الأب في عيده… شكر لا يكفيه العمر

جنى غلاييني

يحل عيد الأب كل عام على لبنان من دون أن يتنبه له الكثيرون، بعكس عيد الأم الذي يأخد صدى واسعاً، الا أن لهذا العيد طعمه الخاص هذه السنة ليس لأنّ تاريخ 21 حزيران تحوّل الى مناسبة عامة، بل لأنّ ظروف الحياة القاسية والصعاب التي تواجه رب كل عائلة في لبنان جعلت الجميع يلتفتون الى هذا اليوم ليقولوا شكراً من القلب لكل أبٍ يمارس أكثر من مهنة ويعمل ليل نهار لتأمين أبسط حاجات عائلته، ولكل أبٍ يقدم أثمن التضحيات من أجل إبقاء الأمل والحب مزروعين في قلوب أبنائه.

متى وأين بدأ الاحتفال بعيد الأب؟

يوم الأب العالمي، هو أحد الأيام العالمية وشبيه بعيد الرجال العالمي، ويتم فيه تكريم الآباء، وهو مناسبة للتعبير عن الشكر والاعتراف بالجميل لجهودهم واستذكار مآثرهم والاحتفال بهم في جميع دول العالم. ولكن تختلف مواعيد الاحتفال بيوم الأب العالمي، فبينما خصصت بعض الدول تاريخ 21 حزيران للمناسبة، تحتفل دول أخرى به في 19 حزيران، في حين ذهبت بلدان أخرى إلى اعتبار ثالث أحد من شهر حزيران يوماً للأب.

ظهرت هذه المناسبة في المجتمعات الغربية قبل العربية، وعيد الأب تقليد يعود تاريخه إلى العصور الوسطى منذ العام 1508 في البلدان الكاثوليكية في أوروبا، حيث اجتمع المصلون لتكريم الأبوة والروابط الأبوية، وتم الاحتفال بهذا الحدث باعتباره يوم القديس يوسف في 19 آذار من كل عام.

وتختلف القصص حول أصل نشأة هذا اليوم في العصر الحديث ولكن تبقى أكثر القصص شهرة، في الولايات المتحدة مبادرة المعلمة الشابة سونورا سمارت دود التي تعد مؤسس العيد الوطني الأميركي الرسمي للأب، على الرغم من أن خدمة عيد الأب أقيمت في 5 تموز 1908 في ولاية فرجينيا الغربية لتكريم الآباء الذين قُتلوا في كارثة منجم مونونجا.

نبعت الفكرة عند سونورا عند الاستماع إلى خطاب في الكنيسة حول عيد الأم، في ذلك الوقت شعرت بقوة أن الأبوة بحاجة إلى اعتراف بالجميل، وخاصة أنها تكن تقديراً عظيماً لوالدها وليام جاكسون سمارت المخضرم الأميركي في الحرب الأهلية الذي توفيت زوجته ووهب نفسه وحياته لتربية أبنائه الستة.

اقترحت سونورا الفكرة على تحالف سبوكان الوزاري وطلبت أن يكون عيد ميلاد والدها في 5 تموز يوماً لتكريم الآباء. لم يحظ التاريخ باهتمام التحالف الذي اختار يوم الأحد في الثالث من حزيران بدلاً من ذلك، وتم الاحتفال بيوم الأب الأول في 19 حزيران 1910، في سبوكان في واشنطن.

رسالة من الأبناء الى آبائهم

“أغلى حبيب وأعظم أب” بهذه الكلمات يصف علي حمدان أبيه، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “هو من علّمني أن أكون رجلاً وشجاعاً أمام كل التحديات، خاصةً في لبنان، البلد الذي علمني أبي كيف أحبّه وأعشق ترابه. لا أنكر دور أمي أيضاً، لكن أبي حالة استثنائية، فمثلما تعبت أمي في حملي 9 أشهر وعلى تربيتي ورضاعتي، تعب أبي أيضاً لكي أصل الى ما أنا عليه اليوم، ولولا عرق جبينه لما دخلت جامعة خاصّة وتخرجت برتبة شرف، ولولاه لما أصبحت رجلاً… أقول لأبي كل عام وأنت نور حياتي”.

وتعبّر فرح قديماني من صميم قلبها عن محبتها لوالدها، وتشكره “لأنه جعلني أرى ما الذي أبحث عنه في الرجل. فعندما أنظر إلى زوجي أرى التشابه نفسه بينه وبين أبي وهما زوجان مخلصان مكافحان ومناضلان، فالرجل يفعل أي شيء من أجل أسرته على الرغم من المضايقات التي قد تقذفها الحياة في طريقه”. وتخاطب والدها بالقول: “من أعماق قلبي، شكراً لك، لأنك أظهرت لي جوهر الرجل الحقيقي. لقد كنت ولا تزال مثال الأب الذي أفخر به”.

وبقدر سعادة فرح، تشعر تالا العجمي بغصّةٍ كبيرة كونها مغتربة منذ سنتين، بعيدةً عن عائلتها، وخاصة عن أبيها المريض الذي تراسله كل يوم لتطمئن عليه، وعلى الرغم من ذلك ترى أن ذلك ليس كافياً لوجود مسافات تفرّقهما عن بعضهما البعض، وتقول: “أبي من كان السبب في جعلي انسانة مميزة في حياتها وهو وأمي أغلى ما أملك. أبي بطل قصتي في هذه الحياة، ولا أجد الكلمات المناسبة لأصف مقدار حبي له، وأتمنى لو كنت الى جانبه أرعاه كما رعاني منذ الصغر حتى اليوم، لكنني بعيدة عنه اليوم لأنني أخذت بنصيحته وغادرت الوطن لتأسيس مستقبل أفضل، وسأسعى جاهدةً الى النجاح على الرغم من القهر والشوق فقط ليستقبلني لاحقاً كإبنة تليق بوالد مثله”.

شارك المقال