اليوم العالمي للاجئين… تهجير قسري ومعاناة مستمرة

تالا الحريري

لا يسعنا الحديث عن اللاجئين من دون أنّ نتطرق الى حرمانهم من أرضهم ليجدوا أنهم قد أُلقوا في بلاد لا يعرفونها. يحاولون بكل الطرق المسالمة وغير المسالمة التأقلم مع البيئة التي قد تكون بعيدة كل البعد عن تربيتهم وعاداتهم. الحرب والصراعات التي يخوضها الحكام لا يتحمل وزرها سوى الشعب، وخصوصاً الشعب الفقير. فمن لا يملك قرشاً يعتاش منه او حتى من خسر ما يملكه في الحرب سيجد نفسه مهاجراً غير شرعي وسط البحر تتقاذفه الأمواج معرضاً نفسه وعائلته للخطر من أجل الهروب بحثاً عن الأمان والسلام. ولكن ليست كل دول أوروبا جميلة كما نراها على الشاشات، وليست دول الشرق الأوسط مسالمة بقدر ما نسمع عنها. كل منّا يغار على أرضه وترابه ويتشبّث بالذكريات التي عاشها على تلك الأرض، لذلك تبقى نظرة المقيمين الى اللاجئين نظرة حقد وكراهية وكأنّهم جاؤوا ليسلبوا هذه الأرض منهم، ولكن على البعض أن يتذكر أنه أيضاً كانت له ذكريات يتشبث بها وأرض هُجّر منها.

من نكبة فلسطين 1948 إلى حرب سوريا 2011، إلى العنف الذي تسبب به تنظيم “داعش” في العراق سنة 2014 الذي هجّر العراقيين إضافةً إلى إستقبال العراق لاجئين من سوريا ودول أخرى، الى تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في فنزويلا  في 2015، ثم الحرب الأهلية في السودان التي استمرت 5 سنوات (من 2013 إلى 2018)، إلى هجرة سكان من أميركا الوسطى وتحديداً من هندوراس في الـ2018 وغيرها العديد من الدول، وصولاً إلى أفغانستان بعدما استولت “طالبان” عليها، وأخيراً هجرة الأوكرانيين نتيجة حرب روسيا على بلادهم وممارساتها العنيفة التي تسببت بنشوء أسرع وأكبر أزمة نزوح قسري منذ الحرب العالمية الثانية. وقد استقبلت بعض الدول هؤلاء اللاجئين، أما البعض الآخر فقد رفضهم منذ البداية.

يصادف يوم اللاجئين العالمي في 20 حزيران من كل عام وحددته الأمم المتحدة تكريماً للاجئين في جميع أنحاء العالم، ويسلط الضوء على قوة وشجاعة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم هرباً من الصراعات أو الاضطهاد. أُقيم أول احتفال بهذا اليوم على مستوى العالم لأول مرة في 20 حزيران 2001، عقب الذكرى الخمسين لاتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئ، وبروتوكولها عام 1967، ويتمثل المبدأ الأساس فيها في عدم الاعادة القسرية لأي لاجئ الى بلد يمكن أن يواجه فيه تهديداً خطيراً لحياته أو حريته.

وكما حدث في تركيا مؤخراً، حيث يتعرض اللاجئون السوريون إلى تعدٍ مستمر من الأتراك، ورفض الشعب التركي وجودهم على أراضيه كونهم أفسدوا البلد، أدان رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان هذه الأفعال، مؤكداً “أننا سنحمي حتى النهاية أخواننا المطرودين من سوريا بسبب الحرب… لن نطردهم أبداً من هذه الأرض”.

وفي موقف آخر، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال زيارته لاجئين من العراق وأفغانستان في مدينة نيويورك، أن “ملايين اللاجئين في جميع أنحاء العالم، يساعدون في إدخال حياة جديدة وازدهار وتنوع للمجتمعات المضيفة لهم. يجب أن نواصل دعمهم، موضحاً أن “أعداد اللاجئين اليوم بلغت في العالم مستويات قياسية”.

يُذكر أنّ نسبة اللاجئين الفلسطينيين هي الأعلى مقارنة بالشعوب الأخرى في جميع أنحاء العالم، يليها اللاجئون الأفغان بتسجيل نسبة 2.6 مليون حول العالم. في حين بلغ عدد المهجرين في العام 2021 89.3% أي أنّهم زادوا بنسبة 8% عن العام 2020. وبحلول العام 2022، تعرض أكثر من 100 مليون شخص للنزوح قسراً في جميع أنحاء العالم بسبب الاضطهاد أو الصراعات أو العنف أو انتهاكات حقوق الإنسان. مع التأكيد على حق الجميع في طلب اللجوء هرباً من العنف والاضطهاد ومسؤولية الدول في إحتواء هؤلاء اللاجئين واعطائهم الحقوق التي يجب أن يتمتع بها كل إنسان من أي دولة أو دين أو عرق.

شارك المقال