السيارات الكهربائية منفذ تكنولوجي جديد… وسيئاتها تحد من انتشارها

تالا الحريري

بتنا نعيش في عالم تسوده التكنولوجيا، التي فاقت التصورات وآخذة في التطوّر كل ساعة، تواكب الناس في حياتهم لتقدم لهم أسهل الطرق للإفادة منها. طرحت السيارات والدراجات النارية التي تعمل على الكهرباء بدلاً من البنزين، لكنّها لم تلق ترحيباً في البداية، كما أنّ الكثيرين راودهم الشك والقلق حول كيفية التعامل معها وقيادتها في أماكن بعيدة، إذ قد تتوقف عن العمل فجأة. لكن من جانب آخر نرى أهمية هذه السيارات الكهربائية في الحفاظ على البيئة والتخفيف من التلوث المتصاعد من السيارات التي تعمل بالوقود، ويتم الآن التوجه إلى مصادر الطاقة البديلة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها. وفي ظل غلاء البنزين في لبنان وفي بعض الدول أيضاً، تأتي السيارة الكهربائية لتخفف العبء عن المواطن نظراً الى محدودية راتبه مقارنةً بالمصاريف التي تترتب عليه.

منذ عام تقريباً كشفت الشركة العالمية للخدمات الاخبارية والاعلامية والمعلومات المالية “بلومبيرغ إنتليجنس” أنّ حجم السوق العالمية للسيارات الكهربائية في نمو متزايد، إذ كان هناك حينها أكثر من 5.6 ملايين سيارة كهربائية، مشيرة في دراستها إلى أنّ مبيع هذه السيارات سيصل إلى 10% في العام 2025، 28% في العام 2030 ثم إلى 58% في العام 2040. وبريطانيا كانت تملك في العام 2021 نحو 300 ألف سيارة كهربائية، وبحلول العام 2030، سيكون فيها ما يقرب من 11 مليوناً.

واليوم، بعدما ازداد الطلب على الطاقة الشمسية نظراً الى غياب الكهرباء كلياً، تبيّن أنّه يمكن الافادة من بطارية هذه السيارات لإنارة المنازل وذلك عن طريق استخدام الطاقة المخزنة فيها، وأول إستخدام لهذه التقنية بدأ في اليابان، إذ يمكن لهذه البطاريات تخزين 18 غيغاوات في الساعة من الكهرباء.

تعتبر شركة “تيسلا” التابعة لرجل الأعمال إيلون ماسك، أكبر شركة سيارات كهربائية والرائدة في العالم، وقد باعت 75% من السيارات الكهربائية داخل الولايات المتحدة الأميركية خلال الربع الاول من العام 2022. لكن اليوم تنافس شركة “فولكس فاغن” الألمانية للسيارات، التي تعمل على مضاعفة إنتاجها من السيارات الكهربائية إلى مليونين بحلول العام 2024، شركة “تيسلا”، إذ تركز على إنتاج السيارات الكهربائية وبيعها في السوق الأوروبية.

والجدير بالذكر أنّ “تيسلا” تعاني أساساً من تراجع مستمر في أسهمها، إذ هبطت قيمة سهمها 6% الأسبوع الماضي نتيجة المشكلات التقنية والمتعلقة بالسلامة في نظام التحكم أثناء قيادة سياراتها، وكذلك السيارات ذاتية القيادة. إلى جانب تغريدات ومواقف ماسك التي بات يراها البعض “تضر أكثر مما تنفع”.

وفي لبنان، أطلقت شركة لبنانية العام الماضي أول سيارة كهربائية محلية الصنع حملت اسم “القدس رايز” لمؤسّس المشروع رجل الأعمال جهاد محمد، وبلغ سعرها ثلاثين ألف دولار مقارنةً بسعر سيارات “تيسلا” التي تصل إلى 75 ألف دولار أو أكثر.

في السياق، قال الباحث في مجال النقل علي الزين لموقع “لبنان الكبير”: “هناك توجه الى سيارات الكهرباء في العالم عموماً، في ظل غلاء البنزين. لكن العامل الأساس كان الموضوع البيئي خصوصاً في أوروبا، التي شعرت أنّها معنية أكثر بالبيئة. وفي دول أخرى كانت الدولة هي التي فرضت هذه السيارات كفرنسا وهولندا حيث منعت سيارات الديزل في بعض الأماكن. لكن البعض توجه الى السيارات الكهربائية كموضة فقط”.

أضاف: “من الآن حتى العام 2040 هناك الكثير من الشركات التي لن تصنع سيارات حرارية. في لبنان لم نعش ذلك لأسباب عدة: أولاً ثقافة سيارات الكهرباء لم تنتشر، ثانياً غلاء هذه السيارات وعدم التسويق لها بالصورة الصحيحة، وثالثاً مشكلة الكهرباء. كما أنها ليست أولوية بالنسبة الى الدولة أو المواطن”.

وعن نسبة توفير السيارات الكهربائية في ظل الغلاء، أوضح الزين أن “السيارات الكهربائية أغلى سعراً من الحرارية ولكن كصيانة أرخص، وتحتاج بطارية السيارات الكهربائية إلى تغيير كل 3 – 5 سنوات. الا أنها توفر في الاستعمال اليومي، والتكلفة حسب الكيلوواط. أمّا في لبنان فمن الصعب حساب صرف الآلات الكهربائية مع السيارة، لذلك لا تزال قيد البحث ولا يمكننا أن نجزم كم تصرف من الكهرباء مقارنةً بمعرفتنا كم تصرف من البنزين”.

وأشار الى أن “أكثر ما يلوث البيئة هو قطاع السيارات والانبعاثات التي تصدر منها، لذلك فإنّ سيارات الكهرباء محافظة على البيئة والانبعاثات منها معدومة. في المقابل، نرى أنّ بطارياتها وتصنيعها ملوثة جداً، فحسب التقدير هو ملوث مرة ونصف أكثر من الحرارية. فالبطارية تبقى قيد الاستعمال حوالي 3- 4 سنوات وحتى الآن لا يوجد تدوير لها، كما أنّ كل شيء مرتبط بالسيارة الكهربائية ليست له اعادة تدوير وهذا تلوث اضافي”.

وكما لهذه السيارات حسنات، فهناك سيئات أيضاً منها: “استعمال مواد غير متوافرة كثيراً، فهناك العديد من الشركات كتيسلا التي صدرت عنها فضائح بأنها تقوم بتشغيل الأطفال لإحضار المواد الاولية التي تُصنّع منها البطاريات. كما أنّ سعر السيارات الكهربائية عال جدّاً مقارنةً بالحرارية. أضف إلى ذلك عدم وجود ميزة الاستقلالية في هذه السيارات، إذ أنّ عدد الكيلومترات التي تمشيها محدودة ولا توجد دائماً آلات تشريج. وهنا في لبنان ليس هناك الكثير من محطات التشريج. في أوروبا أقاموا ثورة في عالم التشريج، لكن لا بد من ذكر أنّ ليس كل المحطات تعمل على كل نوعيات السيارات”، بحسب الزين.

ومن مساوئ هذه السيارات أيضاً، تابع الزين: أنه “لا يمكن استخدامها للمشاوير البعيدة. كما أنّها تعتبر سوقاً جديدة أي أنّ كل شركة تقوم بتصنيع بطاريتها الخاصة بنفسها وهذا استثمار كبير لكن عبثي. فإذا قارناها بالسيارات الحرارية نجد أنّ هناك شركات موحدة لتصنيع الموتور أو الفيتيس مثلاً وهذا يكون أسهل وأنظف وأرخص. وأخيراً، لا يوجد للسيارات الكهربائية صوت، وهذا يشكل خطراً على السلامة، فعندما تعمل لا تصدر صوتاً وبالتالي قد لا يدركها المارة أو أي سيارة أخرى عابرة”.

شارك المقال