حالات التسمم في لبنان… بين فساد الغذاء وغياب الكهرباء

جنى غلاييني

تتزايد حالات التسمم الغذائي في لبنان مع بداية الصيف وسط تزايد انقطاع التيار الكهربائي الذي أصبح شبه تام، وبالتالي فإن المواطنين يجدون صعوبة كبيرة في إبقاء الطعام سليماً لأكثر من يوم، وهذا ما يجعلهم عرضة لخطر تسمم غذائي قد يصيبهم. وعلى الرغم من أنّهم يحاولون بكل الوسائل تأمين لقمة عيشٍ تسد جوعهم وأولادهم يجدون أنفسهم أمام مصيبة أكبر في حال تعرّضوا لتسمم قد يدفعهم إلى دخول المستشفى بجيوب ” فاضية”.

وفي حديث لـ “لبنان الكبير” يوضح الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور جاك مخباط، أن “هناك مليون ألف سبب لزيادة حالات التسمم في البلاد، أوّلها عدم معرفة نوعية المواد الغذائية واللحوم المستوردة. وثانياً عدم معرفتنا بصدقية المدة الصالحة للمواد الغذائية التي نتناولها إن كان من البيض أو المعلبات أو الأجبان والألبان، فهذا الأمر يعود إلى التجار. ثالثاً ليست لدينا فكرة عن كيفية حفظ تلك المواد واللحوم ووجود كهرباء تحفظها في الثلاجات والبرادات، والعديد من الأسباب التي تجعل هذه المواد غير جيدة وغير صالحة للاستهلاك بحيث تنمو فيها الجراثيم المسببة للتسمم الغذائي”.

ويشير مخباط الى “أننا نرصد في المختبر لدينا زيادة الإصابات بجرثومة السالمونيلا والتي تأتي من تلوث الغذاء من البراز الحيواني والإنساني، وذلك نتيجة أنّ نظام الصرف الصحي في لبنان غير جيد وغير منظم ما يؤدّي إلى التسبب بالتسمم الغذائي”.

ويضيف: “هناك عدّة جراثيم ينتج عنها تسمم غذائي ومنها السالمونيلا إضافة إلى الفيروسات التي تسبب إسهالات حادّة وحرارة وتعباً جسدياً مباشرةً بعد تناول الطعام المسمم، ولكن حتّى الآن لا توجد حالات وفاة ناجمة عن التسمم الغذائي في لبنان”.

وعن الحالات التي يتم رصدها يومياً في المستشفيات نتيجة جرثومة في المعدة، يقول: “الطرقات مليئة بالنفايات ما يتسبب بتجمع للجرذان والذباب والفئران التي تحمل معها الجراثيم وتوزّعها أينما كان”.

تعرب حليمة منعم عن استيائها من عدم قدرتها على شراء المواد الغذائية من أجبان وألبان وكل ما يحتاج إلى تبريد وذلك بسبب الانقطاع الدائم للكهرباء، وتقول: “كل مرّة أشتري شيئاً لنتناوله يفسد في اليوم التالي وأضطر إلى رميه، حتى الفواكه كالبطيخ مثلاً لم أعد قادرة على شرائها ووضع ما تبقّى في البراد كي لا تحمض، فمنذ بدأت أزمة الكهرباء وأنا أعاني من رمي الطعام في سلة المهملات، وصرت لا أحضر جبنة ولبنة إلى البيت إلّا بكميات قليلة لا يبقى منها شيء ليوضع في البراد”.

وتؤكد كوثر اللبان أنّها اضطرت الى دفع مال اضافي لصاحب المولد كي تستطيع تشغيل الثلاجة بعدما تسمّمت من طعام بقي يوماً فيها وهي مطفأة. وتقول: “لا أتحمّل رمي الطعام كلما وضعته في البراد المطفأ وأخرجته منه في اليوم التالي متعفّناً، لذا اضطررت أن أعطي صاحب المولد مبلغاً إضافياً لكي أستطيع تشغيله بعدما أصبت بتسمم غذائي جراء تناولي قطعتي دجاج من البراد قمت بتسخينهما وما لبثت أن شعرت بحرارة ووجع شديد في المعدة ما استدعى دخولي الى المستشفى ودفعت يلي فوقي ويلي تحتي”.

أمّا سارة التي تسمّمت مرتين، فكانت المرّة الأولى حين طلبت وجبة طعام جاهزة من مطعم مشهور، والثانية عندما تناولت طعام معلّبات، وتشرح: “طلبت برغر لحمة من المطعم نفسه الذي كنت معتادة على أن أطلبه منه دائماً، ولكن بعدما تناولته أحسست بمغص شديد جدّاً وبدأت أصرخ من شدّة الألم إلى أن أُسعفت في المستشفى وكانت النتيجة تسمماً من قطعة اللحم. وما كان منّي إلّا الاتصال بهذا المطعم وابلاغه عما تعرّضت له بسبب سوء تخزين المواد الغذائية لديه. اما المرّة الثانية فتسممت نتيجة تناول علبة تونا بالزيت وسببت لي ألماً خفيفاً وإسهالاً ولكن لم أدخل الى المستشفى بل اكتفيت بتناول الأدوية المناسبة”.

شارك المقال