التدخين في لبنان وسيلة هروب الى الجحيم!

جنى غلاييني

يعد وباء التبغ أحد أكبر التهديدات الصحية العامة التي شهدها العالم على مرّ التاريخ، فهو يودي سنوياً بحياة أكثر من 8 ملايين نسمة، بما في ذلك نحو 1,2 مليون وفاة في أوساط من يتعرضّون لدخانه لاارادياً، بحسب منظمة الصحة العالمية. ويعيش نحو 80% من المدخنين البالغ عددهم 1.3 مليار شخص في العالم في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

وما يشكل صدمة فعلية هو حلول لبنان في المرتبة الأولى من حيث نسب تدخين الشباب للنرجيلة والسجائر من أصل 68 دولة حول العالم، وفق دراسة سابقة تعتمد المراجعة المنهجية للجامعة الأميركية قارنت أرقام لبنان ببقية الدول. إذ تشير الإحصاءات الى أنّ 21.5% من الإناث البالغات في لبنان و48.6% من الذكور البالغين يدخّنون السجائر، مقابل 46.2% من الإناث البالغات و32.7% من الذكور البالغين يدخّنون النرجيلة. ويفقد لبنان سنوياً ما يقارب الـ 5000 شخص جراء الأمراض المميتة الناجمة عن التدخين.

وفي السياق، أطلقت استراتيجية وطنية في “اليوم العالمي للامتناع عن التدخين”، خلال اجتماع عقد في وزارة الصحة أول من أمس، بدعوة من المدير العام للوزارة بالوكالة فادي سنان الذي لفت الى أن “الهدف يتمحور حول إطلاق لوبي معني بمواكبة مجمل النشاطات والفعاليات المرتبطة بهذا الموضوع مع الحاجة الى وضع استراتيجية وطنية تنفذ على مدار السنة”. وأبلغ الحضور “إحالة مرسوم التحذيرات المصورة على علب التبغ إلى مجلس الوزراء تمهيداً لاقراره”.

أما المجتمعون فاستعرضوا “المقترحات التي يمكن تنفيذها عبر برنامج عمل مستدام لحماية المجتمع نظراً الى مخاطر آفة التدخين على أنواعه، لاسيما في أوساط الشباب ومن هم تحت السن القانونية، بحيث تنتشر هذه الظاهرة في المدارس والجامعات”. وتمنى الحضور على أجهزة وزارة الداخلية والبلدية “العمل على تطبيق القانون 147 المتعلق بالحد من التدخين في الأماكن العامة والمغلقة، على أن يعقد اجتماع لاحق للمتابعة في وزارة الصحة العامة”.

وكان سنان أعلن في وقت سابق قبل جائحة كورونا، أنه يباع في لبنان مليونان و200 ألف علبة سجائر في اليوم الواحد، فكم زاد العدد اليوم بعد كل ما مرّ به اللبنانيون من أزمات اقتصادية واجتماعية ومعيشية؟ اذ أن كثيراً ممن أقلعوا عن التدخين عادوا إليه، أو أن من لا يدخّن في الأصل بدأ بذلك لاعتقاده أن النيكوتين يخفف من قلقه وتوتره الدائم.

 وهناك كثيرون اتجهوا الى السجائر الالكترونية اعتقاداً منهم أنّها أقل ضرراً من السجائر العادية، مثل الـ VAPE التي راجت بين الشباب على نطلق واسع في السنوات الأخيرة، ولكن ذلك لا يعني أنّها آمنة إذ يحتوي رذاذ السجائر الالكترونية على مواد كيميائية سامة أقل من المزيج القاتل المكون من 7000 مادة كيميائية في دخان السجائر العادية، وعلى الرغم من ذلك فالنيكوتين والمواد الأخرى المتواجدة في السجائر الالكترونية تسبب العديد من الأمراض وأخطرها السرطان.

الى جانب السجائر الالكترونية اكتسح السوق اللبنانية نوع جديد وهو الـIQOS الذي يستخدم عبر تسخين سجائر الهيتس HEETS ولاقى هذا النوع من السجائر إقبالاً كبيراً بين اللبنانيين بدلاً من السجائر العادية كونه أقل ضرراً ويجعل الشخص يبتعد عن التدخين ببطء، لكنه لا يخلو أيضاً من المخاطر الصحية، إذ يسبب تراكم الترسبات وضيق الشرايين وغيرها من المشكلات الصحية. وفي الاطار، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) عدم وجود دليل كاف حتى الآن لدعم السجائر الالكترونية باعتبارها أقل خطراً من السجائر العادية.

أشكال التبغ جميعها تعتبر ضارة، ويظل تدخين السجائر النوع الأكثر شيوعاً لأنواع استخدام التبغ في أنحاء العالم كافة. وتشمل منتجات التبغ الأخرى تبغ النرجيلة، ومختلف منتجات التبغ العديم الدخان والسيجار والسيجاريليو والتبغ الجاهز للف باليد وتبغ الغليون ولفافات البيدي ولفافات الكريتيك.

أمّا انتشار التدخين في صفوف القاصرين فيُنذر بالأسوأ. إذ تشير الإحصاءات إلى أن 32.9% من الإناث و40.9% من الذكور، الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة، هم مدخّنون حاليون (بمعدّل أكثر من 36% من إجمالي القاصرين)، وفقاً لآخر إصدار من “المسح العالمي لصحة الطلاب في المدارس” GHSH لعام 2017. وهذه الأرقام الخطيرة، تحتّم ضرورة العودة إلى إجراءات منع التدخين، وايحاد حل جذري بالاقلاع عنه وليس ايجاد بديل أقل ضرراً.

شارك المقال