لا كنافة ولا معمول… بالعيد “مش مقبول”

جنى غلاييني

في لبنان هذا العام لا مظاهر كالعادة للاحتفال بعيد الأضحى المبارك، فلا زينة ولا أضواء متلألئة في الشوارع والطرقات، فالكهرباء مقطوعة على أي حال. وفي أيام العيد تحلو التجمعات العائلية حول المائدة العامرة بالمأكولات الشهية والحلويات العربية خاصّةً معمول العيد أو الكنافة وغيرها مما لذ وطاب، الا أن محال الحلويات بات لا يقصدها الا من كانت جيبته “مليانة” لأن الأسعار فاقت الحد المعقول والمقبول.

فمع غياب أدنى مقومات العيش فقد العيد بهجته، اذ بالكاد بات راتب المواطن اللبناني يكفيه حتّى منتصف الشهر لسد جوعه وعائلته، ولا يخوله شراء معمول العيد الذي أصبح ثمنه باهظاً وليس بمستطاع الجميع، كما حرمه ضيق الحال من أن يعيّد مع عائلته التي حرمت أيضاً من التنزه أو حتّى من شراء ثياب جديدة للعيد، وربما هناك عائلات كانت معتادة على ذبح خروف العيد وتوزيعه على الفقراء، الى أن وجدت نفسها من فئة الفقراء في نهاية المطاف.

وبالنّظر الى الحلويات التي كانت بمتناول الجميع يشتري منها المواطن ما يشتهيه من دون أن يحسب حساب السعر، فقد ارتفع سعر كيلو المعمول المشكل من 300 ألف ليرة الى 820 ألفاً في بعض المحال الفخمة التي لها اسم عريق في مجال الحلويات، فيما سعرها قارب الـ 300 ألف في المحال العادية والصغيرة التي تهتم بصنع الحلويات بتكلفة أقل لا تؤثر على مذاقها الجيد.

في المقابل، هناك بعض النساء اللواتي يفضلن صنع معمول العيد في المنزل كونه أطيب وأوفر من شرائه من محال الحلويات التي أصبحت تنافس بعضها في غلاء الأسعار، مثل الجدة سماح مغربل التي تصنع المعمول بنفسها لأحفادها وأولادها في كل عيد، فهي ترى أنه أفضل وألذ على الرغم من أنه يحتاج وقتاً. وتقول: “أذهب دائماً لشراء المواد اللازمة التي أحتاجها لصنع المعمول من سكر وطحين وزبدة وسميد وتمر وفستق وسكر ناعم وحليب والعديد من المواد التي يجب أن تكون متوافرة، ولكن هذه المرة عندما ذهبت الى السوبرماركت فوجئت بارتفاع أسعار كل شيء، واذا أردت شراء المكونات غير المتوافرة في منزلي فقط ستكون فاتورتي لا تقل عن ٣٥٠ ألفاً عدا عن سعر الأوراق الخاصة بلف المعمول، لذا قررت عدم صنعه والاكتفاء بتحضير مأدبة غداء لأولادي وأحفادي من طبق رئيسي واحد والى جانبه بعض المقبلات”.

أما الشابة نيفين محمد فتشير الى أنّ العائلة تجتمع في كل عيد في منزل جديها وتأخذ معها ما لذّ وطاب من المعمول والكنافة من أفخم المحال “أمّا اليوم بعدما انقلب كل شيء رأساً على عقب أصبح راتبي لا يكفي لشراء ولو القليل جداً من هذه الحلويات فبالكاد أتدبر أموري الأساسية. وفي يوم العيد سأكون حزينة لعدم قدرتي على إدخال الحلويات الى منزل العائلة وهي تعتبر من تقاليدنا التي حرمنا منها، فالعيد بلا حلويات غير مقبول أبداً”.

ويلفت ربيع وهو صاحب محل حلويات سابقاً أغلقه بعد تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار، الى أن “الناس كانت في كل عيد تقف بالصف على باب المحل لشراء المعمول، والكمية تنفد قبل الساعة الواحدة ظهراً، ومع ظهور الأزمة ارتفعت الأسعار بشكل جنوني وأصبحت أجد صعوبة في شراء مكونات الحلويات الأصلية ولم أرغب في اللجوء الى الأوفر كي لا يتأثر مذاق الحلو، ولأنّ المحل كان بالإيجار ونظراً الى تراجع نسبة البيع فضّلت إقفاله والعمل في مطبخ أحد الأوتيلات”.

شارك المقال