جوني وآمبر… قصة غربية بمفاعيل ذكورية شرقية

جنى غلاييني

في قضية الممثلين جوني ديب وآمبر هيرد التي أثارت اهتمام العالم وشهدت ضجة إعلامية كبيرة على مدار أسابيع متواصلة، فاز بنهايتها ديب في محاكمة التشهير ضد هيرد وحصل على 15 مليون دولار كتعويضات، بما في ذلك 5 ملايين دولار تعويضات عقابية.

ما القصة؟

باختصار، بدأت القصة في العام 2016 بعد طلاق كل من آمبر وجوني، حين رفعت عليه دعوى قضائية تتهمه فيها بالإساءة إليها عندما كان واقعاً تحت تأثير المخدرات والخمر على الرغم من نفيه الأمر، فتم الاتفاق على تسوية مالية بمبلغ 7 ملايين دولار دفعها جوني لطليقته التي أعلنت أنها سوف تتبرع بهذا المبلغ للمؤسسات الخيرية.

وفي العام 2018 وبعد الاعتقاد أنّ الأمور انتهت بينهما عند هذا الحد، فوجئ الجمهور بمقال رأي كتبته آمبر في صحيفة “واشنطن بوست” تحكي فيه قصتها مع الاعتداء الجسدي! فساد الاعتقاد أنّها تقصد جوني بما كتبته على الرغم من عدم ذكر اسم طليقها في هذا المقال.

وفي العام 2022 وبسبب هذه الإدعاءات التي أطلقتها آمبر ضد جوني، رفع الأخير دعوى قضائية على طليقته بتهمة القذف وتشويه السمعة كما فقد العديد من فرص العمل، وطالب بتعويض قيمته 50 مليون دولار، فقابلته آمبر برفع دعوى مماثلة ولكن مع المطالبة بتعويض 100 مليون دولار!.

وبعد 6 أسابيع من المرافعات والشهادات، قضت المحكمة مساء الأربعاء الفائت بإدانة آمبر بتشويه سمعة جوني، عبر مقال “واشنطن بوست”، وغرّمتها المحكمة 15 مليون دولار تعويضاً لصالح طليقها.

القصة أصبحت واضحة وانتهت، الا أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المجتمع العربي لم يتوقفوا عن الجدل حول هذه المسألة، بحيث اعتبر البعض أن المحكمة أنصفت الزوج الذي لم يؤذ زوجته جسدياً، في حين رأى البعض الآخر أنّ المرأة مظلومة ولا تأخذ حقوقها إن كان في المجتمعات الغربية أو الشرقية. وبعيداً من الجدل القائم بين هذا الفريق وذاك لا بد من السؤال: ما مدى تأثير هذه القصة والحكم القضائي فيها على المجتمع العربي المصنف بالذكورية وخصوصاً على المرأة التي لا تجرؤ على الشكوى ضد زوجها في حال اعتدى عليها، في كثير من الأحيان؟

تعتبر المعالجة النفسية والناشطة الاجتماعية والنسوية، هانيا كنيعو في حديث لـ”لبنان الكبير” أن “غالبية المجتمعات العربية هي مجتمعات ذكورية، لذا لن تتقبل فكرة تعنيف المرأة لزوجها وتعتبر هذا شيئاً معيباً كون الرجل هو من يملك مركز السلطة والقوة، لذا هو من لديه الجرأة لتعنيف زوجته لأنه محمي بالسلطات الرسمية كالقوانين ورجال الدين والسياسة”.

وتضيف: “هنا يمكن القول إن الرجل في مجتمعاتنا يصنّف في خانة من يقوم بالتعنيف، والمرأة في خانة المعنفة ودائماً هي الضحية، ما يعني أنّ المجتمع الذكوري مسيء الى كل من المرأة والرجل وبالتالي هذا الأمر يؤثّر بشكل كبير جداً. فعلى سبيل المثال اذا أقدمت امرأة على تقديم شكوى بأنّ فلاناً قام بتعنيفها فقد تتلقى كماً هائلاً من الضغوط وتعتبر في بعض الأحيان كاذبة وأنها تلعب دور المسكينة والمعنفة والضعيفة، وقد تربط حالتها بحالة أخرى حصلت عبر تعنيف الزوجة لزوجها وبهذه الطريقة يغذي الرجال ذكوريتهم. لذا المرأة في المجتمع الذكوري هي دائماً على خطأ والرجل على صواب، فلا رادع قانونياً جدياً يحميها من كل أنواع العنف إن كان جسدياً أو لفظياً أو نفسياً”.

وإذا أردنا التمييز بين المجتمعات الغربية والشرقية، تقول كنيعو “نرى كما ذكرنا سابقاً أن في المجتمعات الشرقية القوة الذكورية هي المسيطرة، أما في المجتمعات الغربية فهناك بعض الفكر الذكوري لكنه ليس سائداً كثيراً كون هذه المجتمعات تسلط الضوء على حقوق الإنسان والمساواة بين الرجل والمرأة ولديها حرية أكثر من المجتمعات الشرقية في إقامة التظاهرات ضد القوانين وغيرها. وهذه الأمور من شأنها أن تكسر حاجز الصمت عند المرأة الغربية لتصبح لديها الجرأة للإبلاغ عن تعنيفها لأنّها على يقين بوجود قانون يحميها في نهاية المطاف. ومع الأسف العكس صحيح في المجتمعات الشرقية فالتشكيك في صحة بلاغ المعنفات والمغتصبات أمر عادي جداً ولا يؤخذ على محمل الجد وليس هناك اهتمام بحمايتهن إذ يعتقد أنه بهذه الطريقة تحارب الذكورية، فيلجأ الرجل الى اختلاق الأعذار والحجج لممارسة العنف الذي يؤدي في أحيان كثيرة الى جرائم الشرف”.

وتختم كنيعو: “العنف لا جنس له ولا معيار، فهو يطبق على المرأة وعلى الرجل أيضاً، وواجبنا هو الوقوف مع المعنّف مهما كان جنسه. وعلى كل شخص يتعرض للتعنيف أو الاغتصاب أو التحرش أو غيره الإبلاغ فوراً بهدف الحد من تكرار العنف وزيادة حالاته”.

شارك المقال