار الأسابيع الماضية، تقارير عن جدري القرود في بلدان لا يوجد فيها هذا المرض عادة.

ورأى “أننا الآن في وضع أقوى بكثير نتيجةً لجهود الاستجابة والتصدي لفيروس كورونا على مدى العامين والنصف الماضيين، مما عزز قدرتنا في مجالي الترصُّد والتشخيص المختبري، الذي يسمح لنا بتحديد حالات الإصابة وتأكيدها بشكل أكثر فاعلية قبل أن يزداد انتشار الفيروس”. وهذا ما يدل على قدرة المنظمة العالمية على إحتوائه بسهولة، وقد أعلنت حتى 27 أيار الجاري عن ظهور نحو 200 إصابة بجدري القرود في أكثر من 20 دولة.

أما آخر ما توصل إليه العلماء والباحثون والأطباء المختصون في دراساتهم، فهو ترجيحهم أن العدوى من جدري القرود يمكن أن تؤثر على الرئة، بحيث أنّ هذا الجدري يقلل من إنتاج البروتينات التي تحافظ على سلامة الأنسجة الرئوية. وقال جوزيف براون، المعد الرئيسي وعالم أحياء الأنظمة في مختبر شمال غرب المحيط الهادئ الوطني: “فوجئنا برؤية مدى الضرر الذي أحدثه الفيروس على السلامة الهيكلية للرئتين”.

ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فان الطفح الجلدي قد ينتشر إلى الأغشية المخاطية داخل العينين والفم. ويتطور بالتتابع من لطاخات إلى حويصلات وبثرات وقشور تجف وتسقط. ويشكل خطورة أكثر على من يعانون من ضعف في جهاز المناعة والأطفال والنساء الحوامل بحيث يمكن أن ينتشر إلى الجنين.

وبالعودة إلى طبيعة الفيروس، ينتمي جدري القرود إلى مجموعة فيروسات أورثوبوكس Orthopoxvirus)) التي تعود إلى عائلة فيروسية مادتها الوراثية من نوعDNA تسمى “بوكسفيريدي” التي تعد من أكبر الفيروسات حجماً. وحتى الآن هناك سلالتان من الفيروس، إحداهما في غرب أفريقيا (وهي أقل ضرراً) والأخرى في وسط أفريقيا، ونظراً الى طبيعة الحمض النووي لهذا الجدري، فإن ظهور متحورات كثيرة منه (كما حدث مع فيروس كورونا) نادر جداً.

لقاح “إمفانيكس”

الى ذلك، ذكرت السلطات الصحية البريطانية أن أكثر من ألف جرعة من لقاح “إمفانيكس” للجدري، الذي تمت الموافقة عليه في الاتحاد الأوروبي منذ العام 2013، أعطيت لأشخاص خالطوا مصابين بجدري القرود منذ الظهور الأول للمرض في البلاد. وقالت متحدثة باسم وكالة الأمن الصحي البريطانية أنّ هناك حالياً 3500 جرعة أخرى في المخازن، لكن منظمة الصحة العالمية أشارت مؤخراً إلى أن هذا اللقاح غير متوافر عالمياً على نطاق واسع.

ومن الأنواع الأخرى للجدري: جدري الجمل (Camelpox virus) وجدري البقر (Cowpox virus) وجدري الراكون (Raccoonpox virus) وجدري فار الحقل (Volepox virus).

شارك المقال